جويد الغصين في حديث لـ"إيلاف":
السلطة الفلسطينية تتخبط وعرفات يتصرف بالأموال كأنها حسابه الشخصي
نصر المجالي ونهاد إسماعيل من لندن:قال القيادي الفلسطيني السابق جويد الغصين إن السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات تتخبط في قراراتها، وهي لا تقدم خدمة للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الفساد بلغ حدًا لا يوصف، حتى أن عرفات يتصرف بأموال هذا الشعب كأنها حساب شخصي له ولمن حوله من المحظيين.
وفي حديث مع "إيلاف" جرى في منزله في لندن كشف الغصين إن اكبر خطأ ارتكبه ياسر عرفات هو وقوفه مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين غزا الكويت في العام 1990 ، وكانت نتيجة ذلك تشريد حوالي مائتي ألف فلسطيني من الكويت. يذكر أن الغصين كان عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيسا للصندوق القومي الفلسطيني إلى ان استقال في العام 1996 .
وإلى نص الحديث:
* يكثر الحديث راهنا عن ظاهر الفساد المالي في السلطة الفلسطينية، فهل لكم ان تلقوا الضوء على هذا الظاهرة من خلال تجربتكم كأحد القياديين الفلسطينيين في وقت سابق، وكرئيس للصندوق القومي الفلسطيني لمدة 12 عاما.
ـ هذا موضوع ليس جديدا، هناك تصرفات غير مسؤولة في الانفاق والتوزيع، وكرئيس للصندوق حاولت رغم المعارضة الشديدة من بعض الاطراف وضع آلية للمحاسبة والشفافية، خاصة فيما يتعلق بالمعونات من الدول المانحة وعلى الأخص دول الاتحاد الاوروبي التي تمول مشاريع ويحق لها أن تتأكد ان المشروع تم تنفيذه حسب المواصفات والشروط التي تم الموافقة عليها مسبقا. للأسف الشديد أن رئيس السلطة الأخ أبو عمار كان يتصرف بالأموال كأنها حسابه الشخصي ويتم الإنفاق دون مراقبة او محاسبة وتوزع لإرضاء هذا الطرف أو ذاك أو لإسكات فلان وعلان، حتى أن مبالغ كبيرة ذهبت لجيوب أفراد لا صلة لهم بالنضال الفلسطيني سوى الإثراء الذاتي. وأنا أعلنت عن استقالتي في نيسان عام 1996.
* ولكن كيف تقيم أداء السلطة بشكل عام وأنت كنت جزءا من هذه السلطة واحد رموزها البارزين؟
ـ كما قال الملك عبد الله الثاني في لقائه التلفزيوني مع فضائية (العربية) قبل أيام، هناك تخبط وعدم وجود رؤية واستراتيجية واضحة. هناك تغيير في الآراء وارتجال في السياسة وعدم القبول بأي نقد أو رأي معارض، أي أصبحنا أمة عاجزة تعتمد على رجل واحد واصبح هذا الرجل اكبر واهم من القضية المصيرية.
* هل تعني بذلك أبو عمار شخصيا؟
ـ أنا لا أريد أن أضع اللوم على فرد معين بالذات، ولكن المسؤولية جماعية ومن الطبيعي كون أبي عمار على رأس وهرم السلطة عليه أن يتحمل العبء الأكبر من المسؤولية لما يجري. من كان يتصور أعمال خطف وقتل في غزة ومحاولة اغتيال نبيل عمرو، من هو المسؤول عن هذا التسيب والانفلات هل هم الوزراء الذين يخافوا على مناصبهم. وعلينا أن لا ننسى انهم جميعا بما فيهم أبو عمار يخضعون للاحتلال ومحاصرين وظروفهم صعبة.
* كيف ترى تعامل ياسر عرفات مع زملائه، خصوصا وانك عملت معه عن قرب؟
ـ أنا أريد ان أشيرإلى بعض القرارات التي تصدر عن عرفات، وهناك مثل واحد مثل مؤتمر مدريد الذي كتب عنه الكثير، فالوفد الفلسطيني المفاوض وبعد اجتماع طويل توصلوا غلى قرار و تفاهم لكي يضغطوا على الوفد الإسرائيلي بعمل تنازلات معينة، فجأة تدخل أبو عمار ومن خلف ظهرهم يغير كل شيء ويوافق على أشياء إضافية ويسحب السجادة من تحت أقدام زملائه، وهكذا حدثت أوسلو التي انتقدها الكثيرون، ومنهم المرحوم المناضل ادوارد سعيد.
* هناك سؤال يتعلق بصدام حسين، حيث تعرض عرفات لانتقادات شديدة من قبل دول عربية، ومن فلسطينيين لوقوفه مع صدام حسين في غزوه للعراق، ماذا كان موقفكم؟
ـ أقول بصراحة تامة أن هذا الموقف كان خطأ تاريخيا. وهذا الخطأ جلب كارثة ل 200 ألف فلسطيني طردوا من الكويت كنتيجة مباشرة لهذا القرار السيء.
