لا يكاد يمضي يوم في صرييا إلا ويتم الإعلان عن إغلاق طرق في مناطق مختلفة من البلاد ليس بسبب الحاجة إلى إجراء إصلاحات في الطرق و إنما بسبب احتجاجات النقابات الصربية المختلفة وأيضا العاملين في القطاع الزراعي الذين يحتجون على التأخير في تسديد رواتبهم وللمطالبة بأسعار أعلى لمحاصيلهم الزراعية.


ويقول اقتصاديون صرب إن الاحتجاجات التي تتم بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية للصرب قد أصبحت مع الإضرابات المتكررة تمثل مشكلة اجتماعية واقتصادية جدية.


و لا تمس هذه الاحتجاجات الصرب فقط بل والدول الأجنبية أيضا كون العديد من الطرق التي يتم إغلاقها تقع في ما يسمى بالمممر 10 الذي يخترق صربيا من الشمال إلى الجنوب والذي يستخدمه الكثير من زوار الألعاب الأولمبية في اليونان .


ويقول رئيس اتحاد النقابات المستقلة ميلنكو سميليانوفيش لصحيفة فريمي الصربية إن عرقلة الطرق يعتبر أحد أدوات الضغط الفعالة على الحكومة التي كانت تتقرب من النقابات عندما كانت بحاجة إلى دعمها في الانتخابات أما الآن فإنها لا تنفذ وعودها.


وتواجه حكومة فويسلاف كوشتونيتسا الآن نفس المشكلة التي واجهتها الحكومات الإصلاحية السابقة التي تعاقبت على الحكم منذ سقوط نظام سفوبودان ميلوشوفيتش في عام 2000 وهي إجراء إصلاحات اقتصادية ضرورية و إعادة هيكله واسعه للشركات الحكومية الخاسرة من دون إحداث هزات اجتماعية.


وتحاول الآن هذه الحكومة على سبيل المثال إعادة هيكلة شركة أي بي سي الكبيرة التي تزود صربيا بالكهرباء والتي يتبع لها ثلاثة مناجم ويعتقد مدير الشركة فلاديمير ديورديتش أن إعادة هيكلة قطاع الطاقة في صربيا سيكون اختبارا لصربيا حول مقدرتها على التكامل الأوربي


ويقف العاملون في هذه الشركة ضد الحكومة ولذلك اضرب عمال أحد المناجم التابع لهذه الشركة الأسبوع الماضي ولم يوقف العمال إضرابهم إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع الحكومة قدمت فيه التنازلات لهم كما وعدت الحكومة قبل أسبوعين أيضا مؤسسة ار تي بي بور بتقديم تمويل مالي للمؤسسة بقيمة 30 مليون يورو بدلا من تقسيم المؤسسة كما يرى الخبراء إلى أقسام وبيعها أو إغلاقها.


ويرى بعض الخبراء الصرب أن مخاوف الحكومة من تدهور الوضع الاجتماعي ليس لها ما يبررها فالإحصاءات الرسمية تؤكد أن المقدرة الشرائية للصرب في نيسان أبريل الماضي ارتفعت و لاول مرة منذ فترة طويلة .


وحسب ما ذكرته ميروسينكا دينكيتش من مجموعة غ 17 المشاركة في الائتلاف الحاكم لمجلة الايكونوميست فان الأجواء السائدة في صربيا هي أن المعدلات العامة في تراجع مع أن الإحصاءات تؤكد مثلا أن معدل الرواتب في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام قد ازدادت مقارنه بالعام الماضي اكثر من إنتاجية العمل .وتضيف: إن الرواتب والإنتاجية في ارتفاع للعام الرابع على التوالي غير ان المشكلة تكمن في أن الأموال المحلية لا يعاد توظيفها و إنما تنفق على الشركات الخاسرة كي يتم المحافظة على السلام الاجتماعي.


ويخشى السياسيون الصرب من تراجع أو فقدان الدعم الشعبي لهم في حال تنفيذهم إصلاحات راديكالية وحتى الشرطة ليست لديها الأوامر بإنهاء إغلاق الطرق بالقوة ولذلك ففي هذه الأجواء لاتصل الاستثمارات الأجنبية الى صربيا وتظل البطالة عالية وحسب التنبؤ الذي أعطاه البنك العالمي في شهر تموز يوليو الفائت فان استمرار هذه الحالة سيؤدي إلى الإعلان عن الإفلاس في عام 2010 إلا إذا حدث تغيير في التوجهات الاقتصادية .


وبالنظر لكون صربيا تتجه نحو الانتخابات المحلية الشهر القادم والتي يتوقع أن تفوز بها القوى القومية المتشددة فان الحكومة الحالية تتراجع أمام المضربين والمحتجين وبالتالي تراوح الإصلاحات التي يحتاجها اقتصاد البلاد في مكانها .