روحي عازار من دبي: ترك الإفراج الأخير عن سجناء سياسيين سوريين انطباعا حسنا وخلق ارتياحا في نفوس ذوي المعتقلين الذين التقوا أبناءهم بعد سنوات من السجن وصلت عند بعضهم إلى 30 سنة مثل عماد شيحة. إلا ان هذا لا يعني أن مشاكل هؤلاء قد انتهت.

يعتبر كل السجناء الذين أطلق سراحهم في عداد المحرومين من حقوقهم المدنية إضافة إلى المنع من السفر . ونظرا لغياب جمعيات أهلية سورية تعمل على تعبئة هؤلاء السجناء في وظائف خاصة ، يحتاج المفرج عنهم إلى الاعتماد على علاقات شخصية حتى يتمكنوا من الدخول في أي عمل. ولعل المشكلة البارزة التي يعاني منها هؤلاء أيضا هي الانقطاع الطويل عن تطورات العالم لأن ما سمح لهم في السجن لا يعدو كونه من الأشياء التي لا رقابة عليها في سوريا. ومما يدلل على ذلك ان بعض هؤلاء السجناء قضى عشرات السنوات في السجن وفي ليلة الإفراج عنه راح يطلق تصريحات نارية على أميركا ويتناسى تماما الحديث عن ظروف اعتقاله.

وإطلاق سراح هؤلاء لا يعني ان السلطات الرسمية غضت الطرف عنهم ، إذ ان بعضهم قطع خط هاتفه وبعضهم الآخر تحت المراقبة الدائمة . ونظرا لطول عمر حكاية " السجين السياسي " في سوريا فإن فئات كبرى من المجتمع السوري ترفض التعامل مع هذا الإنسان بسبب الخوف، لدرجة أن زوار السجين الجنائي المفرج عنه بعد سجن بسبب التهريب أو الاعتداء أكثر من زوار السجين السياسي الذي يخرج ليجد بعض " الرفاق" ومن تبقى من الأصدقاء إضافة إلى المعارضين والنشطاء.

وحكاية السجين السياسي السوري مؤلمة حقا . بعضهم خرج ولم يجد والديه على قيد الحياة ، وبعضهم خرج ليجد أطفاله طلابا في الجامعات . وهذه المشاكل تخلق هوة كبيرة بين السجناء المفرج عنهم وعائلاتهم وصعوبة في فهم متبادل بين الطرفين. وقسم كبير من السجناء المفرج عنهم يعاني من أوضاع صحية صعبة للغاية تحتّم عليهم سنوات الدخول في علاج طويل قبل التفكير أصلا بممارسة أي عمل.

لذا تلح أطراف كثيرة في سورية – لا بل تنتظر – قرارا رئاسيا يشمل جميع هؤلاء من حيث عودتهم إلى أعمالهم أو التعويض لهم على سنوات قضوها في السجن بسبب الرأي وهذا ما تؤكده اللجان التابعة للأمم المتحدة.