مدريد: برز عنصر جديد في قضية مقتل المنشق المغربي هشام المنظري في جنوب اسبانيا مطلع الشهر الحالي. ونسب إلى مصادر صحافية فرنسية إشارتها إلى ان المنظري كانت له علاقة مع الأمير مولاي هشام ابن عم العاهل المغربي الملك محمد السادس. كما كانت له علاقات معلنة مع مصالح الاستخبارات الجزائرية والاسبانية وجبهة البوليساريو التي تخوض نزاعا مع المغرب حول الصحراء. وفي السياق نفسه أكدت مصادر صحافية مغربية ان المنظري لم تكن تربطه أية علاقة بالقصر الملكي في الرباط كما كان يزعم, وهي مزاعم جعلته يمضي بعيداً الى حد الادعاء انه إبن الملك الحسن الثاني.
وافسحت المعلومات التي تسربت إلى الصحافة الإسبانية مجال الفرضيات مفتوحا على مصراعيه، وإن كان بالنسبة لصحيفة" الباييس" واستنادا إلى مصدر أمني " من المنطقي أن يتجه التفكير في المقام الأول إلى ثأر مصدره المغرب، علما بان المنظري كان يوجه التهديدات بشكل مستمر. غير أن عنصرا من المخابرات الفرنسية يذهب في اتجاه مغاير نسبيا " حينما يتعلق الأمر بشخص كان يتعاطى لكل أشكال الأنشطة الإجرامية وكان لديه أعداء عديدون فإنه ينبغي النظر في كل الاتجاهات الممكنة". بالإضافة إلى أن " كوستا ديل صول هي جنة الجماعات المافيوية" حسب خبير إسباني.
ويعكس مسار هشام المنظري تعقد القضية. انه يشكل غوصا في خفايا وفي مزيج من المركبات حيث تختلط الأعمال باختلاسات الأموال والاستخبارات.
وكان المنظري استطاع بالنصب والاحتيال الحصول على بعض دفاتر الشيكات الخاصة واستغلها أحسن استغلال حيث عاش حياة باذخة. وقد يكون حول مبالغ ضخمة قبل أن يصرف شيكاً بمبلغ أزيد من 100مليون دولار.
وفي فرنسا اتهم المنظري في قضية تزوير الدينار البحريني تعادل 350 مليون أورو قبل أن يذيع صيته من جديد في قضية غامضة كان أحد أطرافها الملياردير المغربي عثمان بن جلون رئيس مجلس ادارة البنك المغربي للتجارة الخارجية وكان الأمر يتعلق بابتزاز مالي كما أكد هذا الاخير الذي اعترف بكونه قبل تسليمه 5 مليون اورو " لكي يظل في منأى عن حملة تشهيرية " أو كما يقول المنظري، كانت محاولة من الملياردير لكي "يشتري" منه صورا ووثائق أخرى محرجة كان يزعم امتلاكها.
وتقول صحيفة " ليبراسيون" الفرنسية أن هناك شيئاً مؤكداً هو ان المنظري دخل في مرحلة الانزلاق وكان يهدد دون التوقف بالكشف عن أسرار ودخل في مرحلة شد حبل كان يعتبرها "سياسية". وحسب صحيفة "لا راسون" الاسبانية فقد كان مقررا أن يعقد ندوة صحفية للكشف "عن الصفحات السوداء للرشوة في المغرب". "داعيا القوى الديمقراطية للنضال من أجل دولة للقانون" غير أن الموت منعه من تحقيق مبتغاه عشية عقد هذه الندوة، ومن ثمة الاعتقاد بأن المنظري كان معارضا سياسيا غير أن هناك خطوة لم يستطع أحد من الملمين بالملف اجتيازها.
وفي تحقيق مطول أجرته اسبوعية المغربية حول ( لغز المنظري) اواخر تموز ( يوليوز )الماضي أياما قليلة قبل مقتله، بدت الصحيفة قليلة الاشتباه في تورط السلطات المغربية نسبيا وكذا في الانتماء السياسي لرجل الأعمال. ورأت أن المجلس الوطني للمغاربة الأحرار هو "احتيال ميت حي يشترك فيه مناضلان" المنظري وصحفي سابق ، مما لم يكن يمنع المنظري من الرغبة في زرع مزاعمه بجنوب إسبانيا حيث كان طالب من المحامية الاسبانية المعروفة كريستينا ألميدا مساعدته على الحصول على رخصة الاقامة . لكن بدون جدوى لان السلطات الاسبانية حذرت هذه الاخيرة من السمعة السيئة لهذا الشخص الذي أخفق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 ونسيان (أبريل) 2003 بفرنسا في محاولتي اعتداء كانتا بمثابة "تحذيرات" واضحة.
