التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب 2

نبيل شـرف الدين: بدأنا في حلقة سابقة هنا عبر صفحات شبكة "إيلاف" محاولة لرصد واستعراض خارطة الجماعات والمنظمات الأصولية التي نشطت على الساحة المصرية خلال عقد التسعينات، وفي محاولة لفهم خلفيات ومستقبل هذه الظاهرة، التي خرجت من أطرها المحلية وحتى الإقليمية لتصبح ذات سمات أممية، وأصبحت عنواناً كبيراً يتصدر أجندات مختلف دول العالم، نواصل اليوم قراءة المشهد الأصولي المصري بالتطرق إلى بقية ملامح خارطة التنظيمات الإسلامية في مصر خلال السنوات الماضية ونبدأ بالحديث عن الجماعات السلفية.

الجماعات السلفية :
ويقصد بها في هذا الإطار تلك المجموعات المتناثرة في طول البلاد وعرضها من الشباب الذين ربما لم ينخرطوا تنظيميا - حتى الأن - تحت لواء أي جماعة تتخذ منهجاً حركياً يقر العنف كأسلوب صريح لها، وبعضها جمعيات مشهرة بالشئون الإجتماعية كالجمعية الشرعية والتي كان يرأسها عبد اللطيف مشتهري أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين، وهناك أيضاً جماعة أنصار السنة المحمدية وجماعة التبليغ والدعوة وجماعة شباب محمد وغيرها، ويؤكد معظم المراقبين أن هذه الجماعات أو الجمعيات تشكل القاعدة غير المرتبطة تنظيميا أو حركياً بأي تنظيم أو جماعة، لكن أعضاءها يؤمنون بنفس المنطلقات الفكرية القائمة على مفاهيم تغيير المنكر والولاء والبراء والمرجعية السلفية، كما يسعون إلى نفس الأهداف ويعمدون إلى الانتشار أفقياً في شتي أنحاء البلاد بمعدلات مطردة ويعولون على مناهج التربية وفقا للمفاهيم السلفية المتزمتة، ويعمدون إلى إشاعة قيم الإلتزام بالمسلك المتطرف في قطاعات تلاميذ المدارس والجامعات، ويذكر أن كافة الأسماء اللامعة في عالم التطرف والإرهاب قد بدأت نشاطها من خلال الإنضواء تحت راية هذه الجماعات السلفية في البداية .. ثم انشقت عليها لتنضم وتؤسس التنظيمات الإرهابية الأخرى فمثلاً، عبود الزمر وناجح إبراهيم وكرم زهدي كانوا أعضاء في الجمعية الشرعية، وأيمن الظواهري كان عضواً بجماعة أنصار السنة، أما طلعت فؤاد قاسم وطلعت همام وصفوت عبد الغني كانوا أعضاء في جماعة التبليغ والدعوة وحتى شكري مصطفي وعمر عبد الرحمن كانت بدايتهما مع الإخوان المسلمين، وأخيرا فإن ما يمكن قوله في هذا المضمار أن هؤلاء السلفيين وإن لم يحملوا السلاح حتى الآن إلا أنهم لم يلقوه بعد.
وباستقراء الخريطة التنظيمية لوجودهم فإننا كنا نجدهم بشكل مكثف في القاهرة والجيزة والقليوبية والشرقية والاسكندرية، ويظل مؤشر وجودهم مرتفعا نسبيا في محافظات الدلتا والقناة، بينما ينخفض المؤشر كلما توجهنا جنوبا، ففي الوقت الذي يحتفظون بالوجود المؤثر في شمال الصعيد كالفيوم وبني سويف والمنيا، ويكاد يتضاءل وجودهم في أسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والوادي الجديد وهم بهذا يسيرون في إتجاه معاكس تماماً لتواجد الجماعات الأخرى في شتي مدن وقرى مصر باستثناء القاهرة نظراً لطبيعتها الديموغرافية الخاصة كما سبق وأوضحنا من قبل.

