بهية مارديني من دمشق: قدرت مفوضية شؤون اللاجئين في دمشق بأن هناك 30 ألف مسيحي عراقي دخلوا إلى سورية بعد استهداف الكنائس وتفجيرها في العراق ،وتشير مصادر سورية الى ان اغلب المسيحيين العراقيين توجهوا الى منطقة جرمانا في ريف دمشق بينما انتشر العراقيون السنة في منطقة مساكن برزة اما الشيعة فقد استأجروا بيوتا في منطقة السيدة زينب .

و ما يحدث تماما على أرض الواقع عبرت عنه من وجهة نظرها سيدة عراقية مسيحية كلدانية التقتها "ايلاف" في جرمانا حيث قالت انها هربت من منزلها في حي الدورة اثر وضع سيارة مفخخة لم تنفجر في كنيسة ماريوحنا.

وتعاني ام فادي من قلق رهيب على بناتها المتزوجات اللواتي تعرض لعائلتهن اشخاص ملثمون واطلقوا على بيوتهن النار اكثر من مرة ولكنهن لاتستطعن ترك العراق في ظل عدم موافقة ازواجهن و لم تصطحب ام فادي في رحلة هروبها الا ابنتها عذراء الطالبة في الثانوية العامة وابنها يوسف الطالب في الصف الثالث الابتدائي اما زوجها فقد عاد الى العراق بعد ايصالهم الى دمشق لاستكمال بعض الاوراق وقالت السيدة الكلدانية ان العراق خلال فترة حكم صدام لم يكن يشتكي من أية صراعات دينية او طائفية ولم تظهر هذه الامور الا في فترة الاضطراب ابان فترة الاحتلال . ولم تستطع ام فادي ،القاطنة في بغداد بمنطقة فيها كنيسة ماريوحنا وكنيسة مارغورغيس وتحوي لفيفا من المسيحيين والمسلمين العراقيين ،ان تتوقع من يحاول استهداف المسيحيين ويخطط لعراق اسلامي فقط ،على حد تعبيرها ، ولكنها قالت انها على ثقة بانهم مرتزقة ويملكون عقولا غبية ومتحجرة لانه لن يكون لهم مايريدون وكل ما سيجنونه هو استمرار الاحتلال ليس الا.

واضافت انها لا تستطيع ان تجزم ان كانوا عراقيين او كويتين اوفلسطينين لكنها استبعدت ان يكونوا سوريين فرغم الخلافات السياسية السابقة بين الحكومتين الا ان الشعبين متفاهمين وتسود المحبة بينهما ،والسوريون اخواننا كما قالت ان هناك محبة كبرى بين الشعبين السوري والعراقي وفي فترة حكم صدام كان هناك حوالي 130 الف سوري يعملون في العراق وانها لمست المحبة من خلال التعامل من قبل السوريين مسلمين ومسيحيين .
ولم تستطع ام فادي ان تجزم ان يكونوا ايرانيين وابدت اعجابها بالرئيس الايراني وعبرت عن حزنها لاقتتال الطوائف المسلمة ايضا في العراق.

ولدى سؤالها عن عدد المسيحيين في العراق قالت كانوا قبل الحرب 3 مليون وبعد الحرب مليون و الان فالعدد اقل بكثير بعد ضرب الكنائس اما الاحصاءات الرسمية فتقول انهم لايتجاوزون 700 الف مسيحي.

وتخلل حديث ام فادي نقاشات حادة بينها وبين ابنتها عذراء فالام تحب صدام حسين وتعتبره رمزا تربى عليه العراقيون اما الابنة فتجده سببا في بلاء العراقيين فقد اصدر قبل شهور من الحرب العديد من القرارات التي خربت العراق حيث اصدر عفوا عاما عن السجناء مما رفع من نسبة الجريمة حيث ازدادت السرقات والنهب والمضايقات والتحرشات في ظل حكومة قلقة من احتلال قادم وكانت رسوم تاشيرة الخروج 200 دولار لتصبح 10 دولار في تشجيع منه لهروب العراقيين من البلاد وفي ثقة متناهية ان الاحتلال الاميركي قادم قادم فلماذا لم يفعل شيء مهما كان لانقاذهم؟ .

ثم استطردت عذراء قائلة اثناء حكم صدام جارنا كتب لا في الانتخابات الرئاسية في العراق فلم نعد نراه واقتيد الى مكان مجهول وجار اخر عمره 14 سنة كان يجلب بضاعة من كوردستان ليبيعها في بغداد اعتقله النظام السابق ليعود الى اهله مجنونا.

ثم من قال انه لم يتواجد في العراق صراع طائفي او ديني في في عهد صدام ، لقد كان هناك صراعا لكنه كالنار تحت الرماد لقد كنت في مدرسة في حي الصالحية في بغداد وكنت في شعبة كلها من الشيعة وانا المسيحية الوحيدة اضافة الى طالبة سنية وكانت الطالبات يعاملن السنية كالمنبوذة .

ثم ان هناك ماهو أسوا من الصراع الطائفي فيكفي ان تكون تكريتيا حتى تبيع وتشتري بخلق الله ،كما قالت عذراء، لا ديشات لا موبايلات الا الثريا للطبقة الحاكمة ، ثم كان هناك سوء توزيع في الحصص التموينية حسب المناطق التابعة لصدام ، يحاربنا في لقمتنا ثم تقول والدتي انها تحبه و لااستطيع ان اعذرها رغم ان فرض نفسه علينا ففي التلفزيون لاوجود الا لبرامج عن صدام وفي الشارع لاوجود الا لصوره انها تخشاه ولا تحبه.

