في خضم الحديث عن برنامج ايران النووي السري ووثائق نتانياهو التي حصل عليها الموساد الاسرائيلي في عملية نوعية تشبه افلام الخيال وعلى وقع التعقيبات الاميركية التي تتبنى وثائق نتنياهو الى جانب محاولات اوروبا التشبث بالاتفاق النووي مع ايران والتصعيد الكلامي الحاصل في المنطقة, وعلى خلفية الاستهداف الصاروخي لمواقع ايرانية في سوريا ووتدمير نحو 200 صاروخ بعيد المدى يرجح انها من نوع فتح الايرانية ومستودعات ذخيرة هائلة بصواريخ ارض ارض من الصناعات العسكرية الاسرائيلية, يبدو ان الخطر الآتي من طهران بحسب اسرائيل واميركا, ليس البرنامج النووي فحسب بل الصواريخ الباليستية التي تهدد كل دول الشرق الاوسط واوروبا وروسيا.

خبراء درسوا الملف النووي الايراني يقولون ان المشروع النوويالايراني, مع اتفاق او بدون اتفاق سوف يستمر ما دامت هناك حاجة له من قبل نظام الملالي. وان استهدافه عسكريا لن يلغيه او يدمره كليا حتى وان أدى الى تأخيره بضع سنوات لان هذا البرنامج المرتكز على اجهزة الطرد المركزي لاستخراج اليورانيوم يعمل في عدة مواقع منتشرة في انحاء ايران بالاضافة الى خمس مواقع لمفاعلات من اجل التجارب ولذلك فان قصف مصانع الطرد المركزي لن تحل المشكلة لان مثل تلك المواقع يمكن ان تكون حتى في قلب منطقة صناعية مدنية او منطقة نائية او مصنع يبدو عاديا للمعادن اضف الى ذلك ان احدا لم يكن يعرف حتى موعد استيلاء اسرائيل على المستندات مواقع التجارب الحقيقية من الوهمية المدنية منها والعسكرية. كما ان اسرائيل حصلت على معلومات قيمة جدا بشأن مشروع الصواريخ الباليستية, مداها وقوتها وانواعها ومواقعها داخل وخارج ايران.

من جهة اخرى يمكن القول ان الطريقة المثلى لوقف المشروع النووي الايراني هو الغاء الحاجة الى مثل هذا البرنامج الامر الذي يبدو في هذه المرحلة غير وارد بسبب حاجة النظام الحالي لاثبات قدراته النووية من جهة وتطوير قدرته الباليستية من جهة اخرى لدمج البرنامجين وامتلاك الرؤوس النووية. ومسألة انهيار النظام الايراني حاليا غير واقعية وان اشتدت حركات الاحتجاج الشعبية ضد ظلم الملالي واستحواذ حرس الثورة الايراني على خيرات البلاد.

في الجانب الاخر من المعادلة, يبدو ان مشروع الصواريخ الباليستية الايراني تلقى ضربة موجعة جدا في الاستهداف الاخير قرب حماة وحلب وتدمير هذا العدد من الصواريخ التي وصلت يوم او يومين قبل الاستهداف وفي مواقع محصنة جدا يؤكد ان الاستهداف والى جانب تدمير الصواريخ والمخازن الايرانية نقل رسالة ان اسرائيل تعلم تماما مواعيد واماكن نقل الصواريخ كما ان الصواريخ التي استخدمتها اسرائيل هي رسالة اخرى لايران انها اي اسرائيل استطاعت تطوير صواريخ تخترق التحصينات الايرانية وتحصينات حزب الله والجيش السوري.

الاستهداف الاخير لمواقع ايران مباشرة ومقتل عشرات من عناصرها والمليشيات التابعة لها تضع ايران في موقف اكثر من حرج خاصة وان قادة ايران هددوا بالرد على هجوم اسرائيل على مطار( تي 4 ) السوري وقتل سبعة ايرانيين على الاقل بينهم جنرال كبير ومسؤول تطوير الطائرات المسيرة في حرس الثورة الايراني, والان بعد هذا الاستهداف وتدمير صواريخ متطورة ومواقع حساسة ومحصنة لايران,واشارة مسؤولين اميركيين الى ان اسرائيل تعد العدة لمواجهة شاملة مع ايران على الارض السورية, اصبح السؤال متى وكيف...؟ وليس هل ....؟ اما اسرائيل فحددت قواعد اللعبة والمواجهة المباشرة مع ايران حصرا على الارض السورية اذ انها اكدت على لسان وزير دفاعها ان اسرائيل ستدمر كل موقع ايراني يهدد اسرائيل على الاراض السورية وان اسرائيل لا تريد حربا مع لبنان ولن تتدخل في الحرب السورية الداخلية مضيفا انه اذا قصفت ايران تل ابيب فستقصف اسرائيل في طهران.

هذه الامور توضح تماما ان اسرائيل اخرجت الروس وحزب الله من المعادلة واشارت للاسد ان يقف جانبا, مع العلم ان بوتين اتفق مؤخرا لقاء نتنياهو قريبا لبحث الوضع في المنطقة, والمرجح ان روسيا اصبحت تعي ان ايران في سوريا اصبحت عبئاعليها بحسب الاشارات الاخيرة للاسرائيليين خاصة بما يتعلق بالاستهداف الاخير وصمت الروس عن هذه الضربة, اما العلاقة مع اسرائيل فهي الاهم حاليا في نظر الكرملين بسبب الاتفاق على عدم الاحتكاك في سوريا من جهة ومن المقلب الاخر لكون اسرائيل همزة وصل لروسيا مع ادارة ترمب التي ترتبط بعلاقات اكثر من طيبة مع نتنياهو واركان حكومته.