بشار دراغمه من الضفة الغربية: خيمة الاعتصام في مدينة نابلس، كانت خاوية من روادها، ولم يبق فيها سوى صور الأسرى، التي بدت كحال أصحابها، وكأنها معتقلة لدى الاحتلال، بعدما انتشر عشرات الجنود حولها، فميدان الشهداء تحول إلى قاعدة عسكرية للاحتلال، ومكبرات الصوت التي كان من المفترض أن تهتف الشعارات المؤيدة للأسرى، حل مكانها مكبرات أخرى، لكن لفرض حظر التجول.
فالحملة احتلالية متواصلة على نابلس، وإسرائيل تدعي أنها جاءت لاعتقال مطلوبين، أما الناشطون في مجال حقوق الأسرى وكذلك أهالي المعتقلين فقد أكدوا على أن عملية الاجتياح جاءت لصد هذه المدينة ومنعها من المشاركة في فعاليات التضامن مع الأسرى في إضرابهم عن الطعام، وما يدلل على ذلك أن عملية الاجتياح، جاءت بعد يوم واحد على بدأ إضراب الأسرى في السجونن وكذلك بدأ حملات التضامن في المدن الفلسطينية.
ويؤكد تيسير نصر الله و منسق اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب جسام خضر والأسرى الفلسطينيين، وعضو المجلس الوطني، يؤكد لـ"ايلاف" على أن أبرز أهداف الحملة الإسرائيلية الأخيرة على مدينة نابلس، هو حرمان الأهالي والمواطنين من المشاركات في فعاليات التضامن مع الأسرى في إضرابهم.
ويشير نصر الله الى أن تضييق الخناق على المدينة، ليس بالشيء الجديد، حيث تشهد المدينة حصارا كاملا منذ أربع سنوات، يمنع أهالي الأسرى خلالها من زيارة أبناءهم في المعتقلات الإسرائيلية، مضيفا :" كانت مدينة نابلس وما زالت من أولى المدن التي تقود حملات التضامن مع الأسرى والمعتقلين، حيث دأبت على تنظيم الاعتصامات، والمهرجانات، والمسيرات التضامنية، منذ بدا انتفاضة الأقصى، لذلك كثف الاحتلال حملته على هذه المدينة لإحباط كل حملاتها التضامنية".
ويؤكد نصر الله على أن قوات الاحتلال تسعى من خلال اجتياحها لنابلس، إلى إشغال المواطنين في المدينة عن الإضراب الذي يخوضه الأسرى، وجعل حديثهم الوحيد هو الاجتياح ويقول :" جاءت العملية الأخيرة على نابلس لمنع المواطنين وأهالي الأسرى من متابعة ما يجري في معسكرات الاحتلال الإسرائيلي من إذلال وامتهان لكرامة الإنسان الفلسطيني الأسير والتي هي افظع بكثير مما حدث في سجن أبو غريب في العراق على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي ، مع فارق بسيط يتمثل في عدم وجود كاميرات تصوير لتكون شاهداً على حجم وفظاعة الممارسات اللاأخلاقية التي تقوم بها طواقم معسكرات الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا نصر الله كافة الفعاليات في المدن الفلسطينية إلى ضرورة مواصلة حملتها التضامنية مع الأسرى بشكل أقوى مما هي عليه الآن، داعيا الجماهير الفلسطينية في كل مكان إلى الانخراط في فعاليات التضامن مع إضراب الأسرى ، وعدم تركهم لوحدهم يواجهون عنجهية وصلف إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، وإنما الوقوف في كل لحظات الإضراب إلى جانب الأسرى لحين تلبية مطالبهم الإنسانية ، وتوفير شروط حياة.
أما غسان خضر الناشط في مجال الدفاع عن الأسرى فيؤكد على أن اجتياح مدينة نابلس، جاء لمنع حملة التضامن مع الأسرى، ويقول:" بدأ الاجتياح للمدينه في اليوم الثاني للإضراب ما يدلل على أن هناك خطة واضحة لمنع نابلس من المشاركة في حملة التضامن".
ويشير خضر إلى أن من الدلائل الأخرى على أن العملية العسكرية على المدينة جاءت لكسر الحملة التضامنية، هو تركيز قوات الاحتلال عملياتها في المنطقة المقامة فيها خيمة الاعتصام، في ميدان الشهداء.
وأضاف خضر:"وكما هو معلوم فان مدينة نابلس يوجد منها العدد الأكبر من الأسرى، والذين بلغ عددهم 1400 أسير، يقبعون في مختلف السجون الإسرائيلية، وبالتالي فأن الاحتلال يعتقد بان منع تضامن أهالي هذه المدينة مع أسراهم فان ذلك يساعد في كسر الإضراب الذي يخوضه المعتقلين".
ويؤكد خضر أيضا على أن نابلس كانت ومنذ اكتر من عامين مستهدفه بموضوع الأسرى حيث أن سكانها هم الوحيدين الممنوعين من زيارة أبنائهم داخل المعتقلات. وأضاف قائلا:"إذا هو مسلسل مستمر من القمع والتضييق ومحاولة إفشال أي حملات تضامن مع أسرانا البواسل".
أما نغم الخياط، منسقة لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين في محافظة نابلس، فتؤكد على أن ممارسات قوات الاحتلال بإفشال فعاليات التضامن مع الأسرى لم تكن مفاجئة، وأضافت:" علينا أن نتوقع من هذا الاحتلال كل شيء، خاصة في مدينة نابلس، التي بدأت حملاتها التضامنية مع الأسرى منذ أربع سنوات، وكان الاحتلال دائما يسعى لمنع هذه الحملات، من خلال التضييق على أهالي الأسرى ومنعهم من زيارة أبنائهم، وغيرها من الإجراءات القمعية".
وأكدت الخياط على أن لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين ستنظم حملة التضامن أمام مقر الصليب الأحمر في حال استمرت عملية الاجتياح للمدينة، مشيرة إلى أن اللجنة تنظم بشكل أسبوعي اعتصامها أمام مقر الصليب.
أما ذوو الأسرى فقد بدو في غاية التأثر لعدم قدرتهم على المشاركة في خيمة الاعتصام التي بدت خاوية من الرواد بعد يوم واحد على نصبها وبعدما جملت بصور الأسرى واليافطات الداعية لإطلاق سراحهم. وتشعر عائلات الأسرى بالحزن وهي غير قادرة على التضامن مع أبنائها، بعدما تحول ميدان الشهداء الى مرتع للدوريات الاسرائيلية التي تجول فيه داعية عبر مكبرات الصوت الى منع التجول فيما تسمع أصوات الطلقات النارية والصوتية في أرجاء المنطقة.وتقول والدة الأسير مؤيد سياج:" حتى مجرد التضامن مع أبنائنا تريد إسرائيل أن تحرمنا منه، وبالرغم من أننا لم نستطع الخروج الى خيمة الاعتصام المقامة في ميدان الشهداء بسبب الاجتياح إلا أننا متضامنين مع أسرنا بقلوبنا، لكن المطلوب من دول العالم والمؤسسات الدولية أن تكف الاحتلال عن جرائمه التي يرتكبها بحق هذه المدينة وبحق الأسرى بشكل يومي".