نصر المجالي من لندن: لاحظت معلومات خزنة "إيلاف" أن دولة قطر المنزعجة من استثناء الدكتور إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي المؤقت زيارتها خلال جولته العربية الأخيرة التي كانت آخر محطاتها مملكة البحرين، بعد الكويت ومن قبلها السعودية والأردن وسورية ومصر، ردت بشكل إعلامي عبر وسائل إعلامها وخصوصا فضائية (الجزيرة) التي ركزت غالبية برامجها حول الشأن العراقي في شكل غير مسبوق.

وتعتقد مصادر "إيلاف" أن الرئيس علاوي "إنما استثنى قطر من جولته، كونه يدرك جيدا مدى مشاعر غالبية الشعب العراقي، تجاه تلك الدولة الخليجية الصغيرة، التي تستضيف قاعدة العديد التي كانت تنطلق منها الطائرات الأميركية لقصف منشآت مدنية عراقية وقتلت المئات من أبناء الشعب العراقي، خلال الحرب الأخيرة، فضلا عن أن قطر بالمقابل تستضيف ساجدة خير الله زوجة الرئيس العراقي السابق صدام حسين".

وقالت المصادر "بالطبع لن ينسى العراقيون الذين حررتهم الحرب الأخيرة، أن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، اصطحب معه زوجة صدام حسين على متن طائرته الخاصة إلى الدوحة من دمشق حيث كان في زيارة إلى هناك قبل شهور، وعرض على قيادة التحالف أيضا استضافة صدام حسين في قاعدة العديد الأميركية بدل أن يبقى معتقلا في مطار بغداد الدولي".

وأشارت المعلومات إلى أن "الحكومة العراقية المؤقتة تنظر بعين الشك والريبة لموقف حكومة قطر التي تكيل بمكيالين، وخصوصا أنها قبل اندلاع الحرب في العام الماضي قامت بمحاولة يائسة فاشلة لإنقاذ راس صدام حين زاره وزير خارجيتها حمد بن جاسم بن جبر عارضا عليه التخلي طواعية عن الحكم، مع الاستعداد لتوفير وضع آمن له في المستقبل، يبعده عن مواجهة محاكمة ممكنة من جانب الشعب العراقي".

وآنذاك، قالت مصادر مؤكدة من بغداد، إن صدام حسين حين عرض عليه حمد بن جاسم هذا الأمر "ما كان منه إلا أن استدعى حرسه الخاص، لاصطحاب الوزير القطري إلى طائرته الخاصة التي كانت وقتها جاثمة فيما كان يسمى مطار صدام الدولي، للعودة به آمنا إلى بلاده"، وبعد سقوط صدام حسين في إبريل (نيسان) من العام الماضي، خرج حمد بن جاسم ليكشف ما جرى خلال لقائه الخير مع صدام حسين، نافيا حكاية طرده من القصر الجمهوري، قائلا "كل ما كنت أحمله من رسالة لصدام هو أننا في قطر كنا نحاول تجنيب العراق والمنطقة حربا كارثية".

وربطت مصادر معلومات "إيلاف" وقتها بين تحركات دولة قطر، وتحركات دول كبيرة في الجوار الخليجي والعربي لتدارك الأمر في اللحظات الأخيرة، وتجنب الحرب كخيار أخير، لكن لوحظ أن دولة قطر "حاولت القفز على مساعي تلك الدول، وأوفدت وزير خارجيتها حمد بن جاسم قبل شهرين من اندلاع الحرب إلى واشنطن، في محاولة منه لإنجاز دور قطري قد يخدم مصالح الولايات المتحدة، ويقفز على أدوار الدول المؤثرة ومنها المملكة العربية السعودية ومصر تحديدا، وهما دولتان كانتا تتحاوران مع الجانب الأميركي حول تداعيات أي حرب محتملة ونتائجها على الصعيد العراقي محليا وعلى دول المنطقة بأكملها".

وقالت المصادر "لكن من سوء طالع حكومة الدوحة أن ما تدعيه من حليف أميركي كبير لها بعد أن منحته قاعدة العديد، ورطها في الموافقة على ذهاب وزير الخارجية حمد بن جاسم إلى بغداد للتفاهم مع صدام حسين حول مسالة التنازل، والذهاب إلى المنفى، في الوقت الذي كانت فيه الإدارة الأميركية عاقدة العزم على ضرورة إطاحة صدام حسين بالقوة المسلحة ولا سبيل غير ذلك". وهو أمر كان تم التفاهم عليه مع الدول العربية ذات التأثير في القرار.

ولاحظ المراقبون، أن استثناء الدوحة من جولة الدكتور الرئيس علاوي الأخيرة، تستند إلى تلك المواقف، حيث ردت عاصمة قطر بتسخير كل إمكانياتها الإعلامية عبر فضائية (الجزيرة) وغيرها، لتوجيه ضربات إعلامية ضد الحكومة المؤقتة، وخصوصا لجهة الأمن الداخلي، حيث تركزت جميع النشرات الإخبارية والبرامج المتصلة في الحوارات سواء عبر الهاتف مع أشخاص منتقين بعناية فائقة لتوجيه حملة "انتقادات لحكومة علاوي بعدم قدرتها على إدارة الأزمة الأمنية الداخلية".

وقال هؤلاء المراقبون "إن الحملة الإعلامية طالت أيضا من جانب أو آخر المبادرة السعودية التي تقترح إرسال قوات عربية أو إسلامية إلى العراق لتحل محل قوات التحالف"، مشيرين إلى أن "دولة قطر تفشل ثانية في مواجهة قرارات أو مبادرات تصدر من دول لها تأثيرها المهم، ولو بنسبة معقولة، وتستمع إليها الدولة العظمى الولايات المتحدة".

يذكر أن المملكة العربية السعودية، أعلنت عن مبادرة مشروطة بأربع نقاط، لإرسال قوات عربية وإسلامية للحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق، في الأسبوع الماضي، تزامنا مع زيارتي رئيس الوزراء العراقي ووزير الخارجية الأميركي كولن باول، وهي مبادرة نالت رضاء جميع الأطراف المعنية، رغم أن تنفيذها غير سهل المنال".

وأخيرا، يقول المراقبون، إن "ما أغاظ حكومة الدوحة هو زيارة الدكتور علاوي لكل من الكويت ومملكة البحرين، حيث هي كانت تناور على استمرار العلاقات السيئة كويتيا وعراقيا، والأدهى من ذلك أن الدوحة فجعت بزيارة علاوي للعاصمة السورية حيث استقبل هناك على نحو بروتوكولي رفيع المستوى، إذ كانت الدوحة تعتقد أنها حققت تحالفا استراتيجيا مع العاصمة السورية التي تناست كل الزيارات الرسمية التي قام بها مسؤولون قطريون كثيرون وفي مقدمتهم ولي العهد تميم بن حمد آل خليفة، الذي حاول بناء جسر تواصل تحالفي مع دمشق، التي لها مصالحها الخاصة في الإقليم بعيدا عن الطموحات القطرية".