أسامة مهدي من لندن : تاكيدا لما نشرته "ايلاف" الاسبوع الماضي حول تجاوزات مالية لخبراء الامم المتحدة للانتخابات العراقية اكد الناطق الرسمي باسم المفوضية العليا للانتخابات الدكتور فريد ايار اليوم ان بعض هؤلاء الخبراء يقومون بانتهاج سلوك غير مقبول من خلال اعتماد آليات عمل لا توافق عليها المفوضية مما أوجد حالة تباين واضح في وجهات النظر بين الطرفين ولاسيما عدم أخذ رأيها عند عند استدراج العروض وختيار شركات لتنفيذ عقود لمشتريات تحتاجها العملية الانتخابية في وقت دعا الرئيس العراقي غازي الياور المنظمة الدولية الى اعادة النظر في موعد الانتخابات نظرا لتصاعد العنف برغم تأكيد وزير الخارجية هوشيار زيباري انها ستجري في موعدها المقرر في الثلاثين من الشهر الحالي مشيرا الى افتتاح 52 سفارة عراقية جديدة بينما يعقد رئيس الوزراء اياد علاوي صباح غد مؤتمرا صحافيا يتحدث فيه عن اخر التطورات السياسية وفي مقدمتها الانتخابات .

واعرب الدكتور ايار في تصريح صحافي ل"ايلاف" عن دهشته لصدور بيان بأسم المفوضية في مقر الأمم المتحدة تحدث عن العلاقات بين خبراء الأمم المتحدة العاملين في مقر المفوضية ببغداد ومجلس المفوضين وقال " انه أمر غير معهود ان تصدر بيانات بأسمنا ونحن لا نعرف ذلك " وأكد ان مجلس المفوضين لم يصدر أي بيان بهذا الصدد علماً بأن اصدار البيانات التي تعبر عن وجهة النظر الرسمية للمفوضية تكون من قبل الناطق الرسمي ومن بغداد وليس من مقر الأمم المتحدة .

واستغرب مما جاء في ذلك البيان المكتوب بلغة " مفرطة في المديح " لفريق الأمم المتحدة العامل في بغداد ، كما استغرب للايحاءات بالنأي عن المشاركة الفعلية في اجراء الانتخابات في موعدهـا من خلال اشارة ذلك البيـان من ان " فريـق الأمـم المتحدة "ينصح " العراقيين فقط ، في حين ان الحقيقة غير ذلك اذ ان الفريق المذكور يشارك في اتخاذ القرارات .

واشار الناطق الرسمي الى ان مجلس المفوضين حاول ويحاول ان تكون علاقته بخبراء الأمم المتحدة طيبة وسليمة ايماناً منه بضرورة توفير كافة الاجواء لاجراء انتخابات سليمة ونزيهة وشفافة ، ولكن بعض الخبراء يقومون بانتهاج سلوك مغاير من خلال اعتماد آليات عمل لا يوافق عليها مجلس المفوضين وهذا ما أوجد حالة تباين واضح في وجهات النظر بين الطرفين ولاسيما عدم أخذ رأي المجلس عند مفاتحة الشركات وعند استدراج العروض وحتى عند اختيار شركة لتنفيذ عقد معين .

واعرب عن امله في ان يتغير تفكير " بعض الخبراء " الذين يعتقدون ان العراق هو تيمور الشرقية أو كوسوفو وقال ان خير مثال على ذلك ما جرى ويجري في الأونة الأخيرة حيث تم استقدام المزيد من " الخبراء " دون معرفة الحاجة إليهم حالياً ودون أخذ رأي المجلس الذي يفترض ان يكون هو صاحب القرار هذا مع العلم ان عدد فريق الأمم المتحدة وبعض المنظمات التي تتبعها كان طوال الأشهر الصعبة الماضية بحدود (5) خبراء ثم جرى فجأة زيادتهم الى الـــ (30) خبيراً في الأسابيع الماضية دون معرفة سبب ذلك .

