إرتبطت الثورة الإيرانية ومنذ عودة الخميني من باريس بعد وعدة للفرنسيين بالعمل على ترسيخ الديمقراطية.. تركز الخطاب السياسي ومن خلال الوجدان الإيراني في معظم &المدن النائية عن مراكز صنع القرار &وفي الأطراف البعيدة &عن مراكز السياسية على الترويج للهوية الإسلامية والأطماع الغربية &في المنطقة .. في ذات الوقت الذي &كانت أطماع النظام نفسه تتصاعد مرتكزة على التساؤل الذي &تعمّق في وجدانة على مدى التاريخ .. كيف إنتصر العرب البرابرة على الحضارة الفارسية في معركة ذي قار؟

لم يفطن الغرب للتعمق في فهم عقل & القيادة &الإيرانية والمرتبطة إرتباطا كبيرا بعدم التبعية لأي دولة والإستقلال في القرار &السياسي والمساواة مع الدول العظمى &.. مترابطة & بأحلام وأطماع &سياسية في المنطقة ترتكز &إلى الأيدلوجية الدينية ونظام ثيوقراطي بحت ... الأمر الذي يرفضه الغرب كليا .. وترفضه دول الجوار؟&

ولم يفطن النظام السياسي &الذي إعتبر أن تصدير ثورته ونشرها &في العالم واجبا شرعيا .. &إلى &التغييرات الإجتماعية &بفعل تغّير الواقع الإجتماعي .. لم يفطن إلى &الثورة التكنولوجية التي ربطت مشارق الأرض بمغاربها ؟؟ &ستتحدى مثل هذا التكفير المُغلق .. &وإعتقد ولا زال بأن الهوية &الدينية ستغض نظر شعوب المنطقة وستُسد رمق &شعبة &المُجوّع ؟&

ما يدور الآن على الساحة الدولية &بين الولايات المتحدة وإيران &أعمق وأخطر من كونه مجرد أزمة سياسية .. بل هو قرع طبول &حرب بين قوة عظمى &وأخرى قوة إقليمية &تهدد جيرانها وتُهدد السلم العالمي &ولا تملك مصداقية شعبية ..

قوة إقليمية لن تستطيع تحمل حرب, &خاصة في ظل إقتصاد يتهاوى وشعب يرفض النظام الحالي &بعد فشل حركة المجموعات &الإصلاحية الشبابيه من النجاح في الإنتخابات .. الحركة التي تكونت &من جامعيين &ومثقفين &قبل عشر سنوات &وحاولت إحداث تحول نوعي وصحي يحد من سيطرة المؤسسة الدينية &التي إستمرت لثلاثون عاما &(1979-2009 ) &وبالتالي غضبها المكمون &لما تُمثله تلك السيطرة الدينية على الحياة المجتمعية .

أضف لذلك خوف كل جيران النظام من أطماعة وأملهم بسقوط هذا النظام .. حتى مع خطورة هذه الحرب التي قد يكون من الصعب السيطرة عليها وربما تطول دول &المنطقة .. وستُلقي بآثارها على الجميع ..

في بداية الأزمه .. حاول الإتحاد الأوروبي ومن ضمن دولة بريطانيا &.. &الوقوف على الحياد خوفا على مصالحه مع النظام الإيراني &.. والأهم تحذُرا من &تلميحات التهديد الإيراني &وتصريحات البعض من قيادية &بإطلاق أوسع &هجرة إلى أوروبا &من &ثلاثة ملايين &أفغاني متواجدين على أرضة .. وتخفيف الرقابة على تجارة المخدرات التي يعملون بها .. وهو الخطر الذي تعتبره أوروبا &أكثر أهمية من مدى الصواريخ البالستية &وإمكانية وصولها &لأراضيها &

الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران إبتدأت بعد وصول الرئيس الأميريكي ترامب للرئاسة .. والذي وبعس &أوباما رفض الإتفاق &الدولي حول برنامج إيران النووي &الذي توصل إلية الرئيس أوباما عام 2015 لإقتناعة المطلق بخطورة &وتحايل النظام الإيراني .. وعليه إنسحبت الولايات المتحدة عام 2018 &من الإتفاق وضربت عرض الحائط &برغبة أوروبا &وتوقيعها علية .. وأعادت فرض عقوباتها الإقتصادية في ذات الوقت الذي كان النظام الإيراني &يُعوّل على المكاسب الإقتصادية التي سيُتيحها &الإتفاق .