ثانياً: المحور الجهادي :
ولا نقصد بالجهاد - في هذا السياق - ذلك التنظيم الذي أسسه محمد عبد السلام فرج عام 1979 واستطاع ضم مئات العناصر إلىه ونجح في التنظير الفقهي له من خلال مؤلفه (الفريضة الغائبة) الذي سنتناوله بالشرح في موضع آخر من هذا الكتاب ، والملاحظ أنه على الرغم من بقاء هذا التنظيم على قيد الوجود في الساحة المحلية والإقليمية حتى وقتنا هذا إلا أنه كانت هنالك تنظيمات سابقة أو لاحقة عليه تحمل نفس الإسم ويبقي التمايز الوحيد داخل هذا التيار محسوباً لصالح تنظيم آخر وهو "الجماعة الإسلامية" والفارق بينهما يكاد لايتجاوز فروق ظروف النشأة والمناخ الجغرافي لكليهما .. ففي الوقت الذي نشأ فيه تنظيم الجهاد في القاهرة والجيزة كانت ملامح "الجماعة الإسلامية" تأخذ شكلها النهائي في المنيا وأسيوط وتتضح معالمها الفكرية والحركية على يد طبيب شاب هو ناجح إبراهيم ومعه عدد من طلبة كلية الهندسة هم طلعت فؤاد قاسم ، وأسامة إبراهيم حافظ ، وعاصم عبد الماجد وآخرين إستطاعوا بجهد مشترك أن يفرضوا وجودهم داخل المحيط الجامعي في البداية ثم انطلقوا منه إلى كافة القطاعات الإجتماعية في القري والنجوع والأحياء السكنية بمدن الصعيد حتى تم أول تعاون مشترك بين جماعة "الجهاد" و "الجماعة الإسلامية" في ذلك التحالف المعروف الذي سبق إغتيال السادات بأشهر قلائل، وكان محور ارتكازه هو شخص عمر عبد الرحمن بما يمثله لكلا الطرفين من مصداقية ومرجعية فقهية وشخصية ، ولكن عقب حادث المنصة تعرض هذا التحالف لعدد مكثف من الضربات الأمنية المتلاحقة والتي كانت كافية لتفتيت مركزيته بعد القبض على معظم قياداته بينما هرب آخرون خارج البلاد لدول عربية أو أفغانستان.

آليات النشاط الحركي في عقد التسعينات
حكمت الأنشطة الحركية لجماعات الإرهاب عدة آليات جديدة في أعقاب إجهاض التحالف بين تنظيمي الجهاد والجماعة الإسلامية، وبروز الصراعات الشخصية والتنظيمية بين قياديي الفرق العنقودية التي تتشكل منها كلا الجماعتين ، مما أسفر عن تغيير العديد من ملامح النشاط الحركي والسمات التنظيمية التي يمكن إيجازها على النحو التالي :
أولاً - فقد التنظيم صفته المركزية سواء في توجهاته الإستراتيجية أو أنشطته الحركية وهو الأمر الذي مكن الأمراء المحليين من الرعيل أو الجيل الثاني والثالث في الإنفراد بصنع قرارات مجموعاتهم الإرهابية وفقا لمفاهيمهم وإجتهادتهم الخاصة ، وتبعا لظروف الحال وتقديراتهم الشخصية لمجريات الأمور ، ذلك لأن المتابعة الأمنية المستمرة قد حالت دون التنسيق المشترك بين رموز الجماعات المتناثرة وقطعت الكثير من قنوات الإتصال بين رؤوس التنظيمات وقياداتها في الخارج أو في السجون من جهة ، وعناصرها في عشرات القري والمدن المصرية من جهة أخرى.
ثانياً - تركز وجود عناصر هذا التنظيم في محافظات الصعيد بينما تراجع وجودهم في محافظات الدلتا مع الأخذ في الإعتبار التكوين الديموجرافي الخاص لمدينة القاهرة بوصفها بؤرة تجمع سكاني رهيبة تصب فيها كل التيارات السياسية المختلفة.
ثالثاً - على الرغم مما حققته المواجهات الأمنية من تشتيت لصفوفهم وقطع قنوات الإتصالات وتجفيف منابع التمويل إلى حد كبير إلا أنهم إكتسبوا من خلالها المزيد من الخبرات فيما ييعلق بالعمل الحركي الصدامي ومتغيراته ، وترتب على ذلك إتباعهم أساليب جديدة في نشاطهم الحركي كإعمال مبدأ "التقية" وهو مأخوذ من المذهب الشيعي ويعني إظهار خلاف ما يبطنونه لإتقاء عيون الأمن، وكذا إقرار مبدأ العنف العشوائي ضد الأهداف السهلة المنال كالمواطنين الأقباط أو الأفواج السياحية وذلك بغرض إحراج النظام وممارسة الضغوط على أجهزة الأمن لتخفف من قبضتها المحكمة على مناطق نفوذهم التقليدية كأسيوط
رابعاً- إصطدموا بكل التيارات الأخرى المخالفة لمنهجهم الفكري أو الحركي ، أو حتى تلك التي تمارس أنشطة إرهابية في إطار منهج مختلف كجماعات التكفير - التوقف والتبين - الشوقيون - وغيرهم ، فاتهموهم بفساد العقل والعقيدة والإنسحاب من المواجهة في المرحلة المعروفة لدي هذه الجماعات بمرحلة الإستضعاف والتي سيأتي تناولها تفصيلياً فيما بعد ، وقد وقعت بين هذه الجماعات عدة عمليات إرهابية داخلية كتبادل فتاوي التكفير وتصفية الخصوم.
