ان تعريف الغباء بحسب وكيبيديا هو: هو ضعف في الذكاء والفهم، والتعلم، والشعور أو الإحساس ، وربما يكون السبب فطري أو مكتسب. ويُعرف الغبي في اللغة العربية بعدة ألقاب كالأحمق والمعتوه والأبله والمغفل، ومن أهم صفاته اللاعقلانية، لأنه يدل على العجز أو انه غير قادر على فهم المعلومات بشكل صحيح.

وفي هذا نحن نزيد ان مفهوم الغباء قد يكون جدلي ايضاً وما يعتبره البعض غباء، يراه الاخرين ذكاء او شطارة، ورأينا ايضا، ان هذا المفهوم مرتبط بالكاريزما التي يمتلكها الانسان. هذه الكاريزما تجعل الاخرين ان تقبل جميع او معظم وجهات نظر صاحب الشخصية الكاريزمية، سواء كانت غبية ام ذكية، ويتقبلون ايضاً اي قرار يتخذه، خطأ كان ام صواب، لا بل يحاولون تفسير وتحليل الخطأ على انه صواب، وبكلام سفسطائي منمق ومرتب. وابسط مثل على هذا هو كاريزمية صدام وسياساته، وقراراته التي انهته وادت الى دخول العراق في دوامة الارهاب والعنف وعدم الاستقرار، وفي نفس الوقت دافعت عنه الشعوب العربية والكثيرين من العراقيين متأثرين بكاريزميته، وليس بسياساته الخاطئة، والمتعنتة، والاستعلائية.

وما زلنا نتكلم عن العراق، فما اشبه القادة الذين يمتلكون نفس المواصفات بين شعوب هذا البلد، فها هو البرزاني، ومن منطق الحب الذي يكنه الشعب الكردي لأبيه اولا، باعتباره القائد الخالد، ومن ثم له، باعتباره ابن الخالد، صار يعتقد انه اصبح شاهينا، وانه قد آن الاوان ان يتخذ، وبحسب ما تمخض عقله، قرار اكبر من حجمه، مستغلا اندفاع الشعب الكردي نحو الحلم السراب، غير مبالياً بردود الافعال المحلية والإقليمية والعالمية، فاطلق بالون الاستفتاء الذي انفجر عليه وعلى احلام الكرد وارجع قضيته عشرات السنين الى الوراء، وعشرات الخطوات الى الخلف، وسببت الى قسمة الشعب الكردي، وهذا اخطر ما يكون في الشعب الواحد. 

لقد كان قرار الاستفتاء من اغبى القرارات السياسية، فبالإضافة الى فقدان الحلفاء السياسيين الاقليميين والدوليين، عدا اسرائيل طبعاً، فقد انشطر الكرد الى شطرين، وفقدوا على الارض، ما كان يمكن ان يكون لهم، فيما لو تريثوا، وواجهوا الواقع بالعقلانية، وليس بالاستعلاء، وجنون العظمة التي اصابت قادتهم ولو لوهلة. 

ان حالة الانكسار التي نشهدها على الساحة السياسية الكردية، ما هي الا نتيجة عدم فهم المعلومات بشكل صحيح، برغم النصائح التي قدمت من جهات عدة، اولها اميركا ومن ثم الاتحاد الاوربي، وهما من دافعا عن الكرد ومنحاه الاستقلالية والحماية ومنذ عام 1991، وهم بهذا قد نفضوا ايديهم مما قد يجر هذا الاستفتاء من عواقب. 

 وبالمقابل ماذا لو نجح الاستفتاء في الحصول على الاستقلال ؟ عندها لا احد يستطيع ان يصف هذه السياسة بالغباء، وانما تدخل في خانة المغامرة السياسية، ويصبح صاحب المغامرة بطلا خالداً في عقل وضمير شعبه.

اذاً، ان ما يدعى الغباء السياسي ما هو الا حالة نسبية، فان نجحت قرارات السياسي ومغامراته يصبح بطلا، وان لا، فانه غبي في السياسة.