نيروبي : رحب السودانيون باتفاقية السنة الجديدة التي أنهت الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب ولكن الخوف من احتمال انهيار الاتفاقية الناشئة تحت ضغوط من صراع دارفور في الغرب خفف من الاحتفالات .

ووسط أهازيج وصيحات تعبر عن الابتهاج وقعت الحكومة السودانية ومتمردو الجنوب يوم الجمعة اخر البنود في اتفاق سلام ليمهدا بذلك الطريق أمام معاهدة شاملة لإنهاء أطول حرب أهلية في القارة الافريقية.

وقال شهود ان مسؤولين من حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان كبرى حركات التمرد في الجنوب وقعوا البروتوكولين الاخيرين من بين ثمانية بروتوكولات سلام تشكل في مجملها معاهدة شاملة تنهي 21 عاما من الحروب في منطقة الجنوب المنتجة للنفط.

وأبلغ الرئيس السوداني عمر حسن البشير حفل التوقيع الذي أقيم في بلدة نيفاشا الكينية وحضره أيضا ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا أن الحرب في الجنوب قد وضعت أوزارها.

وأضاف أن سعادة السودانيين لن تكتمل الا اذا توصلوا الى حل للمشكلة القائمة في دارفور. وذلك في اشارة الى حرب أخرى منفصلة واخذة في التفاقم في المنطقة الغربية من السودان أكبر البلدان الافريقية من حيث المساحة.

وقال وسطاء ان الجانبين حددا يوم التاسع من يناير كانون الثاني بصورة مبدئية موعدا لإقامة حفل في نيروبي من المقرر أن يوقع خلاله المفاوضان الرئيسيان وهما على عثمان محمد طه النائب الاول للرئيس السوداني وجون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان الاتفاقات الثمانية التي اتفق عليها مسؤولوهما على مدى عامين من المحادثات.

وفي العاصمة السودانية الخرطوم احتشد مواطنون من جنوب السودان في أحد الشوارع الرئيسية حيث نصبت شاشة كبيرة تعرض بثا حيا لعملية التوقيع. وحمل البعض لافتات تحمل اسم الحركة الشعبية لتحرير السودان وهتف اخرون قائلين "السودان الجديد" أو "جون قرنق."

وقال فريد ايكهارد كبير المتحدثين باسم الامم المتحدة في نيويورك ان كوفي عنان الامين العام للمنظمة الدولية رحب بالاتفاق وقال ان التوقيع الرسمي على معاهدة السلام سيكون "بداية مرحلة جديدة للسلام في السودان ستكون الامم المتحدة خلالها مستعدة للعب دور كبير."

ولا تغطي الاتفاقات الصراع الدائر في منطقة دارفور حيث تسبب القتال المستمر منذ أكثر من عام فيما تقول الامم المتحدة انها واحدة من أسوأ الكوارث الانسانية في العالم. بيد أن دبلوماسيين يعتقدون أن الاتفاق المبرم بين الشمال والجنوب قد يشكل خطوة على طريق إحلال السلام في دارفور.

وتعهد الطرفان المتحاربان في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بتوقيع اتفاق سلام نهائي بحلول نهاية العام لإنهاء الصراع في الجنوب الذي أودى بحياة مليوني شخص لقي أغلبهم حتفه بسبب الجوع والمرض وتسبب في تشريد أربعة ملايين.

ووقعت الخرطوم بالفعل ستة بروتوكولات تمهيدية مع متمردي الجنوب سوف تفضي الى تشكيل حكومة ائتلافية وإنهاء مركزية السلطة واقتسام عائدات النفط ودمج وحدات من المتمردين في الجيش. وبإمكان الجنوب ان يجري تصويتا خلال ستة اعوام على الانفصال.

وخاض متمردو الجنوب قتالا ضد الحكومة منذ عام 1983 عندما حاولت الخرطوم فرض الشريعة الاسلامية على البلاد بأكملها. وأسهمت قضايا النفط والعرقيات والحكم في تعقيد الصراع.

ومارست الولايات المتحدة واخرون ضغوطا دبلوماسية قوية على السودان للتوصل لاتفاق سلام في الجنوب كي تتمكن الخرطوم من التركيز على الازمة الاخرى في اقليم دارفور بغرب السودان والتي ألقت بظلالها على الحرب الاقدم في الجنوب.

وقال وليام بيلامي السفير الامريكي في كينيا لرويترز ان الاتفاق "سيغير المشهد السياسي في الخرطوم. أرى أنه سيتيح فرصة جديدة لتسوية مشكلة دارفور وذلك هو ما نأمل أن يسفر عنه."

ورحبت الرئاسة الهولندية للاتحاد الاوروبي بالاتفاق وتعهدت بأن يساعد الاتحاد في اعادة الإعمار شريطة أن ينفذ الطرفان التزامهما بإحلال السلام وتحقيق التنمية في "كل مناطق السودان بما فيها دارفور."

لكن زعيم احدى جماعات التمرد في دارفور قال ان التوصل الى اتفاقيات عادلة للمهمشين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم في السودان.

وقال عبد الواحد محمد النور زعيم جيش تحرير السودان لرويترز في اتصال هاتفي من دارفور "ان الاتفاقية التي توقع اليوم تعتبر اتفاقية جزئية ... اننا في جيش تحرير السودان نخبر الحكومة والحركة الشعبية بكل الوضوح أن هذه ربما تكون خطوة لكن ليس بأي (حال) من الاحوال بحل لمشكلة السودان."