لندن اعتقلت 11 مشبوها وواشنطن تنتقد إجراءاتها
حليفا حربالخليج يتجادلان "إرهابيا"

نصر المجالي من لندن: لاحظت مصادر معلومات خزنة "إيلاف" أن حربا صامتة بين حكومتي لندن وواشنطن وهما حليفتا الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان ومن بعدها حرب إطاحة حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل أكثر من عام، حيث تبادل مسؤولون كبار في العاصمتين انتقادات للطرف الآخر في عدم اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف التهديدات الإرهابية التي تهدد الجانبين.

وتقول مصادر "إيلاف" إن حكومة لندن قادت الانتقادات لواشنطن من خلال تصريحات لوزير الداخلية البريطاني الضرير والحاسم في قراراته ديفيد بلانكيت حول رد الفعل السلبي من جانب واشنطن على حملة الإعتقالات التي نفذتها الشرطة البريطانية في الأسبوع الماضي ضد 12 شخصا متهمين بالارتباط أو التخطيط لعمليات إرهابية سواء في بريطانيا، وخصوصا مطار هيثرو الدولي أو ضد منشآت في الولايات المتحدة وخصوا نيويورك التي شهدت اكبر كارثة إرهابية بعد تفجير برجي التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 .

ونقل عن بلانكيت قوله "رد فعل إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش وأركان إدارته على تحذيراتنا لهم ، من احتمال وقوع عمليات إرهابية على الأراضي الأميركية، كان رد فعل سخيف وساذج".

وتعتقد المصادر الاستخبارية البريطانية أن مسؤولين أميركيين يتعاطون مع أي تهديد إرهابي في هذه المرحلة "في إطار حملة الانتخابات الرئاسية الولايات في السباق نحو المكتب البيضاوي في البيت البيض بين الرئيس الجمهوري الحالي بوش ومنافسه الديموقراطي جون كيري"، يشار إلى أن إدارة بوش ردت على الموقف البريطاني الناقد لها بنشر معلومات جديدة عن المعلومات التي ضبطتها السلطات الباكستانية عبر أجهزة كمبيوتر حين اعتقلت واحدا من الرجال المهمين المنتمين لشبكة (القاعدة) الأسبوع الماضي.

وللرد أيضا على الموقف البريطاني، فإن المسؤولين الأميركيين حاولوا وضع الحكومة البريطانية في زاوية ضيقة لا تستطيع معها الدفاع عن نفسها حين قالوا "التسجيلات الكمبيوترية التي لدينا، تشير إلى أن الإرهابيين كانوا يخططون لاغتيال وزير الخزانة البريطاني غوردون براون، وان صورا له وجدت على شبكة الكمبيوترات المضبوطة في إسلام أباد".

يشار في هذا المجال، إلى أن غوردون براون مرشح كخليفة محتمل لرئيس الوزراء توني بلير في زعامة حزب العمال لخوض الانتخابات المقبلة في ربيع العام 2005 .

وكانت مستشارة الأمن القومي الأميركي كوندايسا رايس، ردت على موقف المسؤولين البريطانيين في المعلومات الاستخبارية المقدمة إلى واشنطن أخيرا بقولها "يبدو أنكم في لندن راغبون بدخول اللعبة السياسية في الولايات المتحدة من أوسع بواباتها وهي قضية الإرهاب".

وحسب ما عرفته معلومات "إيلاف"، فإن الاستخبارات البريطانية قدمت ملفات كثيرة مدعومة بالوثائق للجانب الأميركي الحليف تشير فيها إلى أن جماعة القاعدة وأنصارها يخططون لتفجيرات على الساحة الأميركية قد تستهدف مصالح مثل مبنى صندوق النقد الدولي في نيويورك وكذلك البنك الدولي.

وعاتبت رايس، حكومة لندن بقولها "كان من المفترض من الحليف أن يبلغ مباشرة المنشآت المستهدفة بعمل إرهابي، أم أنكم لا تريدون إبلاغنا؟".

وهذا العتاب الغاضب من جانب رايس، حدا بوزير الداخلية على الرد المباشر، حيث قال "في الولايات المتحدة، كما نعرف لا يوجد استعداد أقصى لتتبع عناصر الإرهاب كما نفعل هنا في بريطانيا، فهم يسارعون إلى تصعيد رد فعلهم على أي تهديد إرهابي، عبر تصريحات لمسؤولين كثيرين، بعكس ما نقوم به في بريطانيا، حيث نقوم بواجبنا على أقل من مهلنا، حتى نتمكن من متابعة المشتبهين، وفي حال اعتقالهم لا نصعد تصريحاتنا كما يجري على الساحة الأميركية السياسية والإعلامية والأمنية".

وقال وزير الداخلية بلانكيت "نحن في بريطانيا تعودنا أن لا نتكلم كثيرا، ولا نعلق كثيرا، ولا نتوقع كثيرا، فنحن أناس عمليون وواقعيون، ونقوم بهمتنا استنادا إلى وقائع لا توقعات وحسابات خاطئة، ولا غير ذلك".

يشار إلى أن السلطات الأمنية البريطانية لا تزال تعتقل أحد عشر مشتبها تقول إنهم على علاقة بشبكة (القاعدة) وانها ضبطت لديهم وثائق تدينهم بالتخطيط لعمليات إرهابية، ولكن التحقيقات لا تزال مستمرة معهم، ومن ضمن هذه الوثائق صورا لعدد من المعتقلين وهم يحملون رشاشات كلاشينكوف ورسائل تحمل اسم كتائب القدس الفلسطينية لأحد المعتقلين حيث كان كلف بتنفيذ عملية انتحارية، وهو كان تدرب حسب الوثيقة في معسكر تابع لحركة حماس الفلسطينية المتشددة التي تقف وراء العمليات الانتحارية في الأراضي المحتلة ضد القوات الإسرائيلية.

وتقول المصادر الاستخبارية البريطانية أنها سربت معلومات للحليف الأميركي، تحذرها من أن أحد الرجال المعتقلين حاليا واسمه الحركي أبو الهندي، وهو أحد قادة شبكة القاعدة في بريطانيا، وكان دائم الحضور في ندوات أبو حمزة المصري في مسجد فينزبري بارك، في شمال لندن، كان يقوم بمهمة مراقبة مصارف ومؤسسات مالية أميركية في الأعوام الأخيرة قبل اعتقاله الأسبوع الماضي مع الآخرين.

وإلى ذلك، فإن من بين المعتقلين ألـ 11 ، الذين تتواصل التحقيقات معهم في سجن بيلمارش البريطاني في جنوب لندن، عدد ممن كانوا تقدموا بطلبات اللجوء لدى الحكومة البريطانية في العامين الماضيين ولكن تبين للسلطات الأمنية تورطهم بعلاقات مع الشبكات الإرهابية المتشددة.