إن أصعب حوار تديره هو مع هؤلاء الذين يعتقدون أن المرأة سلعة ينبغي تغليفها حتى لا يقوم أتباعهم بالنَّظرِ إليها وتفسد نظرَتهم لها، فالاعتقاد في هذا المحيط عمَّ حتى ابتدع لنا قماشًا لونه أسود يُجبر كل نساء هذه البقعة على الشرنقة به ، وقد استحدثوا ما يُسمى ب " العباءة " وأصبحت واجبة على كل امرأة وإلا سوف تُرجم بأفواههم إن لم ترتديها وشاع هذا الاعتقاد حتى أصبح إلزامًا عليها مع أنه لم يشرع في المراجع الإسلامية وإنما هي اجتهادات رميت على عاتقها .

حشمة المرأة تُقاس بالخلق بينما مستحدثي هذه العباءة السوداء يقيسون نساءهم بها، فالعباءة هذه ليست عبادة وتقرب إلى الله وهنا قد وقعنا في بدعة لم تنص في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا حتى في شيءٍ من سيرة الصحابة رضي الله عنهم ذكرت دلالات تنص على أن هنالك قطعة قماش ينبغي أن ترتديها المرأة، فكلها من خيالات الذين يتفكرون في عزل المرأة عن المجتمع والعمل والعالم كله ويريدونها كائنًا حيًّا مشرنقًا ، فقد قضوا على هوية المرأة أيضا حين أمروها بتغطية الوجه فكانت موجة الصحوة لها أثر كبير في الجزيرة العربية وخاصة نحن ٣٠ سنة وأكثر ونحن نعاني من تغلغل الصحويين الذين أحدثوا نكسة إسلامية في بعض العقائد ومعتقدات الناس وخلقوا كتلة الغلو حتى حلّ بهم التطرّف الذي يقتل صاحبه.

 فالمرأة مثلها مثل الرجل على حدٍّ سواء فقد كرمها الإسلام وليس بني آدم هو المكرم وحده عن كل الكائنات، أليست هي الأم والجنة تحت أقدامها !؟ أليست هي ابنةٌ تدخل إليها الجنة ؟! فالمرأة عظيمة دينيا لكن المتشددين هم من تدبروا في خلق أحكامٍ ليست منشورة بل ابتدعوا معاناةٍ متواصلة في أنها ناقصة عقل ودين وأنها عورة وعار ومُحرَّم عليها بعض الملبوسات ومُحرَّم عليها أن تكون وصية لنفسها! وكل ذلك من باب قمع المرأة حتى تكون متاحة للمتعة له من خلال الرخص، أصدروها في باب ماجاء في تحليل زواج المسفار وزواج المتعة والمسيار .

ليست هي من ينبغي أن تشرنق بعباءة حتى يسلم هذا المجتمع المسعورة ذكوره بها، بل يجب توعية الذكور وإعادة تأهيلهم على معايشة النساء والتأقلم على العيش معهن، فالعباءة الرأس لا في الجسد، والملابس المحتشمة والساترة هي التي تجبر هذا المجتمع على التأقلم معهن وأما مسألة عزل النساء وشرنقتهن بالسواد إجبارًا فهذا انتهاك في حقٍّهن.

فهناك بعض المجتمعات العربية والخليجية لا تعترف بالعباءة وإنما فقط طرحَةٌ على الرأس مع الملابس التي ترتديها حيث أنها كافية لإخراج هوية المرأة المسلمة بهذه الهيئة وليس عدلاً أن يتم الحكم على مجتمعنا بأنّ عدم ارتداء العباءة وأن كشف الوجه حرام فقد عم الجهل مع دعاة الجهل ومع الذين يمجدونهم من المجتمع في إصدار فتاوى ليست من اختصاصهم وإنما هي من اختصاص هيئة كبار العلماء ومع ذلك يفصح بأنه حرام وكيف تعيش كل النساء في البلدان الأخرى هل يستطيعوا أن يحرموا مذهبهم؟

 ومن الماضي القريب فقد كانت الشرطة الدينية مفعلة وكان بعض منهم يجرون النساء فمن لا ترتدي عباءة وهي زائرة وضيفة يجبرونها إكراهًا رغم أن الإكراه محرم في ديننا وكانت هذه بعض من التصرفات لقمع نساء ليسوا ولاة عليهم ولكن من باب الأمر بالمعروف جردوها وسحلوها. فالحمدلله أنها كانت شيئًا من ماضينا الذي تم تعطيله فكانت صلاحيتهم آنذاك قمع وانتهاك وتدخل في خصوصيات المرأة وغيرها مما آذى المرأة .

ومطور المملكة السعودية العربية أمير الشباب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز قال في لقاءه عبر قناة أمريكية :" إن ارتداء العباءة ليس شرطًا للمرأة السعودية وإنما المهم الحشمة ومن هنا أكتفي في الحديث عن كل ما قلته.

- فيا أيها العقل العربي المسلم تحرر من معتقداتك اللادينية وتمسك في عقيدتك .