خامساً - عمدت هذه الجماعة إلى تصعيد الصدام مع السلطة وأجهزة الأمن كعمليات إغتيال رجال الشرطة وتوجيه ضربات إرهابية إنتقامية من نوع جديد كإطلاق النيران على قطارات السكة الحديد والحافلات التي تقل السياح ومحاولات تفجير بعض المنشآت الهامة وذلك بهدف تفتيت جهود أجهزة الأمن وتشتيت خطط المواجهة وإضعاف موارد الدولة ، وهو تصعيد بالغ الخطورة لم يسبق له مثيل في تاريخ هذه التنظيمات جميعا ، وقد ساعد في التخطيط لهذه العمليات وتنفيذها تلك العناصر التي عادت من أفغانستان بعد أن تلقت تدريبات رفيعة المستوى وخاضت تجربة حية للحرب.

ثالثا :محور جماعات التكفير :
وهي الشريحة الأقل عدداً بين الجماعات الأصولية النشطة حركياً على الساحة المصرية عموما، لكن على الرغم من ضآلة حجم المنتمين لهذه الجماعات بالقياس لهؤلاء المنتمين إلى المحورين السابقين ( السلفي والجهادي ) إلا أن هذا التيار يشكل خطورة لا تقل عن تلك التي تشكلها التنظيمات الأخرى..وربما تفوقها نوعيا وتكتيكياً ، ولعل تلك الخطورة تعود لمنهج هذا الفصيل الإرهابي في النشاط الحركي الذي يتسم بالمركزية التامة في إتخاذ القرارات المتعلقة بالممارسات التنظيمية ، فضلاً عن الإلتزام الصارم بقواعد العمل السري وآلياته وتقاليده المتعارف عليها ، وحتى تتضح الرؤية ينبغي في البداية التعريف بهذا المحور الإرهابي الذي خرج من عباءة الإخوان المسلمين مباشرة ودون المرور بأية حلقات وسطي ، ونشأ على يد الإخواني شكري مصطفي الذي تبني في البداية المنهج الفكري لسيد قطب ثم إستطاع التوصل إلى تاصيل منهجه الفكري الخاص به في مؤلفه الحركي "الخلافة" ، وما أن خرج من السجن حتى أنشأ جماعته التي أطلق عليها "جماعة المسلمون" والتي أشتهرت إعلاميا بجماعة "التكفير والهجرة" ولكنها ما لبثت أن أجهضت تنظيميا عقب إختطافهم للشيخ حسين الذهبي وزير الأوقاف الأسبق وقتله بعد محاولة مساومة السلطات على تلبية مطالب لم يكن ممكناً الرضوخ لها ، وهكذا إنتهت تلك الجماعة واندثرت من على الساحة منذ ذلك الوقت بينما ظلت أفكارها الفقهية والحركية كمدرسة رائدة للتكفير خرج من بين ثناياها العديد من الجماعات التي تحمل مسميات مختلفة وتسلك نفس المنهج الفكري والحركي الذي يقوم على السرية التامة والمرحلية في النشاط والتدرج في الإنتشار وفقاً لمفاهيمهم المتعلقة بالتحرك على مراحل ثلاث هي :
1- الدعوة : وتتمثل في نشر دعوتهم بشكل سلمي وبشكل مكثف وبطريقة هادئة داخل قطاعات محددة بغرض توسيع قاعدة الجماعة والإنتشار الأفقي لضم من يرونه صالحا للإنضواء تحت رايتهم بعد أن يجتاز عدداً من الإختبارات الدقيقة الصعبة التي تحتم على العنصر أن يثبت ولاءه الأعمي لأمير الجماعة ولايناقشه فيما يكلفه من أعمال حتى ولو كانت متنطعة أو تافهه فبعد أن يبايع العضو أمير الجماعة على السمع والطاعة يفقد إرادة القبول والرفض ويتحول لمجرد أداة عمياء في يد الأمير الذي يصبح بوسعه التدخل في كافة شئونه العامة والخاصة وعليه أن يقاطع أهله ويمتنع عن العمل سواء لدي الدولة أو حتى العمل الحر وما إلى ذلك من ممارسات بالغة الشذوذ سير تفصيلها فيما بعد