تصاعد الأزمة حاليا وبعد إسقاط طهران للطائرة الأميركية & المُسيّرة &الخميس الماضي .. أسقط حياد &الدول الأوروبية.. و ظهر واضحا في إجابة وزير الخارجية الألماني &هيكو ماس حين أقر بعدم القدرة على إجتراح المعجزات ؟؟؟.. &بعد أن ألقى وزير &الخارجية الإيراني جواد ظريف على عاتق أوروبا &مسؤوليتها في كسر العقوبات الأميركية &.. إضافة إلى زيارة وزير الدولة &البريطاني &أندرو موريسون &ومحادثاته مع المسؤوليين الإيرانيين &الذي بيّن قلق الحكومة البريطانيه من &الدور الذي تلعبة إيران في المنطقة &والخوف من تهديدها بالتوقف عن الإلتزام بالإتفاق النووي &في حال فشلت &الدول الأوروبية الموقعة عليه &في &إنقاذه &وحماية طهران من العقوبات الأميركية ؟؟؟

ليس هناك من شك بأن إيران تسعى للعب دور شرطي المنطقة .ولكن الخطر الدائم للنظام يتمثل في تجنيد &العناصر الإرهابية وتمويلها .. ومشروعه الذي قتل ودمر المواطنين في سوريا . ولبنان .. والعراق .. واليمن .. بمعنى تهديدة وخطره الدائم على كل المنطقة العربية ؟؟

حقيقة أن الرئيس الأميركي ترامب تراجع وفي اللحظة الأخيرة عن ضرب &النظام الإيراني .. ليس ضعفا ولا خوفا .. وإنما وربما لأنه لا يريد أن يدخل التاريخ كما دخل &سابقه الرئيس بوش في أسؤأ معركة عسكرية مع المنطقة في حربه على العراق .. ترامب ليس أكثر حكمة .. بل أشد مراسا على إفلاس المنطقة ... ومُقتنع &تماما بخطورة النظام الإيراني على المصالح الأميركية في المنطقة &التي يريد حلبها وتحجيمها .. &وسيعمل على فرض كل أشكال العقوبات الإقتصادية لقتل النظام نفسه وليس شعبه من خلال عملية إستنزاف لمواردة الإقتصادية وتأليب شعبه علي.&

لن يحتاج للإنتظار طويلا &للحصول على موافقة الكونجرس لقتال إيران عسكريا .. ولكنة لن يفعلها .. ليس خوفا من &قوة إيران العسكرية .. ولكن لأنه أكثر حرصا على أرواح مواطنية &وتكلفة هذه الخسارة العسكرية &.. النظام الإيراني لا يعبأ بأرواح مواطنية ولا مواطني الجوار . بينما تبقى ثروة الدول الغربية &في ديمقراطيتها وفي مواطنيها.

اللغة الديبلوماسية التي يستعملها ترامب حاليا .. &مثل أتطلع إلى اليوم الذي تُرفع فيه العقوبات عن إيران , وتصبح &أمة منتجة ومُزدهرة &مُجددا ... وشعار "دعنا نجعل إيران &عظيمه مجددا "" ليست سوى تموية ديبلوماسي &يوجهه للشعب الإيراني &ليُبين له أنه ليس سوى ضحية &سياسة النظام المستهترة &ويؤكد له بأن المقصود هو النظام وليس الشعب.