في هذا الزمان السيء أصبحنا نسمع عن أمراض لم نكن نعهدها في زمننا. فأي أحد منا عاش ذلك الزمن الجميل يلاحظ الفرق الكبير بين نسبة الأمراض في ذلك الزمن ، ونسبتها في الحاضر. فعلى الرغم من تخلف مجتمعاتنا وغياب الوعي الصحي وعدم وجود وسائل الوقاية حينه ، لكن نسبة الأمراض كانت أقل بكثير عما نراه اليوم. فالسكري والذبحة القليية وأمراض السرطان أعاذنا الله منهم أجمعين ، وأمراض المفاصل والضغط ، كانت قليلة جدا.

اليوم عندما تدخل أي مطعم ستجد بأن الصحة تمنع إستخدام الملاعق النحاسية وتستعيض عنها بملاعق بلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة. والمياه لازم تكون معبأة ، والخضروات ممنوعة. حتى في بيوتنا أصبحت الزوجة تستخدم قفازات في غسل المواعين ، وترش الحمامات بأنواع المبيدات والمواد الكيمياوية. هذا في حين أننا في زمننا لم نكن نعرف هذه الأشياء أو نسمع بها أصلا. ففي المطاعم كان المئات من الناس يشربون من نفس دولكة الماء ونفس الكلاص.

&ويتناولون طعامهم بنفس الملاعق ، بل كان الكثيرين يأكلونه بأيديهم ويلعقون أصابعهم!. وفي البيت كانت مرافقنا الصحية تمتليء بالصراصير والسحالي. وغرف النوم تعج بالحشرات الطائرة كالبق والبعوض& والبراغيث. ولم يكن هناك لا زاهي ولا ماهي. والصحون تغسل بالتايت ، والملابس بصابون الرقي.أما الطعام فكانت تحضر بدهون التنكة وليس بالزيوت الخالية من الكوليسترول. وأيدي الأطفال تغطيها طبقة سميكة من القذارة ولم تغسلها الامهات الا في أيام السبت لدرء عقوبة المعلم عند الوقوف في صف التفتيش الصباحي بالمدارس.ومع كل ذلك لم يكن الناس يمرضون ويتمتع الجميع حتى المسنين منهم بصحة " زي البمب " كما يقول المصريون.

لم نكن أيضا نسمع في التلفزيونات عن نصائح الأطباء بالإكثار في تناول الفجل والكراث ، ولا عن شيوخ المساجد بفوائد الزنجبيل والحبة السوداء. وكان الناس يعيشون بسلام آمنين الى أن جاء هذا الزمن القبيح ، حيث نسبة تسعون بالمئة ممن يتجاوزون الخمسين مصابون بالضغط والسكري. وتسعون بالمئة عندهم انزلاق والسوفان في الرقبة أو في الفقرات القطنية. وربع النساء يعانون من السمنة ، وربع الشباب لديهم كوليسترول زائد. ترى ما السبب؟

أعتقد بأننا أصبحنا اليوم ضحية لمخترعات العصر.فتأمل نفسك وانت تستيقظ صباحا من النوم ماذا تفعل ؟. تذهب الى الحمام تغسل وجهك ثم تأتي الى المطبخ تجلس لتناول الفطور. بعدها تغير ملابسك وتخرج لتقعد في السيارة أكثر من ساعة حتى تصل الى دائرتك. وهناك تجلس ست ساعات أخرى على مقعد تنجز عملك. ثم تعود الى السيارة لترجع الى البيت وتمضي ساعة أخرى في الجلوس داخل السيارة. ثم تصل البيت وتذهب الى المطبخ تتناول الغداء ، ثم تأخذ قليلولة ساعة أو ساعتين. ثم تخرج الى المقهى وتجلس فيها ثلاث ساعات تلعب الطاولة والدومينة. ثم ترجع الى البيت وتدخل المطبخ لتناول العشاء. ثم تتكيء على وسادة وتتفرج على التلفزيون لتتابع آخر أخبار البرلمان ومشادات النواب ، وبعد أن تمل تعود الى فتح الفيسبوك. واذا كانت لك صديقة بالفيس ستجلس الى ساعات الفجر أمام الكاميرا تدردش معها. ثم يغلبك النوم فتنام لتصحو الصبح وتعاود الكرة لألف مليون مرة. وهكذا لايتحرك جسمك الا سويعات قليلة فتتراكم الدهون في جسمك ،ويزداد وزنك بسبب عدم الحركة فيؤثر على فقراتك وتتداعى أعضاء جسمك الواحد تلو الآخر ، فتذهب الى جهنم وبئس المصير ، وينشر خبر وفاتك في الفيسبوك. وانا لله وانا اليه راجعون.