2- الاستضعاف : وفي هذه المرحلة يعتزلون المجتمع "الكافر" وينسحبون منه تماماً سواء بالإقامة في الصحراء على النحو الذي حدث مع جماعة شكري مصطفي في بداية تكوين التنظيم ، أو داخل المدينة في الشقق المفروشة مع إعتزال كل الناس من الأهل والأقارب والأصدقاء والإنعزال عن المجتمع وعدم الإهتمام بقضاياه ، ويرفضون التعامل مع أشخاصه ومؤسساته ويعيشون حياة بدائية للغاية تطبيقاً لمبدأ (المفاصلة الشعورية) الذي إستدعاه شكري مصطفي من فقه سيد قطب وقام بالتأصيل الحركي له ، وهو يعني في أبسط تعريف له الإنفصال الشعوري التام عن الوسط المحيط بعضو الجماعة ، وخطورة هذه المرحلة أنها بمثابة عملية "غسيل مخ" جماعي لأعضاء التنظيم.
3- التمكن : وهي المرحلة التي يبشر بها أمراء ومنظرو جماعات التكفيرأتباعهم بأنهم سيعودون فيها من هجرتهم للمجتمع "الكافر" فاتحين ومستعدين لكل عمل صدامي مع المجتمع الكافر بعد أن أصبحوا أقوي وأكثر عدداً وعدة وعتاداً على النحو الذي حدث مع المهاجرين الأوائل إبان الهجرات الأولي للحبشة ويثرب ثم عودتهم لمكة فاتحين ، وفي هذه المرحلة يحدث تحول كبير في سلوك أعضاء الجماعة حيث يبيحون أرواح وأموال وأعراض كل من يخالفهم وذلك بعد أن صار العضو - عقب المرحلة السابقة - مجرد أداة طيعة في يد الأمير وهي عمل مشابهه لما كان يقوم به حسن الصباح في إيران قديما مع فرقة الحشاشين الباطنية، أو في عمليات غسيل المخ الجماعية التي تمارسها بعض الجماعات الغريبة وتدعو أعضاءها للانتحار الجماعي مثلا، أو ممارسة العنف ضد المجتمع وتظهر بين الحين والآخرعلى النحو الذي يحدث في أميركا وأوروبا.
* وعقب تفتت جماعة المسلمين - التكفير والهجرة - تفرق أعضاؤها في دروب شتي بين الإنخراط في صفوف السلفيين أو الجماعة الإسلامية أو الإخوان أو حتى الكف عن النشاط الحركي تماما ، ولكن مدرسة التكفير عادت للظهور مرة أخرى عام 1987 على يد عنصرين من أخطر نشطاء الحركة هما محمد كاظم ويسري عبد المنعم الذين إستطاعوا تجنيد عشرات الشباب فيما عرف آنذاك بجماعة "التوقف والتبين" التي أشتهرت إعلامياً باسم "الناجون من النار" ويعتمد فكر هذه الجماعة منهج التكفير بأسلوب يتسم بالإمعان في السرية وتوخي الحذر والتحرك في دوائر مغلقة ، ونتيجة لذلك لم تتمكن أجهزة الأمن آنذاك أن ترصد وجود أو نشاط هذه الجماعة إلابعد قيام أعضائها بتنفيذ عدة عمليات إرهابية أبرزها محاولات إغتيال الصحفي مكرم محمد أحمد ووزيري الداخلية السابقين حسن أبو باشا والنبوي إسماعيل ، وتخبطت أجهزة الأمن كثيراً في تحديد هوية مرتكبي تلك الجرائم حتى إنكشف أمر الجماعة - مصادفة - وتم القاء القبض على قادتهم في حادث قرية "الخرقانية" الشهير الذي لقي فيه كاظم مصرعه وتمكن مجدي الصفطي من الفرار ولم يضبط
وهكذا أصبحت حقيقة مؤكدة لدي رجال الأمن كما سبق وأوضحنا أن جماعة شكري مصطفى قد تلاشت بالفعل تنظيمياً لكنها ظلت باقية كمدرسة للتكفير تظهر في صور متعددة من حين لآخر وهوالأمر الذي حدث مرة أخرى في الفيوم منذ سنوات حينما إنشق شوقي الشيخ أحد تلاميذ عمر عبد الرحمن عليه وتبني فقه مدرسة التكفير وبدا في مطلع الأمر مسالما والحقيقة أنه كان في مرحلة "الإستضعاف" التي تحدثنا عنها ثم خرج من قبضة السيطرة الأمنية عليه وعاد بجماعته المسماه "بالجهاد الجديد" والمعروفة إعلاميا "بالشوقيين" وأعلن خصومته مع شخص وجماعة عمر عبد الرحمن حتى أنه اضطر حينذاك لمغادرة منزله بالفيوم وتوجه للإقامة ببني سويف خشية من فتوى أطلقها شوقي الشيخ بهدر دمه، وكان عمر عبد الرحمن يعرف حقيقة وأبعاد منهج التكفير وخطورته جيداً.
