الانتماء الانتربولوجي سواء الطائفي او القبلي او الأقليمي لا يقل خطورة عن الانتماء الأيديولوجي في إعاقة& بناء الدولة مما يشكله للانحياز لجزء ضد الكل،& و جزء يحارب الكل ، و جزء لا ينتمي للكل.&

مفهوم الدولة بشكلها اليوم قضي على هذه الانتماءات الرجعية لانها تخلق دولة داخل دولة و تتعارض مع مشروع الدولة. فمنذ جاك جاك روسو الذي نظر لتنازل المواطن و القبيلة و المدينة& &على جزء من حريته لصالح الدولة( الوطن ). &

و أحتكار الأمن و السلاح و السيادة& للدولة و ليس& لقلة سواء كانت ميليشيا أو حزب أو قبيلة أو& مدينة& أو عائلة& .. و هذا هو لب الاساس المتين للدولة الحديثة.&

تاريخيا في أرض العرب عاش هذا المفهوم& في دولة المدينة و الخلافة الراشدة& التي رسخت القضاء العادل& فقد حكم القاضي شريح& ليهودي ذمي ضد امير المؤمنين ( راس السلطة التتفيذية )& في قضية الدرع لانه لم يستطع ان يثبت انه يملك الدرع و قبل الرئيس& بالحكم& و انصاع للقضاء رغما من يقينه& انه المالك للدرع.

خروج السلاح من يد الدولة ( كما يحدث اليوم& في ليبيا& و سوريا و اليمن ) و تعطيل احكام القضاء يعني اننا رجعنا لمفهوم قبل الدولة& في الوقت الذي يدخل العالم اليوم بمفهوم& ما بعد الدولة& ( post state ) . مثل الاتحاد الأوروبي& الذي جمع عدد من الدول في كيان واحد و في تجمع واحد و مصرف مركزي واحد& و عملة واحدة.

البؤر الأيديولوجية التي لا تؤمن بالدولة& بل بالتنظيمات العابرة& للحدود& و المسلحة& احيانا& معول اخر لهدم الدولة& بل اخطر من& معول الهدم الانتربولوجي و لا تقبل النقض اي التجديد و البناء& او النقد للإصلاح و التطوير لان من المسلم به ان الايديولوجيا لا تنتج خطابا مضادا لها عكس المعرفة التي تتجدد كل صباح& &..

& و الي أن نتخلص من الأيديولوجيا و الأنتربولوجيا التي تسعي للمال و السلطة يبقي الوطن مشتت و ضائع بينهما. فالدولة هي قبيلة العصر الحديث.

الدولة مرحلة متطورة من مراحل الشعوب ارتبطت بالمشاركة في القرار السياسي و التوزيع العادل للثروة و بناء المؤسسات.

فالقرار السياسي& و الذي يعني المشروع السياسي&

و نظام الحكم و دستور و تداول سلمي& على السلطة&

&مع ضمان حق الاقليات و الشرائح الضعيفة.

اما التوزيع العادل للثروة& فهو مشروع تنمية مستدامة و عدالة اجتماعية& و بناء شبكات الامان الاجتماعي التي تحمي الاسر الققيرة و الغير قادرة على المنافسة خاصة في& زمن التحولات& الكبري و الكوارث الطبيعية .

&كما أن حق الاجيال القادمة في الثروة هو حق اصيل& و ليس خيار مرفه و حل الصراع على المشاع ( و هو ثروة النفط ).&

اخيرا و الأهم& هو بناء المؤسسات..

& فالدولة تعني المؤسسات& و اولها القضاء العادل و الناجز ( فالعدل اساس الحكم ).

ثم تاتي مؤسسة الجيش و الشرطة التي تحمي البلد و توفر حالة من السلم الاجتماعي و البيئة المناسبة للمشروع السياسي و الانتخابات النزهية.&

&كما انه بدون الامن و الامان لن تقوم تنمية و لا استدامة . و التنمية تتداخل مع الأمن& فلا امن بدون تنمية و لا تنمية بدون امن ، انها جدلية الأمن و التنمية .

تلك أهم ملامح و أعمدة& قيام دولة حديثة اليوم&

&و بدونها سنعيش في حالة من الفوضى و الاحتراب

&و النهب للمال العام إلي& مالا نهاية.&

فقيام الدولة هو البديل للإنحياز الضيق في حزب او قبيلة أو& مدينة او حزب عابر& يريد الاستفراد& بخيرات الأمة& على أشلاء و دماء أبنائها.&

فالإنتماء للدولة& أولا و اخير قبل الانحياز الي الانتربولوجيا او الأيديولوجيا.

* كاتب ليبي .