يُنسب إلى القديس الإيطالي&توما الأكويني&القول:&إن غاية&السياسة&هي الخير&ـ وليس الشر ـ&وأن&الهدف الرئيسي من السياسة&تحقيق ظروف حياة طيبة&للناس؛&وفي السياق ذاته&يرى&الرئيس الإيراني الأسبقمحمد خاتمي&في كتابه مدينة السياسة:&"بأن السياسة من أعظم شؤون الإنسان"؛&إلاّ&أن&الوقائع الحياتية تشير إلى أن السياسة لدى أغلب حكومات&منطقة الشرق الأوسط&الحالية،&لا تمارس إلاّ&وهي&ممزوجة بالخبث&والضغينة&والانتقام.

وما نود&التركيز&عليه هي ليست&الممارسات&السياسية&للأنظمة&العربيةالاستبدادية، باعتبار أن الخسة من أبرز سماتها، إنما سنتناول أحد جوانب إحدى الدول التي تحاول&ومنذ عقود اقتفاء أثر الدول الأوروبية، ألا وهي تركيا، وذلك&حيال&موقفها&الرسمي&وتعاملها&الخاص&مع ملف الإرهاب والإرهابين&في عموم سورية، والازدواجية&الفاقعة&التي تتعامل بها الحكومة التركية&مع تلك القضية&ولاعبيها،&وحيث يظهر من خلال التعاطي مع هذا الملف&وصنّاعه،&وكأن&هذه الدولة&تفضّل&إرهابي على إرهابي&آخر هو واقعياً&أكثر خطراً وبطشاً من السابق، حيث أنها لا تنزعج ولا تبدي أي استنفار أمني&أو&عسكري&أو&سياسي على تقدم ذلك الإرهابي&الخطير&صوب حدودها، بينما لا تكف عن التفكير بنحر وجرف كل ممتلكات وجذور&ذوي إرهابي آخر!&&

وسنذكر&في هذا الإطار&مثالين على ذلك حتى لا يكون كلامنا جزافا،منها&أن المدفعية التركية قصفت&وبكثافة&مواقع وحدات الحماية الشعبية ممهدة الطريق أمام الفصائل&المهاجمة&عليها،&كما أن سلاح الجو التركي&أمّن الغطاء الجوي خطوة بخطوة أمام الفصائل التي غزت بها&تركيا&منطقة عفرين&العام الماضي،&في عملية سمتها تركيا "غصن الزيتون" وكانت&حجتها في ذلك أنها تحارب الإرهابيين وتسعى لإبعادهم&عن حدودها، بينما عندما حاربت نفس الفصائل في&محافظة&إدلب هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة)&الإرهابية حسب الدول الضامنة بما فيهم تركيا،&فلم تقدم لهم&تركيا&أي دعم&عسكري،&فمع&أن&الهيئة&تعتبرها تركيا فصيلاً&إرهابياً، إلاّ&أنها لم تساند الفصائل في حربها مع الهيئة لا بالمقصف&المدفعي،&ولا بالسلاح الجوي ساعدتهم&كما فعلت مع الفصائل في عفرين عندما كانوا يحاربون وحدات الحماية الشعبية، بل بقيت&تركيامتفرجة&على ما يجري في إدلب&إلى أن سيطرت&الهيئة على&معظم مساحات&تلك المحافظة،&ولم تعترض على&تقدمها على حساب الفصائل،ولا قصفت مواقع الهيئة باعتبارها منظمة إرهابية تسيطر على مساحات شاسعة على حدودها!!!