وقال الدكتور ايار ان استقدام هؤلاء الخبراء وزيادتهم حالياً هي زيادة " عددية " وليست " نوعية " فهناك مثلاً أكثر من عشرة خبراء متخصصين في قسم " الاعلام" لا نعلم ما هي واجباتهم ومن يوجههم وكيف يعملون وماذا يفعلون ومن طلب منهم القدوم ؟؟ علماً بأن اعضاء المفوضية قطعوا شوطاً كبيراً للتحضير للانتخابات . واعرب عن دهشته مما يقال من ان تصحيح العلاقة مع خبراء الأمم المتحدة يؤثر سلباً على مسار العملية الانتخابية وقال بالعكس فالعلاقات الصحيحة والشفافة من شأنها تسهيل العمل ومن ثم انعكاسه ايجاباً على سير العملية الانتخابية وهذا يتم بالاعتراف بان مجلس المفوضين هو صاحب السلطة في العمل وان دور الخبراء توفير الخبرة والمعرفة والمساهمة في انجاح العمل الانتخابي لا السيطرة عليه .

واوضح الناطق الرسمي ان الحديث عن تباين وجهات النظر لا يتعارض مع الشعور الطيب الموجود لدى العاملين في المفوضية تجاه خبراء الأمم المتحدة ، كما ان مجلس المفوضين يبذل الجهد الخالص لأن يكون هناك تعاون حقيقي وشفاف بين الطرفين . وقال الدكتور ايار في ختام حديثه ان البيان الذي صدر في الأمم المتحدة عمل غير مألوف ويثير الدهشة ولا ندري ما هي الحكمة من اصداره .
وكانت مصادر عراقية كشفت ل"ايلاف" في تقرير نشرته مؤخرا عن تحقيق عدد من خبراء المنظمة الدولية الذين يشرفون على الاعداد للانتخابات واجرائها بالتنسيق مع المفوضية العليا مكاسب مادية من عمولات وصفقات عقود لطبع ملايين الاوراق والتعليمات والملصقات الدعائية خارج البلاد .

واكدت المصادران العلاقات بين خبراء الامم المتحدة واعضاء المفوضية تشهد خلافات حول استخدام عدد من الخبراء البالغ عددهم 25 مبعوثا لنفوذهم وارغام المفوضية على الموافقة على تمرير عقود لطباعة مستلزمات عمليات الاقتراع من ملصقات واستمارات انتخابية واوراق تصويت يبلغ عددها 60 مليون ورقة اضافة الى مطبوعات ارشادية لتوجيه الشعب العراقي نحو ‏ممارسة حقه الانتخابي وهي تشمل الافلام ‏‏التلفزيونية والبرامج اضافة الى ملايين الملصقات والكراسات التي توزع على ‏‏المدارس وعلى منظمات المجتمع المدني المختلفة .

واشارت الى ان اشراف الخبراء ومعظمهم ينتمون لدول اميركية لاتينية على اجراء انتخابات في عدد من مناطق العالم في اوقات سابقة قد اتاح لهم اقامة علاقات مع شركات غربية كبرى للطباعة .. ولذلك فهم يستخدمون نفوذهم لعقد اتفاقات مع هذه الشركات تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات لطبع احتياجات العمليات الانتخابية الثلاث مقابل الحصول منها على عمولات مجزية رافضين تنفيذ رغبة المفوضية العليا للانتخابات بمنح هذه العقود الطباعية الى شركات ومطابع عراقية .
ومعروف ان المفوضية هي هيئة مستقلة غيرحزبية تدارذاتيا وتابعة للدولة ولكنها مستقلة عن السلطات التنفيذية والتشرعية والقضائية وتملك بالقوة المطلقة للقانون سلطة إعلان وتطبيق الانظمة والقواعد والاجراءات المتعلقة بالانتخابات خلال المرحلة الانتقالية وكانت تاسست في اواخر العام الماضي وتضم تسعة اعضاء.
وعن سبب عدم وقوف المفوضية بوجه هذه التجاوزات المالية او منعها اوضحت المصادر ان المفوضية غالبا ماترضخ لرغبات خبراء الامم المتحدة بسبب تهديدات هؤلاء بالعمل على اعاقة اجراء الانتخابات في موعدها المقرر بذرائع وحجج منها الاعلان بان الاوضاع الامنية غير مهيئة لانجازها وان المفوضية قد فشلت في التهيئة لها بالشكل الصحيح والمطلوب .
وكانت الامم المتحدة خصصت مبلغ 255 مليون دولار لانفاقها على انجاز عمليات الاقتراع الثلاثة ثم اضافت الحكومة العراقية بعدها مبلغ 90 مليون دولار لاتمام عمليات مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات التي ستجري في 14 دولة حيث يحق لحوالي مليون عراقي من بين ثلاثة ملايين يعيشون في المهجر المشاركة فيها .

