كالعادة مع حلول موسم الانتخابات تستعير الأحزاب والقوى السياسية الكردية ومرشحيها قواميس الشتائم وتبدأ بنشر رائحتها النتنة في الأجواء ، وتطلق العنان لكل ما لديها من ألفاظ الشتم والتخوين والتسفيه والتحقير والتكفير ضد المتنافسين ، فتتعكر الأجواء وتتسمم ويرغم الشعب ليتنفس هذا الهواء النتن .

حين بدأ حزب بارزاني بحملته الإيمانية لتأسيس الدولة الكردية المستقلة عبر الإستفتاء الشعبي العام ، كان شعاره هو " التحرر من الدولة الطائفية " التي يقودها الشيعة . وثنى الشعار بإطلاق وصف " بغداد مفلسة " . ثم خرج علينا قادة هذا الحزب بمقولة " أن بغداد إنتهكت 55 مادة من الدستور العراقي " وختمها السيد رئيس الإقليم بمقولته الشهيرة " نريد أن نكون جيرانا طيبين مع بغداد " متراجعا عن شعاره السابق " رسم الحدود بالدم " .

وكما يقول العراقيون " وضعوا الكلاو برؤوسنا " لأكثر من أربعة أشهر في حملة تنقيص وتسفيه وتحقير بغداد ، الى حد أنهم صمموا نسخة كردية من جواز السفر لمواطني دولة كردستان ، وظهر العديد من المتحمسين الذين مزقوا جوازات سفرهم وشهادات جنسياتهم العراقية ، حتى أن الحمق أخذ بأستاذ جامعي من الرهط المطبل للدولة المستقلة أن يصعد الى الجبال ويعلن على شاشات التلفاز ، أنه لن ينزل من الجبل قبل إعلان الدولة الكردية المستقلة !.

اليوم فرشوا السجاد الأحمر تحت أقدام السيد حيدر العبادي بمطار أربيل " الدولي " ومع هبوطه من الطائرة " العسكرية " أخذه رئيس حكومتنا بالأحضان مهللا بقدومه ، ولو كان يجيد اللغة العربية لدبج قصيدة مديح للفاتح القادم !. ترى أي " إستحمار " هذا الذي يمارسه قادة الكرد وتحديدا قادة حزب بارزاني ضد شعبهم ؟. يقودونه الى الإستفتاء لتشكيل الدولة الكردية ، وحين يتشرف السيد العبادي رئيس وزراء العراق الإتحادي الى كردستان يأخذونه بالأحضان والقبلات ؟. ترى أي تحقير أكبر من رمي أصوات 92% من الشعب الداعية للتحرر والإستقلال الى سلة الزبالة ، ثم خوض إنتخابات العودة الى بغداد التي سموها بـ" عاصمة الأنفال "؟.

هل الشعب الكردي يمتلك ذاكرة ليتذكر تلك الحملة التخوينية الرهيبة ضدنا نحن الكتاب والمثقفين الذين نادينا بعدم إقتراف غلطة الإستفتاء لأن أوانه لم يحل بعد . حتى أن حزب بارزاني أنشأ مدونة في الفيسبوك لتخويننا وتحقيرنا وتهديدنا بأنه سوف يأتي يوم ويحاكموننا بالإعدام لأننا قلنا بأن الإستفتاء كذبة كبرى !.

ترى متى يشعر قادة حزب بارزاني وكل اولئك الذين مشوا معه بعملية الإستفتاء من أنفسهم وهم يخوضون الحملة الإنتخابية للرجوع الى بغداد ، ويحاولون إقناع شعبهم بأن ما يفعلونه هي " سياسة حكيمة " . بعد أن خسروا نصف أراضي كردستان ، وثلاثة أرباع آبارهم النفطية ، وأذلوا شعبهم أمام العراقيين والقادة السياسيين في بغداد ؟ . صحيح " اللي إختشوا ماتوا ".