سنة سعيدة لـ"الطائفيين" بالكويت والنحس يلاحق "الإعلام"
أبو الحسن يطير و3 وزراء معه

نصر المجالي من لندن: أكدت مصادر سياسية وصحافية في دولة الكويت أن اليوم الأحد سيكون يومًا استثنائيًا تشهده الحكومة الكويتية، وقد يكون آخر أحد لها في تشكيلتها الحالية، إذ تدل المؤشرات السياسية كافة على أن حكومة صباح الأحمد مقبلة على تعديل وشيك يشمل أربعة من وزرائها، وهو التعديل الأول من نوعه منذ تشكيلها في تموز(يوليو) العام 2003. وهو التشكيل الذي أعقب انتخاب مجلس الأمة الحالي الذي لازال يشكل صداعًا للحكومة بسبب استجوابات أعضائه المستمرة للوزراء. وتشهد الكويت اليوم مشاورات ومداولات على مستوى عال، لدراسة التطورات الحكومية اللاحقة، بينما بدأت ترشيحات كثيرة لملء حقيبة الإعلام التي صار ينفر منها كثير من الشخصيات الكويتية، وأصبحت تشكل ما يمكن تسميته بـ "النحس" للوزراء المتعاقبين، أو أن لعنة الإعلام صارت تطارد الجميع.

ومن بين الشخصيات المحتملة في بورصة شغل منصب وزير الإعلام، كل من : الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، وهو رئيس جهاز خدمة المواطن - بدرجة وزير وابن الدكتورة سعاد الصباح وزوج شقيقة الشيخ احمد الفهد وزير الطاقة واقوى الوزراء في الحكومة الحالية ووزير الاعلام السابق، ثم فيصل الحجي - وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، وهو أحد الوزراء المستقرين والأقوياء وذوي العلاقات الممتدة وهو وكيل وزارة الإعلام سابقًا في ظل وزيرها القوي السابق الشيخ سعود الصباح، فالدكتور محمد الرميحي الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون السابق ورئيس تحرير مجلة "العربي" السابق وهو مفكر كبير على مستوى الوطن العربي وضيف دائم على أغلب الفضائيات، وعبد الوهاب الوزان وزير التجارة السابق وهو من الشخصيات الشيعية البارزة التي تحظى باحترام الجميع، ومن المحتمل ان يلجأ رئيس الحكومة إلى الاستعانة بأحد وزراء الإعلام السابقين مثل الشيخ سعود الصباح أو د.سعد بن طفلة او بدر جاسم اليعقوب. كما أن هناك احتمالًا بترقية أحد وكيلي الوزارة الحاليين الشيخ فيصل الصباح أو الشيخ مبارك الدعيج الصباح لتولى الحقيبة.

وفي الكويت أصبح هناك نحس اسمه منصب "وزير الإعلام"، وهناك من العارفين من يشير إلى أن الراحل الشيخ جابر العلي والشيخ ناصر محمد الاحمد وزير الديوان الأميري الحالي هما افضل من تولى هذه الوزارة، التي لم تعرف الاستقرار منذ العصر الذهبي أيام المرحوم الشيخ جابر العلي الصباح. وهذا النحس شمل الكثير من الوزراء بدءًا بالدكتور بدر اليعقوب الذي غادر الوزارة بخلافات لا حصر لها وهو الذي عين وزيرا للإعلام أثناء فترة الغزو العراقي خلفًا للشيخ جابر الحمد الصباح وزير الدفاع الحالي، ثم الشيخ سعود الصباح الذي أبعد عن الوزارة إثر الاستجواب الشهير عام 1996 بسبب معرض الكتاب، ثم خلفه يوسف السميط الصحافي العريق الذي لم يستمر في الوزارة إلا قرابة العام بعدها جاء د.سعد بن طفلة الذي استقال بعد قرابة 14 شهرا من تعيينه.

وآلت الحقيبة للشيخ أحمد الفهد الذي غادر الإعلام فرحًا بسبب الضغط الكبير وكثرة تشابكاتها ليستقر في وزارة الطاقة، حتى جاء السفير السابق محمد أبو الحسن ليكمل العقد الفريد في وزارات الكويت وتقترب أيامه الأخيرة مع الكرسي المنحوس وهو لم يتجاوز 15 شهرًا.