وسبق للمجلس الوطني العراقي "البرلمان" ان استدعى الاسبوع الماضي عددا من اعضاء المفوضية لمناقشة صحة الاتهامات التي اوردتها "ايلاف" فاعترفوا بوجود مشاكل فعلا مع خبراء الامم الكتحدة الذين يحاولون الاستئثار بالعقود .
وياتي الكشف عن هذه التجاوزات لخبراء الامم المتحدة المكلفين بالاشراف ومراقبة الانتخابات العراقية في وقت مازالت لجتة شكلها الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تبحث في تجاوزات مالية لعدد من موظفي المنظمة الدولية متهمين بتلقي رشى وعمولات من برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي .

وعلى صعيد اخر حث الرئيس العراقي غازي الياور الامم المتحدة اليوم الثلاثاء على النظر فيما اذا كان يتعين المضي قدما في الانتخابات المقررة في الثلاثين من الشهر الحالي رغم أعمال العنف التي قد تثني الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم.
وقال الياور "ما من شك في أنه يتعين على الامم المتحدة باعتبارها مظلة مستقلة للشرعية أن تتولى المسؤولية بتحديد ما اذا كان "التوقيت ممكنا أم لا" كما ابلغ رويترز .
وأكدت الحكومة العراقية وادارة الاميركية مرارا على أن الانتخابات لن يتم تأجيلها ولكن الياور قال ان الانتخابات ستفشل اذا ما استمرت أعمال العنف بالمعدل الحالي مما سيبعد عددا كبيرا من العراقيين عن مراكز الاقتراع.
وقال الياور "يتعين على الامم المتحدة بالتأكيد كطرف مستقل لا يمكن تهديده أو ترويعه ويتمتع بمصداقية في المجتمع الدولي الاضطلاع حقا بمسؤولياته والتزاماته باعلان ما اذا كانت الانتخابات ممكنة أم لا." واضاف "منطقيا ثمة شواهد تشير الى أنه سيكون من الصعب اجراء الانتخابات."
وتاتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه عمليات استهداف المسلحين المناوئين الشخصيات السياسية البارزة وموظفي الانتخابات ومراكزها وقوات الامن قبيل موعد الانتخابات.