والمثال الآخر هو جبل التركمان حيث أن نظام الأسد الذي تعتبره أنقرة نظاماً&مجرماً وإرهابياً، ولكن إعلامها وبالأخص وكالة الأناضول لا يأتيعلى ذكر&تقدم قوات الأسد نحو حدودها في جبل التركمان،&مع أن&قوات الأسد&تكاد&تسيطر على كل الحدود مع تركيا في محافظة اللاذقية،&بينما الإعلام التركي يتجاهل تماماً كل ما يجري على حدودها هناك،&ولكأن&إنتشار قوات نظام الأسد الإرهابي على حدودها&هو&غير مكروه مقارنةًبوجود وحدات الحماية الشعبية على حدودها!&كما أنه سبق للزعيم العام لتنظيم الحزب الإسلامي التركستاني المتطرف، جند الله التركستاني، أن أعلن العام الماضي عن حدود إمارته&الإسلامية&التي أسماها إمارة التركستان الصينيين في الشمال السوري،&التي كانت&تمتد من جبل التركمان وجبل الأكراد إلى سهل الغاب، ومع ذلك لم تهاجم تركيا تلك الإمارة&الراديكالية&لا بالفعل كما فعلت بعفرين،&ولا حتى هاجمتها&بمجرد التصريحات&الإعلامية.

وإذا كانت تركيا بحق ضد أي&عمل&إرهابي يتعارض مع مفاهيم&الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، فلماذا تترك الأسد الإرهابي على حدودها&في اللاذقية؟&ولماذا&لا تعترض على وجود جبهة النصرة الإرهابية&على حدودها في إدلب؟&بينما&جل تركيزها&لا يكون إلاّ&على مهاجمة المناطق الكردية بذريعة محاربة&كوادر حزب العمال الكردستاني (PKK)&أو&حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)؟&وإذا كانت تركيا غير راضية&فعلاً&عن الممارسات الإرهابية للكثير من عناصر الفصائل التي&دخلت مع قواتها إلى منطقة عفرين،&وحيث&تُقدّم التقارير&المتلاحقة عن&تلك&الانتهاكات منذ الشهر الأول للسيطرة على عفرين&إلى الجهات المعنية في تركيا وفي خارجها، وقد عبّرت عن أسفها بعض الشخصيات السورية المعارضة،&وحتىبعض ضباط الجيش السوري الحر&عبروا عن أسفهم على وضاعة تلك الممارسات&بحق المدنيين العزل،&بينما تركيا فلم&تبدي أي اعتراض&على ممارسات تلك الفصائل؟&وذلك&باعتبار أن&تلك الفصائل&لا تتحرك&إلاّبامرتها، ولا تتقدم خطوة إلا بمشورتها،&ولا تتصرف إلاّ&بناءً على أوامر الأجهزة الأمنية&التركية&المعنية بسوقها&وتوظيفها؟&وبناءً على &كل ما سلف ألا&يعني&ذلك لمن يرى المكاييل ويقرأ إزدواجيتها في التعامل مع من تصفهم بالإرهابيين،&بأن تركيا عملياً راضية عن كل ما يجري في&منطقةعفرين، ولو لم يكن الأمر كذلك&أما كانت أمرت&بكل يسر&أجهزتها الأمنية تلك الفصائل بالتوقف نهائياً عن انتهاكاتها بحق السكان الأصليين في المنطقة، أو على أقل تقدير&لكانت عبّرت عن أسفها&إعلامياً&لما يجري بحق المدنيين العزل من قبل أدواتها في المنطقة.

على كل حال كان&من الممكن&جداً&أن يصدق الكردي&ـ أي كردي سوري لا على التعيين&وخاصة الكردي العفريني&ـ&بأن حرب تركيا هي بالفعل ضد&PKK&أو&ضد&PYD&فقط،&وليس ضد عموم الكرد&في سورية، لو كانوضع أبناء منطقة&عفرين&في ظل السيطرة التركية أفضل بنسبة&ولو&10% من حالهم عما كانوا عليه إبان سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ووحداته العسكرية،&ولكن كيف للإنسان العاقل&أن يصدّق&حكاية محاربة تركيا للإرهاب على حدودها، بينما&ترهيب&المواطنين&والانتهاكات&اليوميةبحق أبناء منطقة عفرين&هي&عملياً&بدأت بالجملة بعد الخروج الكامل لكل كوادر&PKK&ومجمل&عناصر&PYD&من&منطقة&عفرين!