والتعديل المنتظر غدًا على أقصى تقدير سيتم قبل مثول وزير الإعلام الحالي محمد أبو الحسن يوم الإثنين للاستجواب المقدم من ثلاثة نواب إسلاميين هم: عواد برد ووليد الطبطبائي وفيصل المسلم. وهناك ثلاثة وزراء آخرين مرشحين للخروج في التعديل الجديد هم وزرا المال محمود النوري والعدل أحمد الباقر والصحة محمد الجارالله. وكان هؤلاء الوزراء عرضة لاستجوابات برلمانية وخصوصًا وزير المال محمود النوري قبل ستة أشهر، لكنه قدم استقالته على عجل للشيخ صباح الذي لم يبت فيها.

ووزير الإعلام الذي يعتبر حديث الساعة في الكويت الآن بسبب الاستجواب المقدم حاليًا ضده من قبل ثلاثة نواب ذوو توجهات إسلامية وزاد من حدة الصراع دخول التيار الليبرالي كمؤيدين للاستجواب بعد قيام الوزير باتخاذ إجراء إداري اعتبره النواب خطئًا جسيمًا وتدخلًا في السلطة القضائية لقيامه بالموافقة على تحويل امتياز جريدة "الرأي العام" إلى شركة أخرى بعد صدور حكم قضائي ببيع شركة دار الجزيرة التي تملك "الرأي العام" بالمزاد العلني.

وأخذ استجواب الوزير أبو الحسن عدة منحنيات خطيرة أولها التحذير الشديد الذي أطلقه الشيخ صباح الاحمد رئيس الوزراء وأيده فيه كثير من السياسيين والكتاب بضرورة أن لا يأخذ الاستجواب أي مظاهر طائفية حيث أن المستجوبين نواب من الكتلة الإسلامية ويمثلون التيار السني، والمستجوب هو الوزير الوحيد من المذهب الشيعي، وقد أكد المستجوبون حرصهم الشديد على ذلك وعلى النأي بالاستجواب من أية نوازع او تلميحات طائفية.

وكان الشيخ صباح قد طالب النواب بالتهدئة وعدم تعمد تأجيج الأوضاع خاصة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، مؤكدًا على أنه قد يظطر الى اتخاذ ما يكره من اجراءات اذا ما تمادى البعض.

ويشير بعض المراقبين السياسيين إلى أن اجتماع مجلس الوزراء الاعتيادي الذي يعقد كل يوم أحد من كل أسبوع قد يكون الأخير لبعض الوزراء وأن هنالك مشاورات مكثفة تجري مع بعض الشخصيات للاستئناس برأيها بخصوص التعديل الوزاري. وتقول المصادر إن هناك سخطًا شعبيًا ضد أداء مجلس الأمة وهنالك غضب من قلة الإنجاز وسعي بعض النواب إلى اختلاق حالات التأزيم مع الحكومة عن الأضواء الإعلامية دون تحقيق أي انجازات تخدم المواطنين ومصالحهم.

يشار، في الختام، إلى أن أربعة من أعضاء الحكومة الحالية التي تشكلت قبل قرابة 15 شهرًا تعرضوا لاستجوابات برلمانية وهم وزراء المال والصحة وشؤون مجلسي الأمة والوزراء والإعلام، بالإضافة الى استجوابين آخرين أعلن عنهما موجهين لوزير الصحة مرة أخرى ووزير العدل الذي هو أصلًا نائب بالبرلمان وينتمي للكتلة الإسلامية. وكان واضحًا لأي متابع أن الشيخ صباح الأحمد رئيس مجلس الوزراء الكويتي كان يسعى بقدر المستطاع إلى تجنيب حكومته الأولى التي يشكلها أي تغيير وأن يحافظ على استقرارها لأطول فترة ممكنة، وذلك بعد تكرار عدم الاستقرار في الحكومات السابقة التي كانت تتغير بمعدل العامين أو العام ونصف العام.