"إيلاف": ... "إلى من يهمه الأمر"، هذا هو عنوان الرسالة التي تلقتها "إيلاف" عبر بريدها الإليكتروني من طبيب سوداني يعمل في مستشفى في مدينة الفاشر السودانية، في إقليم دارفور، وفيها يفضح كل الممارسات اللإنسانية التي تجري في هذا الإقليم الذي يواجه أكبر كارثة إنسانية. ويقول الطبيب الذي لم يشأ أن يكشف النقاب عن اسمه: "هذه المنطقة تواجه مأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل، ولا أحد على ما يبدو في العالم يريد أن يسمع عنها، أو يتعامل معها". وهو في الرسالة يكشف معلومات لم تؤيد من مصادر رسمية عن تعاون بين دمشق وحكومة الخرطوم في استخدام الحرب الكيميائية ضد أهالي إقليم دارفور.

ويضيف الطبيب في نداء استغاثته العالمي الذي أرسله إلى "إيلاف" قوله: "نحن في مستشفى الفاشر في دارفور، صارت عادتنا اليومية سواء أطباء أو ممرضين وممرضات، أو عاملين آخرين، أن نواجه كل يوم حالات من القتلى والجرحى من أبناء وطننا الذين ينقلون إلى المستشفى لتلقي الإسعاف أو العلاج، حيث هم يدفعون ثمنا غاليا بأرواحهم ودمائهم في صدام دموي لا أحد راغب في وقفه". ويتابع القول "وأمام هذه الفواجع الدموية والمشاهد المأساوية التي نستقبلها كل يوم، فإننا ننتظر مساعدة من العالم الخارجي، ولكن دون جدوى".

ويضيف الطبيب في رسالة استغاثته التي وجهها إلى "إيلاف" قوله "إنني أكتب إليكم، وعبركم، حيث بلغ بنا السيل الزبى مما نشاهد يوميا، وللعلم فإن الشك وصل مداه عندي من ممارسات غريبة تحصل كل يوم في الصراع الدموي في إقليم دارفور، واسمحوا لي أن أفسر بعض الحقائق التي شاهدتها وألمسها".

ويقول الطبيب "هنالك شيء غريب حدث في منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي ، إذ عاد مستشفى الفاشر خمسة أشخاص مصحوبين بعسكريين كبار من الجيش السوداني، ولم اكن متأكدا من هوية هؤلاء وما إذا كانوا أطباء أو عاملين في المجال الطبي، لكن هؤلاء كانوا يتحدثون اللغة العربية بلهجة سورية حين كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض".

ويضيف أن "الفريق، تجول في أقسام المستشفى وخصوصا الجناح الجديد الذي لم يستخدم بعد، ولكن بعد أن غادر الفريق، سألت مدير المستشفى عن هوية هؤلاء الناس، وما هي مهماتهم، لكنه لم يعط أي جواب، لكنه فوق ذلك طلب مني عدم إبلاغ أية جهة عن مثل هذه الزيارة".

ويتابع الطبيب السوداني في رسالته الكشف عن تداعيات أخرى، إذ يقول "لكن من الغريب أن تأخذ الأمور منحى آخر، حين بدأ الفريق في تركيب أجهزة جديدة في الجناح A في المستشفى، وهو جناح افتتح حديثا، وجلبوا معهم إمكانيات ومعدات طبية كبيرة وحديثة".

ويقول الطبيب في رسالته "وبعد فترة قليلة، وبعد أن انتهى الفريق من مهماته، فإنه حظر على أي عامل في المستشفى دخول الجناح الجديد، كما أن رجال أمن غير الذين نعرفهم عينوا على مداخل المستشفى، ثم بدأت (المجموعة السورية) بعد ذلك بالعودة على المستشفى بشاحنات من الثلاجات المليئة بالجثث وتحت رعاية من ضباط من الجيش السوداني، ووضعت جميع الجثث في الجناح الجديد".

ويقول الطبيب السوداني في رسالته "ومرة أخرى، لم يعينا أي شخص أي تفسير لما يجري، ولكن من خلال مهنتي كطبيب متخصص، فإنه يمكنني القول إنه من مشاهدتى الأولى لتك الجثث المنقولة عبر تلك الشاحنات، فإنه يمكنني القول إن سلاحا كيميائيا استخدم في قتل هؤلاء الضحايا الذين نقلت جثثهم إلى مستشفى الفاشر، وهي حالة عامة لجميع الجثث من الفحص الأولي".

ويكشف الطبيب السوداني، انه بعد إجراء الفحوصات على الجثث تحت أمن غير معهود من جانب الفريق السوري "فإنها أعيدت إلى الثلاجات في الشاحنات التي أتت بها في المرة الأولى لتنقلها سرا إلى مكان مجهول مرة ثانية".

ويقول الطبيب الذي وجه الرسالة إلى "إيلاف" عبر البريد الإلكتروني "سيدي، ما حدث في مستشفى الفاشر في الأوان الأخير يشير إلى أن كارثة كيميائية تعرض لها سكان هذا الإقليم المنكوب، ولكنني أخشى أن جميع القتلى قضوا نحبهم من جراء استخدام أسلحة كيميائية ضدهم، وهو سلاح يستخدم للمرة الأولى في دارفور، رغم انه استخدم مرات عديدة في جنوب السودان".

و يخلص إلى القول "الذي يجري هي جرائم حرب ضد الإنسانية، إذ قتل الآلاف وشرد آلاف غيرهم من منازلهم، لكن لا أحد من أشقائنا العرب أو المسلمين، والعالم الإنساني كله يقف معنا في كارثتنا، ولهذا أتوجه إليك بهذه الرسالة". ويقول: "سيدي أعتقد أن هنالك مؤامرة سورية مع حكام الخرطوم لشن حرب كيميائية ضد سكان إقليم دارفور".