المشكلة الرئيسية في تركيا هي القضية الكردية .

لولا القضية الكردية لما تدخلت تركيا في الحرب السورية ولما احتاجت ان تنتقل الى التحالف مع الروس وهي عضوة في الناتو بالاضافة الى دعم وتدريب منظمات ارهابية على ارضها وحربهاضد الكرد في عفرين واحتلال اراض سورية وقتلى وجرحى في جيشها وخسارتها مليارات الدولارات . 

تركيا تدعي انها تخشى من تشكل دولة كردية يقودها الارهابيون في شمال سوريا . حتى في هذه الجزئية البسيطة لا تتجرأ تركيا على قول الحقيقة لشعبها والعالم .

الحقيقة الساطعة تلك انما هو خوف تركيا من الكرد الموجودين داخلها ولذلك تحارب الكرد السوريين حتى لا تنتقل العدوى الى الداخل التركي ويطالب كردها بحقوقهم القومية وحق تقرير المصير .

الخوف من الموت لا يطيل الاعمار . الموت هنا هو انفصال الكرد . مئة عام وتركيا في هلع دائم ومستمر من هذا الانفصال ولم تتعظفي ان حل كل مشاكلها انما يكمن في حل القضية الكردية في داخلها وليس اي شيء آخر .

بسبب خوفها من الكرد دخلت تركيا حلف الناتو وحاربت معها في كوريا 1953 ووقفت الى جانب الاستعمار الانكليزي والفرنسي ضد كل شعوب المنطقة ووقفت ضد استقلال الدول العربية بما فيها الجزائر واليمن الجنوبي طيلة القرن الماضي .

تركيا بطة عرجاء وسبب ذلك هو القضية الكردية .

كانت الآمال كبيرة على الرئيس التركي اردوغان في انه الزعيم الجريء الذي له القدرة على حل القضية الكردية جذريا . اقدم اردوغان على خطوات كبيرة لحل القضية في بدايات حكمه ولكنه استدار تماما وفتح حربا عشواء على كل شيء تفوح منه رائحة الكردية وآخرها العدوان السافرعلى عفرين وتغيير ديمغرافيتها .

لندع اردوغان وحزبه الحاكم جانبا ونتسأل هل هناك بديل تركي آخر لحل القضية الكردية ؟

الكثير يعتقد ان البديل هو حزب الشعب الجمهوري وهو الحزب المعارض الرئيسي و الحزب الثاني من حيث التمثيل في البرلمان بعد الحزب الحاكم .

هذا الحزب يسير على نهج مؤسسه اتاتورك ويسمى الكماليزم وهي تعني العلمانية والتغرب و النعرة القومية الطورانية والدولة السرية وصاحب نظرية الكرد هم اتراك الجبال نسوا لغتهم وثقافتهم التركية.

عام 2010 وصل السيد كمال كليجداراوغلو الى رئاسة الحزب وهو كردي وعلوي وهو بوصفه رئيس حزب المعارضة الرئيسي يتكلم في كل الامور السياسية دون استثناء الا انه لا يلفظ كلمتين اطلاقا وهما كلمة كردي و لفظة علوي . ايديولوجية الكماليزم لاتسمح له بلفظ كلمة الكرد .

الذي يضطلع على مواقف هذا الحزب وزعيمه كليجداراوغلو سوفيدرك انه اسوأ بكثير من حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بالقضية الكردية. 

هذه بعض مواقف هذا الحزب من القضية الكردية في الآونة الاخيرة .

لقد قدم حزب الشعب الجمهوري الدعم الكامل لحزب اردوغان في البرلمان في اصدار تشريع تمكنه من اسقاط العضوية البرلمانية عن النواب الكرد الذين ينتمون الى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وبالتالي سقوط الحصانة البرلمانية عنهم . وهذا ماحصل حيث يوجد الآن عدد من هؤلاء في السجون وعلى رأسهم رئيس الحزب السيد صلاح الدين دميرتاش .

لولا تصويت نواب حزب الشعب الجمهوري في البرلمان في دعم ذلك القرار المشؤوم لما كان العديد من النواب الكرد الآن في سجون اردوغان . هذان العدوان اللدودان حزب اردوغان وحزب الشعب الجمهوري اصبحوا يدا واحدة ضد الكرد .

عندما غزا اردوغان عفرين وقف كليجداراوغلو ضد هذا التدخل . ولكن السر في التفسير .لقد فسر كليجداراوغلو موقفه هذا بان تركيا كانت تستطيع الوصول الى نفس النتيجة اي تطهير عفرين من قوات سورية الديمقراطية وتبديل ديمغرافيتها دون الدخول في حرب وذلك بالتعاون المباشر مع النظام ورئيسه بشار الاسد .

عندما احتلت القوات التركية عفرين كان كليجدار اوغلوا اول من بارك هذا الانتصار وذلك ببرقية تهنئة الى رئيس هيئة الاركان العامة .

اثناء الغزو التركي شاهد الجميع على الشاشات واحيانا بالبث المباشر السرقات والنهب والسلب الذي قام به الجيش الحر المرافق للجيش التركي والذي اثار حفيظة كل انسان شريف الاكليجداراوغلو وحزبه الذي قال ان تلك المشاهد تسيء الى سمعتنا و تشوه صورتنا امام العالم !! .

لم تتحرك في كليجداراغلو ذرة من النخوة لادانة تلك الافعال او المطالبة بفتح التحقيق ومعاقبة الفاعلين و.....الضحايا والمتضررين .

مواقف حزب الشعب الجمهوري ليست غريبة عندما يعرف المرء تاريخ هذا الحزب مع الكرد و الذي كان دائما الانكار والمجازر والتهجير والسجون والتعذيب الوحشي والاغتيالات . 

في الوضع الراهن ليس هناك اي بديل لديه ارادة حل القضية الكردية في تركيا ولن تنعم تركيا بالاستقرار وسوف تنتقل من حلف الى آخر كما هو الآن خوفا من الهاجس الكردي .

يوما مع الناتو والغرب ويوما مع روسيا وآخر مع ايران .

هل ستتشكل حركات سياسية تركية جديدة تستطيع وضع حد لهذه المأساة الكردية ــ التركية التي دامت قرنا من الزمان ؟

كاتب كردي

[email protected]