* ولكن لم تجب بوضوح عن هذه النقطة ما هو سر هذا الدعم الذي قدمه صدام للمنظمة؟ ولماذا لم تبق السلطة محايدة في مسألة غزو الكويت؟
ـ صدام قدم دعما ماليا، واعرف عن مبلغ قدمه صدام حسين يبلغ 150 مليون دولار، والبعض يعتقد ان هذا المبلغ هو ثمن " الكارثة." وبعض الغاضبين قالوا في ذلك الوقت ان القيادة باعت الشعب الفلسطيني في الكويت.
* ألا تظن أن هذا الكلام قاسيا؟ ربما ولكن الحقيقة دائما مؤلمة ولا نستطيع تخبئتها تحت السجادة؟ وهل قابلت صدام شخصيا؟
ـ نعم وفي إحدى الزيارات غضب مني وطلب من مساعديه أن يحضروا ملف عني؟ والسبب أنني تجرأت وانتقدت الحرب ضد إيران وهذا كان عام 1986 .
* وما هي خلفيات علاقتكم مع الأردن ومع الأسرة الهاشمية بالذات؟
ـ أقولها بصراحة إن أجدادنا وقفوا مع الملك عبد الله الأول والملك الحسين رحمه الله كان صديقا عزيزا مخلصا ويعاملنا كأننا اقرب المقربين له. وننظر للأردن كبلدنا والشعب الاردني شعبنا ورغم كل الأقاويل والتحاليل التي نسمعها هذه الأيام في نظري الشعبين غرب النهر وشرقه هما شعبا واحدا. في عام 1977 قدم مناحيم بيغن اقتراحا لدولة فيدارالية تشمل الأردن وفلسطين وإسرائيل ولكن الفلسطينيين رفضوها وكما نعرف تم طرح مبادرات كثيرة كلها باءت بالفشل بسبب التعنت الإسرائيلي وعدم تواجد رأي واحد وصوت واضح واستراتيجية واضحة من الطرف الفلسطيني مما دعا الملك حسين رحمه الله أن يترك الشأن الفلسطيني للفلسطينيين عام 1988.
* تعرض الملك عبد الله الثاني، لانتقادات فلسطينية شديدة اللهجة، بعد تصريحاته لفضائية (العربية) بسبب موقفه الداعي إلى إصلاحات في السلطة، وموقفها من عملية التسوية، فما هو تعليقك؟
ـ الملك عبد الله الثاني قال الحقيقة، وهو أن ما ترفضه السلطة علنا وتعتبره خيانة تقبله خلف الكواليس مثل موضوع اللاجئين وأنا مقتنع تماما ان الأردن ليس له أي أطماع أو طموحات في الضفة الغربية، لأنه كما قلت سابقا الشعبين الأردني والفلسطيني شعب واحد، والأردن وقف مع الشعب الفلسطيني واستقبل اللاجئين ووضعهم احسن بكثير من اللاجئين في لبنان وبلدان عربية أخرى.
* سؤال أخير، كيف تنظرون إلى المستقبل الفلسطيني، وماذا تعتقد سيحصل في العملية السلمية؟
ـ أريد أن أقول إن القادة العرب واليهود مخطئون إذا كانوا يظنون أن الحرب والقتل والعنف ستحقق أي نتيجة. أنا أؤمن بمبدأ التعايش السلمي بين الشعوب عرب وإسرائيليين ويجب رفع كافة الحواجز العسكرية والحواجز النفسية التي هي أهم في نظري من الحواجز العسكرية. كنت أظن أن باراك كان يحلم أو يمزح عندما ذكر احتمال بناء جدار عازل. نحن في الحقيقة نريد مجتمعا فلسطينيا مبنيا على مؤسسات ديمقراطية وشفافية في التعامل وإعطاء الإنسان الفلسطيني حقوقه الأساس من تعليم وخدمات صحية وأمن وقانون ليحمي الجميع وقيادة وطنية شابة تستطيع التعامل مع التطورات الأخيرة وتكون قادرة على مواجهة التحديات الخطيرة. القيادة الحالية فشلت في تقديم إي إنجاز. وفي الأربع سنوات الأخيرة دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا في الأرواح والممتلكات. وإزالة الاحتلال تبقى من أهم الأولويات. واكرر إن القيادة الحالية فقدت ما تبقى لها من مصداقية في الشارع العربي والفلسطيني وحتى في دول الاتحاد الأوروبي التي تدعم مشروع دولة فلسطينية مستقلة قابلة للنمو وهذه القيادة فشلت في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني المناضل.
التعليقات