لماذا توجه هشام المنظري إلى منطقة مالقة؟ وهل جاء لالتقاء بمجموعة مافيا حول موضوع قضية آلت إلى النهاية المعروفة؟ من المحتمل أن تكون صحيفة "لاغازيت دو ماروك" المغربية رجحت بديهيا هذه الفرضية وان تكون جد مطمئنة لاعتبار انه " من الطبيعي أن يكون هناك قتل حينما يقضي كل حياته في إقامة علاقات مشبوهة وكسب الاموال بطرق غير شرعية". وهل حط المنظري في المقابل الرحال في لاكوستا ديل صول لعقد ندوة صحفية كما كان يدعي في خطوة تصعيدية. هناك فرضية أخرى تتعلق بمحرض قام سنة 1999 بنشر رسالة في صحيفة (واشنطن بوست) على شكل بيان مفتوحة إلى الملك الحسن الثاني يهدد فيها بنشر معلومات.
ولحد الآن، وحدها ظروف اغتياله أضحت معروفة بشكل أكثر. فقد تم العثور عليه في مرآب ميغاس وبحوزته رخصة سياقة إيطالية مزورة باسم بن الحسن العلوي في إشارة إلى قرابته المزعومة مع الملك الحسن الثاني، وقد غادر فرنسا "دون أن يترك أي أثر" يومين قبل أن يتم اغتياله. ويمكن أن يكون وصل إلى كوستا ديل صول "بكل طمأنينة ومحميا" من طرف ثلاثة حراس خاصين فرنسيين ومغاربة. وما يدعو إلى الاستغراب هو أن هؤلاء الحراس لم يصدر عنهم أي رد فعل خلال عملية الاغتيال، وهو ما حمل مصدر في الشرطة استندت إليه "إيل موندو" على الاعتقاد بأن الحرس المرافق الذي لم يعد له وجود اليوم قد يكون خان رجل الأعمال. ولاحظت الصحيفة أنه "لا يمكن تصديق أن أحدا من هؤلاء الحراس الخاصين لم يطلق رصاصة واحدة للدفاع عنه". وقد ذهب المحققون إلى أن العملية تم التحضير لها ونفذت بطريقة "جد احترافية" : محميا باثنين من المتواطئين قام الجاني الذي يحمل ملامح غربية حسب شهود باستدراج الضحية إلى موقف للسيارات قبل أن يطلق عليه رصاصة واحدة في الرأس.
وبعد أسبوعين على جريمة مقتل المنظري في الأندلس. فإن المحققين الإسبان يمتنعون ترجيح فرضية معينة . ففي نظرهم فإن رجل الأعمال الذي تورط في أعمال مشبوهة، كان أيضا ضحية جريمة سياسية أكثر منها تصفية حسابات من النوع المافيوي . وحسب صحيفة "البايس" فإن الأجهزة السرية لأربعة بلدان كان تتعقب أثره ( فرنسا التي وحسب محاميه وليام بوردون رفضت في سنة 2002 تمكينه من حماية أمنية والمغرب ، البحرين ، و الإمارات العربية المتحدة) هذا بغض النظر عن المجموعات المافيوية التي كان على اتصال بها. ومن جهته يحيط الحرس المدني الإسباني ، المكلف بالقضية، بتكتم شديد جريمة قتل المنظري (33 سنة) الذي قتل رميا بالرصاص ليلة ثالث ورابع آب (اغسطس) في مرآب للسيارت في مدينة ميخاس وهي بلدة تقع في كوستا ديل صول ما بين مدينتي مالقا ومربليا .
صحيح أنه بالنسبة لحكومة مدريد الاشتراكية التي توجه الإشارات الودية بشكل مستمر نحو الرباط ، فإن هذا الملف يعتر الأكثر حساسية. وهي ورقة يستعملها الحزب الشعبي ( يمين) الذي أضحى الآن في المعارضة والذي كان على وشك خوض صراع مسلح مع المغرب في تموز ( يوليوز) عام 2002 بخصوص نزاع حدودي حول جزيرة ليلى. ويميل حزب خوسيه ماريا أثنارعلنا إلى ترجيح الفرضية المغربية دون أن يقدم عناصر تدعم مزاعمه.
التعليقات