نصر المجالي من لندن: أعرب مسؤولون في وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية عن خشيتهم من غياب رجل الدين المعتدل آية الله علي السيستاني عن المسرح السياسي العراقي المتفجر، وهو كان وصل إلى مطار هيثرو البارحة عن طريق العاصمة اللبنانية بيروت، ونقل على الفور إلى منزل خاص في شمال لندن تحت رعاية صحية فائقة وحراسة أمنية مشددة، رغم أن تقارير الصحف البريطانية قالت أن الزعيم الديني الإيراني المولد، لم يكن بحاجة إلى مساعدة من أي أحد من مرافقيه أو مستقبليه حيث هو توجه على صالة الاستقبال ماشيا على قدميه، بعباءته العربية وعمامته الدينية التقليدية الخاصة بالزعماء الروحيين من طائفة الشيعة.

وهذه هي المرة الأولى التي يغادر فيها السيد السيستاني، مدينة النجف الأشرف، وهي حوزته العلمية تاريخيا، حيث شهدت هذه المدينة التاريخية التي يؤمها الشيعة المسلمون أمس الجمعة أحداثا دامية، أدت على مقتل ما لايق عن مائتي شخص وجرح عشرات آخرون، في تفجيرات إرهابية ومعارط طاحنة غير مسبوقة، منذ إطاحة حكم صدام حسين في إبريل (نيسان) من العام الماضي.

ونقلت الصحافة البريطانية اليوم عن مصادر قريبة من الزعيم الروحي، قولها أنه وصل على نحو غير متوقع على لندن، ونقل على الفور إلى منزل خاص في شمالها تحت حراسة مشددة شاركت فيها قوات من الشرطة البريطانية، التي كانت مدججة بمختلف أنواع الأسلحة ورافقت الزائر العراقي إلى مقر إقامته الجديد مرفوقا بفريق طبي، يشرف على حالته منذ أن أصيب قبل يومين بازمة قلبية قيل أنها "خفيفة".

وقال متحدث رسمي باسم مؤسسة الإمام علي من مقرها في شمال العاصمة البريطانية للصحافة "من المبكر الحديث بتفاصيل عن حالة الإمام الصحية، ولكن الذي نعرفه، هو انه بحاجة إلى فحوصات واختبارات طبية عاجلة".

وقال مسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية اليوم، أن زيارة السيد السيستاني المفاجئة للندن لأغراض التداوي، تمت بترتيبات مسبقة مع مسؤولين بريطانيين على مستوى عال، ولم يخف هؤلاء المسؤولين الكبار خشيتهم "على صحة الزعيم الروحي"، مشيرين على أن "غياب له عن ساحة العراق السياسية المتفجرة، سيكون له عواقب سيئة على مجمل الحال هناك، إذا ما عرفنا المواقف المعتدلة لرجل الدين الكبير الذي يتميز بتقدير عال في العالم الإسلامي كله".

وختاما، أعادت تقارير الصحف البريطانية، إلى الأذهان كل المواقف التي كان يطرحها السيد السيستاني منذ حرب التحالف الدولي الذي أطاح حكم صدام حسين في العام الماضين مشيرة إلى " مرونته الفائقة وحكمته المتميزة بانفتاح في التعامل مع تداعيات الأحداث على الساحة العراقية، فهو صاحب صوت مسموع من جانب الجميع". ونبهت التقارير البريطانية إلى الدور الكبير الذي نفذه آية الله السيستاني، وقاد قوات التحالف الدولي على التسريع في عملية تسليم السيادة للشعب العراقي، في أول يوليو(تموز) الماضي.