أجمع المراقبون على أن لقاء وزيري الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف والأميركي دونالد رامسفيلد في سانت بطرسبورج لم يسفر عن أي تقارب ملموس في الملفات الخلافية، والتي يتصدرها ملف العراق إضافة إلى النزاع الجورجي-الأوسيتي، والخلافات بين روسيا ودول البلطيق التي انضمت مؤخرا إلى حلف شمال الأطلسي.
وخلال لقائه بنظيره الأميركي دونالد رامسفيلد في مدينة سانت بطرسبورج أكد وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف موقف موسكو حول العراق. وعلى الرغم من أن إيفانوف صرح بأن الأزمة العراقية لم تبحث خلال اللقاء، وسوف تبحث لاحقا، إلا إنه أبرز الموقف الروسي مجددا لضيفه الأميركي مشددا على أن روسيا كانت أولى الدول التي اقترحت عقد مؤتمر ولي حول العراق بمشاركة جميع القوى السياسية العراقية والدول الكبرى ودول الجوار. وأشار إلى أن مثل هذا الاقتراح لا يزال حيويا إلى الآن. كما جدد إيفانوف تأكيداته على الموقف الروسي الذي لا يزال يدعو إلى التسوية السلمية بالطرق السياسية، وقبل كل شيء تحت إشراف الأمم المتحدة التي يجب أن يسند إليها الدور المركزي.
ومن جانبه أعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بأنه بحث مع نظيره الروسي موضوعات التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. وأضاف بأن هذه القضايا قد أصبحت في غاية الحدة وتتطلب تعاونا مكثفا بين موسكو وواشنطن. وشدد بشكل خاص على أن التعاون المبشر بين الولايات المتحدة وروسيا سيكون في مجال منع انتشار منظومات صواريخ زينيت" المحمولة.
على صعيد آخر حمل وزير الدفاع الأميركي على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، واصفا المواجهات التي تمارسها قوات جيش المهدي بأنها غير شرعية وتضر بالسلام والأمن في العراق. وقال إنه "من الواضح أن تصرفات الصدر في النجف غير قانونية وتضر بالسلام والمن وتولد العنف في العراق". وشدد رامسفيلد على أن العراق دولة ذات سيادة، ويحاول كل من الرئيس ورئيس الوزراء العراقيين دفع الأمور في اتجاه إجراء الانتخابات التي من المقرر إجراؤها في العام المقبل. وأشار رامسفيلد إلى أن إحدى أهم المهمات العاجلة هي تعاون الحكومة العراقية مع دول التحالف، وضرورة نجاحها في توفير الظروف المناسبة للانتخابات القادمة.
وفي الوقت الذي توقع فيه الكثيرون من المراقبين أن يتطرق الحديث إلى التعاون العسكري الروسي-الإيراني، تجنب الطرفان الخوض في هذا الملف نظرا لمعرفة الولايات المتحدة بموقف روسيا الثابت بشأن التعاون في المجال العسكري عموما مع إيران، وفي مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ورأى غالبية المراقبين أن الموضوع الأساسي الذي وصل لبحثه رامسفيلد إلى سانت بطرسبورج مع نظيره الروسي هو الملف الجورجي الذي يثير قلق روسيا، ويكاد يفجر الوضع في منطقة ما وراء القوقاز. وفي هذا الصدد تحديدا أعرب وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف عن قلق موسكو من المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لتبليسي. وذكر بأنه أبلغ الوزير الأمريكي برأي روسيا ومخاوفها، وأن الوضع في جورجيا يتطور وفقا لواحد من أخطر السيناريوهات. كما أفاد أيضا بأن موسكو تصر على التسوية السلمية للنزاع الجورجي-الأوسيتي، والتي يجب أن تبدأ بإخراج جميع القوات غير الشرعية من منطقة النزاع، في إشارة واضحة إلى القوات الجورجية.
وفي الوقت الذي لاحظ فيه المراقبون أن لقاء إيفانوف-رامسفيلد لم يسفر عن أي نتائج أو تقارب ملموس في الملفات الخلافية (العراق، جورجيا، إيران، دول البلطيق التي انضمت مؤخرا إلى الناتو)، أشاروا إلى مرونة واضحة في موقف موسكو بشأن التعاون مع واشنطن في مجال منظومات الدفاع المضاد للصواريخ. وقال إيفانوف في هذا الشأن إنه لا يستبعد نظريا التعاون مع الولايات المتحدة في بناء تلك المنظومات. وشدد على أن مثل هذا التعاون الحساس يجب أن يكون تحت الرقابة الكاملة للدولة، مشيرا إلى أن الشرط الوحيد لروسيا من أجل التعاون هو الرقابة الحكومية من الجانبين بنسبة 100%. وأضاف بأن أوامر صدرت للخبراء الروس بالعمل على ملف التعاون في مجال التقنيات الدفاعية الدقيقة. وأكد بأن روسيا قطعت شوطا طويلا في هذا المجال، وتدعو الآن خبراءها للعمل بإيقاع أسرع من السابق.
- آخر تحديث :
التعليقات