الرياض: رغم تسرب العديد من التكهنات حول ما يحيط بالمؤامرة الليبية لاغتيال ولي العهد السعودي إلا أنها بقيت بعيدة عن النطاق الرسمي والمؤكد حول القصة الكاملة، ولكن البيان الرسمي الصادر من وزارة العدل الأميركية قد أطفأ هذه التكهنات المتشعبة، إذ أعلنت الوزارة في بيانها أن ناشطا أميركيا مسلما اعترف بصفقات تمويل غير شرعية مع ليبيا، في قضية كشفت مشاركته في مؤامرة تهدف إلى اغتيال ولي عهد السعودية الأمير عبد الله بن عبد العزيز.

وأوضح بيان لوزارة العدل الأميركية: "إن عبدالرحمن العمودي - الحاصل على الجنسية الأميركية - اعترف أمام محكمة فيدرالية أميركية في الكسندريا (فيرجينيا -شرق) بثلاث تهم جنائية، لها علاقة بأنشطته في الولايات المتحدة، وبلدان ومنظمات مرتبطة بالإرهاب، وتكشف مشاركته في مؤامرة تهدف لاغتيال حليف في الحرب ضد الإرهاب".

وأضاف البيان: "إن الاتهامات تتناول رحلات وأنشطة تجارية غير مشروعة مع ليبيا ، وتصريحات كاذبة في استمارة للهجرة ، ومخالفات ضريبية ؛ بغية إخفاء علاقاته التجارية مع ليبيا " .

"وقد قام العمودي بعشر رحلات - على الأقل - إلى ليبيا ، حيث التقى مسؤولين حكوميين ، وأثناء إحدى هذه اللقاءات في مارس 2003 ، تناول الحديث الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى "أعمال تزعزع الوضع في المملكة العربية السعودية "، وذلك بحسب ما ورد في البيان .

وأكد البيان : "إن العمودي علم - بينما كان وضع الخطة يتواصل - أن الهدف الحقيقي منها ، هو اغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبد العزيز" .

وكان خبر هذه المؤامرة قد كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في وقت سابق من هذا العام، ولكن العديد من المسؤولين السعوديين ينتظرون انتهاء التحقيقات والتثبت الرسمي من الواقعة بدلا من اتخاذ قرارت متسرعة .

وكانت شبكة "سي إن إن" الأميركية الإخبارية قد ذكرت سابقاً في سيل التكهنات غير الرسمية أن العمودي غير متهم بمخطط الاغتيال، ولكنه وافق على التعاون الكامل مع المدعين العامين الفيدراليين، واعتبر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية هذا التعاون أنه "مكسب استخباري حقيقي للولايات المتحدة."
وقالت المعلومات إن العمودي المحتجز في سجن فيدرالي بمدينة اسكندرية الأميركية، توصل لاتفاق قضائي مع المدعين الفيدراليين، ويتوقع أن يعترف بالتهم الموجهة إليه والمتعلقة بالتعامل مع ليبيا، خلال مثوله أمام المحكمة الفيدرالية، اليوم الجمعة. وقال مسؤول لشبكة "سي إن إن" "كان هذا الرجل فعلا على صلات واسعة، ويعرف جميع الأطراف المتورطة".

يذكر أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ومعهما بريطانيا، تحققان في مؤامرة الرئيس الليبي معمر لاغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، خلال عيد الفطر الماضي، أما التهم الأخرى التي يتوقع أن يعترف بها العمودي، فتشمل تقديم معلومات خاطئة تتعلق بجنسيته، وخداع دائرة الهجرة ومخالفات ضريبية.

ويعتقد مسؤولون إن الاتفاق القضائي سيؤدي على الأرجح إلى إنزال عقوبة السجن بالعمودي لأكثر من 20 عاما، وقال متحدث باسم المحكمة الفيدرالية في أكتوبر (تشرين الأول) العام 2003، إن العمودي المسؤول عن شؤون عدد من المؤسسات الخيرية الإسلامية الأميركية، متهم بتلقي أموال من ليبيا، لكن العمودي نفى هذه التهم خلال مثوله أمام المحكمة في أواخر مارس (آذار الماضي).

يشار إلى أن معلومات تورط العقيد القذافي في محاولة اغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز استندت إلى التحقيقات التي أجراها محققون سعوديون وأميركيون طوال الشهور الماضية مع العمودي وهو معتقل في سجن في مدينة اسكندرية بولاية فرجينيا، والآخر عقيد استخبارات ليبي هو محمد إسماعيل، وكانت اعتقلته سلطات الأمن السعودية في وقت سابق من العام الحالي.

ونقل عن محققين قولهم إن العمودي اعترف للمحققين بأنه التقى القذافي في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) من العام الماضي لمناقشة تفاصيل مخطط اغتيال ولي العهد السعودي، ووفقا للعمودي فإن العقيد القذافي قال له في يونيو (حزيران) من العام الماضي "أريد أن يموت ولي العهد السعودي سواء في عملية اغتيال أو في انقلاب"، وفي أغسطس (آب) من ذات العام، سأل القذافي ، العمودي خلال لقاء بينهما في طرابلس "لماذا لم ير حتى الآن رؤوسا تتطاير في العائلة المالكة السعودية".

وكانت ليبيا قد نفت على لسان أمين لجنة الاتصال الخارجي، وزير الخارجية، الليبي عبد الرحمن شلقم، قبل شهرين ما كشفه تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" عن خطة وضعتها المخابرات الليبية، وبعلم من القذافي، لاغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ووقتها قال شلقم "لا صحة لمزاعم نيويورك تايمز، وعلاقتنا بالإخوة السعوديين على ما يرام".