جاسر الجاسر من الرياض: قضت المحكمة المستعجلة في الرياض اليوم (الأحد) بسجن الدكتور سعيد بن مبارك آل زعير خمس سنوات وذلك في جلسة علنية هي الثانية من نوعها في البلاد. وجاء الحكم إستناداً إلى التهم التي قدمها المدعي العام ضد المتهم والمتضمنة بث بذور الفرقة والطعن في إجراءات العدالة بالبلد، وترويج أفكار تنظيم القاعدة. وقد أعلنت عائلته عزمها على استئناف الحكم.

وكانت السلطات السعودية اعتقلت ابن زعير في السابع عشر من نيسان (ابريل) الماضي عقب مداخلة له مع قناة الجزيرة، وفي اليوم التالي أكدت وزارة الداخلية في بيان لها أن هذه المشاركة هي سبب اعتقاله لأنه أيّد في مداخلته "ماحصل من أعمال إرهابية بمدينة الرياض استهدفت مسلمين وغير مسلمين من المقيمين على ارض هذا الوطن الآمن واصفا ما تقوم به الفئة الضالة من إعمال إرهابية بأنها موجهة لغير المسلمين ومبيحا للقائمين بها قتل المسلمين أيضا". وأضاف البيان "ونتيجة لما صدر منه من تأييد وتعاطف صريح للأعمال الإرهابية وتبريره لأفعال من قام بها رغم مخالفة ذلك لتعاليم الإسلامية، وإجازته قتل الأبرياء".

وكانت المداخلة المشار إليها أثارت لغطاً كبيراً في الساحة السعودية بسبب تأييدها للتفجيرات في السعودية باعتبارها من الإعمال الجهادية، إضافة إلى أنه أعتبر مقتل المسلمين عرضاً في مثل هذه العمليات لايبرر التوقف عنها.
ومنذ اعتقاله قُدم للمحاكمة أربع مرات، كان آخرها جلسة اليوم التي صدر فيها الحكم بسجنه بعد أن لم يثبت ماينفي لائحة الاتهامات التي قدمتها هيئة الإدعاء والتحقيق.

وكانت "اللجنة العربية لحقوق الإنسان" شكلت قبل شهرين جبهة للدفاع عنه باعتباره من سجناء الرأي، ضمت عشرة أعضاء من دول مختلفة بينهم المحامي سليمان صالح الرشودي من السعودية.

يذكر أن ابن زعير كان أحد الموقعين على خطاب "المطالب" عام 1991، كما شارك في التوقيع على "مذكرة النصيحة" أعتقل، للمرة الأولى عام 1995 وظل في سجن الحائر حتى العام الماضي ليعود إليه مجدداً بعد نحو 14 شهراً من الحرية.
وينتمي سعيد فكرياً إلى جيل"الصحوة" الذي كان نافذاً في السعودية إلى ما بعد حرب الخليج الثانية إلى حد التشكيك في السلطة الشرعية، والتلميح بالتمرد عليها، وممارسة الضغوط عليها ما أدى إلى اعتقال قياديه، ومع أن ابن زعير يصنف تراتبياً من الصف الثاني إلا أنه كان أكثر زملائه حدة في المفردات والمواقف مما منحه نجومية خاصة بين شباب الصحوة خصوصاً أن معظم نشاطه أرتكز على المداخلات بدءاً من مهرجان الجنادرية الوطني واستمر على ذلك الخط في محاضراته وأشرطته على الرغم من صدور قرار رسمي بايقافه.

الدكتور سعيد بن مبارك آل زعير ولد في مدينة ليلى بمنطقة الأفلاج جنوب العاصمة السعودية سنة 1950، وحصل على الدكتوراة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن رسالته "التلفزيون ودوره في التغيير الاجتماعي" 1986، وكان عضو هيئة تدريس في قسم الإعلام في الجامعة ذاتها إلى أن أعتقل عام 1995.

هذه القضية بملابساتها تطرح تساؤلاً مهماً حول محاكمة أشخاص آخرين، من التيار ذاته، كانت لهم مداخلات في قناة "الجزيرة" أيضاً، وقدموا طروحات مهادنة وميالة إلى نشاطات التيار الجهادي وعمليات التفجير التي نفذها في السعودية، ووصفوا الإرهابيين بـ"الإخوان" ودعوا الحكومة إلى الحوار معهم، كما هاجموا بعنف الفئات الليبرالية، وانتقدوا بعضاً من سياسات الدولة الرسمية والشرعية.