أحمد عبدالعزيز من موسكو: أعلنت السلطات الجورجية أن موكب رئيس وزراء جورجيا زوراب جفانيا تعرض للقصف أثناء مروره بمنطقة (إريدفي) في طريق لحضور اجتماع لجنة الرقابة المشتركة لتسوية النزاع الجورجي-الأوسيتي التي بدأت لقاءها اليوم في العاصمة الأوسيتية تسخينفالي. وهذا القصف هو الثالث خلال الأيام الأخيرة في سلسلة إطلاق النار على مواكب المسؤولين الرسميين والبرلمانيين الذين يتواجدون في منطقة النزاع. وكان موكب لبرلمانيين روس بقيادة أندريه كوكوشين قد تعرض في نهاية الأسبوع الماضي لإطلاق النار من جانب القوات الجورجية. وبعد ذلك تعرض موكب زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي لقصف أثناء توجهه إلى منتجع سوتشي الأبخازي.

وفي الوقت الذي نفت فيه تبليسي أن يكون القصف قد جرى من قواتها، أعربت موسكو عن قلقها من اتخاذ الأوضاع منعطفا جديدا يعمل على تصاعد النزاع في المنطقة. وفي ما يتعلق بقصف موكب رئيس الوزراء الجورجي زوراب جفانيا، أعلن الرئيس الأوسيتي الجنوبي إدوارد كوكويتي عدم مسؤولية القوات الأوسيتية، مشيرا إلى أن عملية القصف تأتي في إطار مؤامرة استفزازية غير معروفة المصدر. وأكد بأن منطقة (إريدفي) تقع تحت سيطرة القوات الداخلية الجورجية.

من جهة أخرى، وعلى الرغم من محاولات تهدئة الأوضاع في منطقة النزاع الجورجي-الأوسيتي، أكدت قيادة قوات حفظ السلام في المنطقة بأن القوات المسلحة الجورجية تجري عمليات تركيز للمعدات الثقيلة، ومن ضمنها الدبابات أيضا، في الجهة الشمالية لمنطقة تسخينفالي الأوسيتية. وفي الوقت نفسه دعل رئيس الوزراء الجورجي زوراب جفانيا سكان القرى الجورجية إلى إجلاء الأطفال عن المنطقة، وهو ما وصفته الدوائر العسكرية والسياسية بأنه إنذار حرب. وأشارت إلى أن موعد الاشتباكات واسعة النطاق التي يتوقعها الكثيرون قد اقترب.

وعلى الصعيد الروسي أعرب سفير وزارة الخارجية الروسية للمهمات الخاصة إيجور سافولسكي عن القلق من الوضع الأمني لمواطني روسيا الاتحادية القاطنين في منطقة النزاع الجورجي-الأوسيتي. وذكر سافولسكي أن المخاطر المحدقة في منطقة النزاع تمس بشكل مباشر مواطني روسيا الاتحادية القاطنين في تلك المنطقة. ويذكر أن حوالي 80% من سكان أوسيتيا الجنوبية يجملون الجنسية الروسية.

وفي الوقت الذي أكد فيه سافولسكي بأنه لا يجوز السماح بتسوية النزاعات في مناطق الاتحاد السوفيتي السابق عن طريق القوة، وضرورة تسوية النزاعات على أساس مبادئ القانون الدولي، وعن طريق الحوار السياسي بين الأطراف المتنازعة، تطرق إلى الوضع المتأزم في أوسيتيا الجنوبية، مشيرا إلى دعوة وزارة الخارجية الروسية إلى عقد جلسة عاجلة للجنة الرقابة المشتركة المعنية بتسوية النزاع الجورجي-الأوسيتي. وشدد الدبلوماسي الروسي على ضرورة إخراج التشكيلات المسلحة غير الشرعية من منطقة النزاع، مشيرا في الوقت نفسه إلى قيام روسيا بدعوة الجانبين، وخاصة الجورجي إلى تنفيذ قرارات لجنة الرقابة المشتركة التي وقعا عليها سابقا.

ومن جانبه رأى رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي قنسطنطين كوساتشوف أنه لا بديل لاتفاقية 24 يوليو 1992 حول مبادئ تسوية النزاع الجورجي الأوسيتي. وأضاف بأنه "قد جرى تجميد الوضع في منطقة النزاع الجورجي الأوسيتي خلال 12 سنة، وتم تجنب إراقة الدماء فقط بفضل وجود قوات السلام المشتركة". وفي ما أكد على أن الوضع لم يشهد تغييرات كبيرة منذ عام 1992، أشار إلى أن الجانبين الجورجي والأوسيتي كالسابق يرفضان الاستماع إلى براهين بعضهما البعض، وغير مستعدين للاتفاق والتفاوض. كما أن فكرة الجانب الجورجي بالخروج الأحادي من الاتفاقية يعد خطأ كبيرا وينذر بعواقب وخيمة. ولا فائدة من تسوية مثل هذا النزاع بالقوة حيث توجد الكثير من الأمثلة على تطور الوضع في النزاعات المجمدة في طريق إيجاد حلول وسط مقبولة للطرفين".

وكان إطلاق النار الذي تعرضت له القرى الجورجية الواقعة في منطقة النزاع الجورجي-الأوسيتي الجنوبي قد أسفر عن مقتل 4 من أفراد القوات الداخلية الجورجية، وإصابة أكثر من 55 بجروح، وتهدم عدد من المنازل. وحاولت التشكيلات الأوسيتية الجنوبية الاستيلاء على طريق يربط بين القرى الجورجية الواقعة في منطقة النزاع ولكنها فشلت. واستخدمت في قصف القرى الجورجية كل أنواع الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة. وحسب معلومات وزارة الداخلية الجورجية تمكن الجانب الجورجي من تدمير مصفحتين تابعتين للتشكيلات الأوسيتية الجنوبية.

على صعيد آخر وفي ظل الاشتباكات العسكرية المتواصلة بين القوات الجورجية والأوسيتية التي يروح ضحيتها يوميا العديد من المدنيين وأفراد التشكيلات المسلحة من الطرفين، رأى زعيم الحزب الشيوعي الروسي جينادي زيوجانوف أن "الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي لا يصلح لشيء سوى الأعمال الاستفزازية". وذكر زيوغانوف أن جورجيا تنتهج سياسة غير مدروسة في منطقة النزاع الجورجي-الأوسيتي، وستنتهي محاولاتها لحل المشكلتين الأبخازية والأوسيتية بالقوة بالفشل الذريع. وأشار زعيم الحزب الشيوعي الروسي إلى ضرورة منح أوسيتيا الجنوبية إمكانية تقرير مصيرها. وأشار إلى أن 70% من سكان تلك المنطقة يحملون الجنسية الروسية. وأضاف بأن نتائج الاستفتاء الذي تم إجراؤه في هذه الجمهورية غير المعترف بها تدل بوضوح على أن معظم السكان صوتوا لصالح الاستقلال عن جورجيا. وشدد زيوجانوف على عدم جدوى إرغام الأوسيتيين على العيش في وحدة مع جورجيا. ورأى أن على روسيا أن تصرح بحزم بأن جورجيا تقع ضمن منطقة مصالحها في القوقاز.