وعلى خلاف رأي الياور اكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اليوم ان الانتخابات التشريعية في العراق ستجري في موعدها المحدد .
وقال زيباري في مؤتمر صحافي عقده بمقر وزارته في بغداد ردا على سؤال حول رأيه في تصريحات وزير الدفاع حازم الشعلان ان "الموقف الرسمي هو ان الانتخابات ستعقد في موعدها المقرر وحتى هذه اللحظة ليس هناك أي قرار رسمي بتأخير او تأجيل هذا الموعد".
واضاف ان "الانتخابات ستعقد في موعدها المحدد ولن يكون هناك اي تأخير او تأجيل في اجرائها والحكومة العراقية تطالب وتدعو جميع العراقيين في الداخل والخارج بمختلف انتماءاتهم الى المشاركة في هذه الانتخابات المصيرية".
واكد زيباري ان هذه الانتخابات "ليست نهاية المطاف بل مرحلة مهمة من مراحل العملية السياسية لان ممثلي الشعب العراقي هم الذين سيحددون مستقبل العراق واي نوع من العراق سيكون بعد زوال نظام صدام حسين لذا لا بد للجميع ان يكون له رأي في هذه الانتخابات".
وقال "خلال لقاءاتنا الثنائية في الدول العربية التي زرناها لاحظنا وجود مخاوف وشكوك حول نتيجة هذه الانتخابات ومستقبل العراق، وانا هنا احب ان اؤكد ان هذه المخاوف والشكوك مبالغ فيها وهي ليست في محلها". واضاف ان "العراقيين متمسكون بثوابتهم ويتطلعون للمشاركة في هذه الانتخابات من اجل انتخاب اعضاء الجمعية الوطنية التي ستتولى مهمة كتابة الدستور الذي لا بد ان يحظى بتوافق كل العراقيين".

وقال "صحيح ان هناك مناطق صعبة لكن هناك مناطق اخرى كمحافظات الجنوب والشمال وبعض مناطق بغداد ممكن لهؤلاء المراقبين العمل فيها".
وفيما يتعلق بالوضع الامني المتردي قال زيباري "ان الحكومة لا تستخف بالصعوبات والتهديدات الامنية من قبل القوى المعادية التي لها اجندة خبيثة ترمي الى تعطيل العملية السياسية لكن علينا ان نختار امام هذا اما التحدي او الاستسلام في ان نبني العراق الجديد".
واقر بان "الامر فيه تحد كبير جدا والكل يعرف ان هذه الانتخابات ستجري في ظل ظروف امنية صعبة لكن يجب الا يكون هذا الوضع عائقا امام الناس ليعطوا رأيهم حول مستقبل بلدهم". واعتبر ان "الكثير من المناطق آمنة في العراق وليس هناك أمن مطلق 100 % فأي ارهابي ممكن ان يضرب قذيفة هاون هنا او صاروخ هناك". ودعا الى اخذ عبرة الانتخابات في افغانستان، وقال "رغم وجود القاعدة وطالبان لكن الكل شارك في الانتخابات وقبل التحدي".
ومن جهة اخرى اشار زيباري الى ان بلاده اعادت فتح 52 سفارة وبعثة دبلوماسية عراقية في دول عربية واوروبية واميركية شمالية واضاف "كما عينا 43 سفيرا و370 موظفا التحقوا جميعهم بالسفارات العراقية في هذه الدول .
واوضح ان "برنامج الوزارة للعام الحالي هو فتح 30 سفارة عراقية اخرى جديدة وعلى مراحل لكي نتمكن من تقديم الخدمات القنصلية للجالية العراقية في الخارج".مشيرا الى ان العديد من دول العالم اعادت فتح سفاراتها في العراق . وقال ان "الوزارة ارسلت في الاونة الاخيرة خبراء وفنيين ومهندسين الى كل من الكويت والسعودية للكشف على املاك السفارة العراقية في هاتين الدولتين للشروع في تسمية السفراء وبدء اجراءات فتحها خاصة وان لدى العراق الكثير من القضايا التي تربطه بهذه الدول كمسألة الحج على سبيل المثال". واوضح ان "الاتصال مع هاتين الدولتين يجري في الوقت الحالي مع الاسف بصورة غير مباشرة".
وكان وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان اعلن امس في القاهرة ان الانتخابات في العراق "قد يتم تاجيلها اذا تعهد السنة بالمشاركة فيها". وقال "طلبنا من كل الاشقاء العرب، خاصة مصر ودول الخليج، التدخل لدى اخواننا السنة للمشاركة في الانتخابات واذا تعهدوا بالمشاركة قد يصار الى تاجيل" موعد الانتخابات .