مهمة المنفى الدبلوماسي بمصر
وهبة أول عربي سفيراً لإسرائيل


نبيل شرف الدين من القاهرة : قبيل مغادرته النهائية للقاهرة قال إيلي شاكيد سفير إسرائيل في مصر إن مناخ العداء الذي أحاط به منذ تسلمه منصبه لم يمنحه على الإطلاق أي فرصة للتواصل مع الشارع المصري رغم كونه يتحدث اللغة العربية بلهجة مصرية بطلاقة، غير أن كل محاولاته لفتح قنوات حوار مع مختلف الفعاليات السياسية والشعبية باءت بالفشل .

وعاد شاكيد إلى بلاده بعد أن قرر على نحو مفاجئ التقاعد من منصبه كثامن سفير لإسرائيل لدى القاهرة، في الوقت الذي أكدت فيه مصر أن عودة سفيرها إلى تل أبيب يرتبط بحدوث تقدم في عملية السلام، بينما تسود توقعات بتولي مجلي وهبة العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي عن تكتل الليكود منصب السفير الجديد لإسرائيل لدى القاهرة، وسط قراءات تشير إلى أن مهمته لن تكون أسهل من مهام أسلافه من سفراء إسرائيل السابقين .

وتأتي هذه الأنباء وسط أجواء تقارب ودفء في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأنباء عن عودة السفير المصري إلى إسرائيل، وهو ما اعتبره سفير مصر السابق في إسرائيل محمد بسيوني وضعاً طبيعياً لأن هناك معاهدة سلام بين البلدين، ولأنه "حتى تكون قادرا على التأثير على صانع القرار الإسرائيلي لابد من وجود سفير مصري قوي في إسرائيل"، لافتاً إلى أن "عودة سفير مصري إلى إسرائيل يرتبط بزوال الأسباب التي أدت إلى استدعائه، وتلك الأسباب ـ بتقديره ـ كانت تتمثل في تجمد المسيرة السلمية والاستخدام المفرط للقوة والممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني"، قائلاً إذا زالت هذه الأسباب فلا مانع من عودة السفير مجدداً إلى تل أبيب .

وهبة .. سيرة ذاتية
ومجلي وهبة البالغ من العمر خمسين عاماً، والذي يعتبر من المقربين لرئيس الحكومة آرئيل شارون حصل علي ليسانس في التاريخ الإسلامي، كما حصل علي الماجستير من جامعة حيفا عن مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهو يجيد اللغتين العربية والعبرية، ويشغل حاليا عضوية عدة لجان بالكنيست الإسرائيلي عن تكتل (الليكود)، وعمل أيضاً مديرا عاما لوزارة التعاون الإقليمي بين عام 1999-2002 كما عمل من قبل مستشارا لوزير الخارجية، ومساعدا لوزير البني التحتية، فضلاً عن عمله كوزير من دون حقيبة .

وعلى مدى نحو ربع قرن هو عمر التمثيل الدبلوماسي بين مصر وإسرائيل، ردد السفراء المتعاقبون مقولة مفادها أن التعيين في القاهرة منفى اختياري، وكلهم تنفسوا الصعداء، فور انتهاء عملهم بمصر، أو تقديم استقالاتهم، وفي ظل تهرب كثير من الدبلوماسيين قبول العمل كسفراء في القاهرة اضطرت وزارة الخارجية الإسرائيلية لإجراء تعديل جديد في قانون خدمة السفراء لدولة إسرائيل بالخارج، وهذا التعديل جاء في شكل بند من فقرتين خاصتين بخدمة السفير الإسرائيلي بمصر فقط.

الفقرة الأولى تنص على تعويض السفير الذي يوافق على تحمل المخاطر المهنية ـ حسب تعبير القانون ـ بالسفر إلى مصر، بتعيينه بعد انتهاء مدته بمصر سفيرا في أي دولة أخرى يختارها السفير بنفسه .
أما الفقرة الثانية فتقضي بصرف تعويض قدره مليون شيكل، في حالة تعرضه لأي أذى أو تعرض حياته للخطر، وتمنح للسفير أو لأسرته فورا، في حالة وقوع أي حادث، ويتم تحرير الشيك للسفير قبل مجيئه لمصر ويكون مقبول الدفع في حالة تعرضه لأذى، ويوضع بملف خدمته بالخارجية الإسرائيلية .

وجاء هذا التعديل بعد قيام السفير الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن سلطان بتقديم عدة طلبات لنقله لإسرائيل أو للعمل سفيرا في أي دولة أخرى، وشكواه المستمرة من تعرض حياته للخطر والتهديد في مصر، واتهم سلطان رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت نتانياهو، بأنه لا يرغب بتعيينه سفيرا لكندا كما طلب كمكافأة له على قضاء فترته سفيرا بمصر، بسبب خلافات سابقة بينهما .

تطبيع وحوار
وقال سفير مصر السابق لدى إسرائيل، محمد بسيوني الذي يشغل حالياً منصب رئيس لجنتي العلاقات الخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرئيل شارون قال في مرات عديدة انه حريص على العلاقات المصرية الإسرائيلية لأنه على قناعة تامة انه من دون مصر لا يمكن تحقيق سلام واستقرار في المنطقة، رافضاً الانتقادات التي وجهت إلى التطبيع بين مصر وإسرائيل قبل اتخاذ خطوات سياسية ملموسة على الأرض، كما أشار بسيوني إلى أن هناك ارتباطا وثيقا بين العلاقات الثنائية والعملية السلمية، ولابد أن تكون هناك علاقات خاصة في ظل وجود معاهدة سلام، موضحاً أن "مصر أول من وقع وآخر من يطبع، لأنه بالرغم من أن هناك ارتباطا وثيقا بين العلاقات الثنائية وموضوع المسيرة السلمية، غير أنه لا يمكن لأي دولة أن تلعب دورا رئيساً في المسيرة السلمية، إذا لم يكن لديها علاقات مع كافة الأطراف"، مؤكدا أن العلاقات الثنائية وموضوع التحرك في المسيرة السلمية يجب أن يسيروا بالتوازي .
وحول موعد إجراء حوار الفصائل الفلسطينية في مصر في شهر آذار (مارس) المقبل، وسقف التوقعات المرجوة في هذا الحوار، قال بسيوني إن الحوار يسير على محورين أحدهما ثنائي مع كل فصيل من الفصائل الفلسطينية ميدانياً، أما الثاني فهو حوار مجمع مع كل الفصائل الفلسطينية في شهر آذار المقبل، معرباً عن أمله في الوصول مع الفصائل لتفاهم حول خطة عمل وطنية مشتركة يوافق عليها الجميع مشددا على أهمية ان يكون هناك مفهوما موحدا يخدم القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية .
واختتم بسيوني تصريحاته بالإشارة إلى اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة المعروفة باسم (الكويز) التي وقعت مؤخراً بين كل من مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، معتبراً أن هذه الاتفاقية في صالح مصر حيث سيتم زيادة التصدير وسيتم خلق فرص عمل كما ستفتح أمامنا أبواب الاستثمار الأجنبي للاستفادة من هذه الاتفاقية .