وتابعت عذراء كنا نعمل مع الاميركان وكان الاسلام يقتلوننا اما الان فالكثيرين لايقبلون التعامل معهم ورغم ذلك نقتل كمسيحيين ونهدد ونهجر وتنتشر في شوارعنا واماكن تواجدنا عبارات تكتب على الحائط تحجبوا ايها النصارى ، لاتعملوا مع الاميركان .

ورات عذراء ان النظام العشائري الغير موجود لدى المسيحيين يضعف وضعهم ولكن ايضا الاسلام يعانون من هذا النظام الذي يسود العراق فقد اغتصب رجل عراقي عمره ستين عاما طفلة صغيرة عمرها 6 سنوات ولم تستطع والدتها ان تفعل شيئا لانه من عشيرة قوية.

واكدت عذراء ان الشعب العراقي كله غير مرتاح لان اغلب من خرج من العراق الطبقة المتوسطة وبقيت الطبقة الغنية خائفة على اموالها وحياتها ينهبها القلق من الاختطاف بغية الفدية وظلت في العراق الطبقة الفقيرة لعدم قدرتها على تحمل تكاليف السفر.

ولم تكن الشابة الصغيرة متفائلة بالعودة الى العراق لانها لن ترجع الا عندما يحترمونها كانسانة ،وقالت هذا لو وضعنا جانبا موضوع الاديان والطوائف واضافت انها تتخيل بغداد طفلة تبكي وكانت تبحث عن طائر واحد في السماء فلا تجده وتابعت قائلة هذا ما يفعلونه في العراق يتركونها مدينة للاشباح كلهم يبحثون عن ادوار سياسية من خلال الدين ولا احد يهمه مصلحة العراق .

وتستأجر عائلة عذراء شقة صغيرة في جرمانا بـ100 دولار شهريا، وقد اشترت الام القليل من الاثاث والادوات الكهربائية اما جارهم الشاب العراقي محمد فقد استاجر شقة اكبر مؤثثة بـ400 دولار شهريا وهو خريج اكاديمية فنون جميلة واعتبر في حديث مع ايلاف ان الموساد الاسرائيلي جّند فلسطينين للقيام بتفجير الكنائس وان ايران لاتتصرف مثل هذا التصرف ثم استطرد قائلا لاتندهشي فمن قتل الرنتيسي ان العراقي لايؤذي العراقي واكد ان اكبر دليا على عدم وجود اية ضغائن بين الاسلام والمسيحية هو العلاقة التي تربط عائلته منذ سنوات بالعوائل المسيحية والصداقات الرائعة التي نشات حتى انه اختار ان يسكنوا في شقق متجاورة .

واصر محمد على وجود" ليبين متشددين في العراق يرتدون احزمة ناسفة على الدوام ولكنهم يبحثون عن ضالتهم بين الاميركيين ويقولون للعراقيين انهم ان قاموا بعملية فدائية سيتعشون مع الرسول في الجنة ".وقال ان العراق لا يستطيع ان يحكمها الا عراقيا وقص علينا محمد حكاية تتردد في بغداد وهي ان صدام استدعى والداه قصي وعدي ومعه صندوق فيه 21 فأرة وقال اعتبروا هذه محافظات العراق وقولوا لي كيف ستحكمونها ثم اخرج الفئران من الصندوق وقال لعدي التقطها ففشل عدي فقال له صدام انت لاتصلح لحكم العراق وكرر نفس الامر بالنسبة لقصي الذي فشل ايضا في التقاط الفئران واعادتها الى الصندوق فقال له صدام وانت فاشل ايضا اما هو فاخذ الصندوق الذي ملاه بالفئران ثم هزه بقوة واخرج الفئران منه ثم التقطهم واعادوهم الى الصندوق بكل سهولة وقال لولديه ارايتم هكذا احكم محافظات العراق .

وعقب محمد ان هذا ما فعله معنا من حرب مع ايران الى حرب الخليج لقد دوخنا ولكنه راى ان صدام افضل من اميركا فلاكهرباء الا ساعتين يوميا مع ان بامكان اميركا ان تعيدها لنا لكنها لاترحم ولاتجعل رحمة الله تهبط وكل شيء اصبح لدينا غالي الا الانسان وسيستمر الوضع على هذا الحال سنوات ولن تنسحب اميركا لقد ضحكنا على انفسنا وقلنا ان الجنود الاميركيين لن يستطيعوا تحمل الوضع في العراق صيفا ولكنهم جاءوا بتقنيات هائلة كبسولات تبرد الماء وورق ينضج ما تريد في ثواني وامور اقرب الى الخيال .

وعن اسباب مجيئه الى سورية قال انني في بغداد لم اكن استطع ان اخرج من بيتي لان اهلي من اسرة غنية ويخافون ان اختطف .

وتحدث محمد طويلا عن الجلبي الذي اعتبر ان دوره قد انتهى وعن الصدر الذي وصفه بالطفل الذي اخذ اكبر من حجمه وتحدث عن مخطط احتلال العراق الذي ساعد صدام اميركا ان تنفذه قبل اوانه.
والقى العراقيون الذين التقتهم ايلاف في دمشق بمسؤولية مايحدث من انتهاكات لهم على عاتق قوات الاحتلال التي لم تحرك ساكناً واعتبرت مايحدث شأناً داخلياً.