مضي شوقي الشيخ يستقطب حوله الأنصار من شباب الفيوم ويدربهم في الصحراء حتى تصادف أن شاهدهم مهندس مساحة كان يقوم بعملية مساحية فقتلوه ظناً منهم بأنه أحد ضباط أمن الدولة ، ومنذ هذه اللحظة إتجه شوقي وجماعته إلى العلانية في النشاط حتى وقعت مواجهة أمنية بقري كحك وأبو شنب راح شوقي وعدد من أتباعه ضحيتها وقبض على آخرىن وتمكن الباقون من الفرار إلى الأحياء العشوائية بالقاهرة أو إلى قري نائية على حدود الصحراء وبدأوا سلسلة من أعمال الإرهاب بعد أن أعادوا تنظيم صفوفهم فاغتالوا المقدم أحمد علاء البراوي ضابط أمن الدولة بالفيوم ، ونفذوا عدة جرائم سطو مسلح على محلات المجوهرات بأحياء الزيتون والمطرية بالقاهرة والخانكة بالقليوبية ، وتشير المعلومات الأمنية إلى مسئولية هذه الجماعات عن إرتكاب العديد من جرائم السطو المسلح وسرقة أسلحة جنود الشرطة والخفراء النظاميين بعد قتلهم ، ومرجعية هذا الإتهام تعود لما يتسم به نشاطهم من سرية بالغة وما يحيط بأساليبهم من دقة متناهية في دراسة للأهداف التي تقرر التعامل معها سواء بالإغتيال أو التخرىب أو السطو المسلح أو غير ذلك من الوسائل الإرهابية المتعددة ، ووضع خطة التنفيذ وتحديد الطريقة والأشخاص المنوط بهم ذلك ، وذلك خلافاً لأسلوب "الجماعة الإسلامية" الذي يمكن أن ينفرد الأمراء المحليون بقرار تحديد وتنفيذ بعض العمليات الإرهابية بصورة عشوائية نسبياً .
وتأسيساً على ذلك فقد إعتبر العديد من المراقبين أن وسائل وطرق التحرك التي تنتهجها جماعات التكفير قد وضعتها في مصاف أشرس أجنحة جماعات الإرهاب قاطبة ، والملاحظ ان وجود هذه الجماعة كان يتركز بشكل رئيسي في دوائر محدودة وهي: الشوقيون بالفيوم، والتوقف والتبين في دمياط والقليوبية، وتكفير الكافر في بورسعيد والسويس، مع التنويه إلى خصوصية الوضع الديموغرافي والطبيعة الكوزموبوليتانية للقاهرة بإعتبارها مصباً وملتقى لكل الجماعات ويكاد يتلاشي وجود التيار التكفيري في محافظات الصعيد الذي ظل يسيطر عليه تنظيم "الجماعة الإسلامية".
يبقى في الختام أن نشير إلى أن محاولتنا لرصد الوجود الحركي والتنظيمي لجماعات الإرهاب على الخارطة المصرية، هو في النهاية مجرد محاولة مبسطة إستعنا فيها بعدة مصادر رسمية وغير رسمية أبرزها :
أ - تقارير مصلحة الأمن العام.
ب - تقارير مركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام.
ج - مقابلات وحوارات سابقة مع مسؤولي مكافحة النشاط المتطرف بأجهزة الأمن المصرية.
د - مقابلات وحوارات سابقة مع نشطاء في الجماعات والتنظيمات الأصولية المختلفة.
هـ ـ المتابعة الإعلامية والميدانية.