مصر تؤكد التزامها بمنع النووي
وتنفي أنباء سعيها لامتلاك قدرات


نبيل شرف الدين من القاهرة: في أول تعقيب مصري رسمي على التقارير التي نقلت يوم أمس الثلاثاء عن مصدر في الوكالة الدولية للطاقة الذرية مزاعم بأن مصر تطور برنامجا نووياً سرياً، فقد وصف أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري هذه التقارير، بأن "ليس لها أساس من الصحة"، وأكد في تصريحات له اليوم الأربعاء التزام بلاده بمعاهدة منع الانتشار النووي والتزاماتها تجاه الضمانات الخاصة بهذا الموضوع ، نافياً بذلك "وجود أي تغيير في الموقف المصري في هذا الصدد"، على حد تعبيره .

ومضى وزير الخارجية المصري مشدداً على التزام مصر التام ببنود معاهدة منع الانتشار النووي، ولافتاً إلى أن "هناك زيارات متبادلة، ومناقشات مستمرة بين مصر والوكالة منذ انضمام مصر إلى المعاهدة قبل 23 عاما وحتى اليوم" ، حسب تعبير أبو الغيط .

وفي الوقت الذي تشهد فيه الدبلوماسية المصرية نشاطا مكثفا وحثيثاً لإقرار معاهدة لعدم الانتشار النووي ـ وأسلحة الدمار الشامل عموماً ـ في منطقة الشرق الأوسط، مستهدفة بهذا التحرك تسمية إسرائيل باعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تنضم لمعاهدة عدم الانتشار النووي وعدم إخضاع منشآتها النووية للتفتيش، فقد نقلت وكالة "أسوشيتدبرس" الأميركية عن أحد الدبلوماسيين في فيينا قوله إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثرت على أدلة على قيام مصر بتجارب نووية سرية يمكن ان تستخدم لانتاج أسلحة نووية"، لافتاً إلى أن التجارب أجريت في مصر إبان الثمانينات والتسعينات"، لكن هذه المصادر التي لم تسمها الوكالة استدركت قائلة أيضاً إن الوكالة الدولية تدرس أدلة تشير الى ان بعض تلك التجارب أجري قبل عام فحسب، وان المصريين حاولوا انتاج عناصر مختلفة من اليورانيوم دون ان يعلنوا ذلك للوكالة الدولية للطاقة الذرية طبقاً للالتزامات المترتبة عليهم بموجب معاهدة منع الانتشار النووي، وأن الوكالة لم تتوصل بعد إلى نتيجة في شأن نطاق وغرض التجارب المصرية"، بحسب ما نسبته وكالة "أسوشيتدبرس" إلى مصدر دبلوماسي في فيينا .

وعلى الرغم من أن مصر تعد أول دولة في المنطقة تقتحم هذا المضمار، حيث تأسست فيها أول لجنة للطاقة الذرية في العام 1955، وهي أيضاً من أكثر الدول امتلاكا للخبرات العلمية في المجال النووي، وتمتلك مفاعلين للأبحاث النووية الأول تأسس في ضاحية أنشاص قرب القاهرة عام 1961، والثاني هو المفاعل الأرجنتيني الذي دشن خلال العام 1998، غير أن المعارضة لا تكف عن اتهام الحكومة المصرية بإهمال البرنامج النووي في البلاد، الذي وصفته بأنه بات يعيش حالة احتضار وبالتالي فهذه شهادة وفاة الحلم النووي العربي، بعد أن بدأ طموحا منذ أكثر من خمسين عاما تقريبا وبدا انه كان بإمكانه التوسع لكن سرعان ما بدأ يتراجع بشكل ملحوظ بعد هزيمة 1967 .

مصر وديمونة
من جانبه رأى الدكتور فوزي حماد رئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية الأسبق أن القاهرة ستواصل الحملة ضد وجود أسلحة دمار شامل في منطقة الشرق الأوسط، وتنفيذ مبادرة الرئيس مبارك لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وهي المبادرة التي وصفها بأنها لقيت استجابة واسعة من كافة الدول العربية، ووافقت عليها الدول الأعضاء في اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، كما أن مصر تقدمت بمشروعات أخرى إلى الأمم المتحدة عن مخاطر انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط، وقد لقيت هذه المشروعات أيضاً موافقة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية فيما عدا دولتين عبارة عن جزر في المحيط الهادي، وأميركا واسرائيل .

وحول القرار الحكومي الذي سبق أن صدر وينص على تخصيص منطقة "الضبعة" لإنشاء محطة نووية بها، قال حماد إن هذا قرار دولة وقديم جداً منذ عام 1981، وأن التفكير في الاستغناء عن موقع المحطة النووية بمنطقة "الضبعة"، هو أمر بالغ الخطورة، لأن ذلك يقضي على أي أمل في دخول مصر لمجال استخدام الطاقة النووية في المجالات المدنية مثل توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر وغيرها .

ومضى حماد موضحاً أنه عندما زار رئيس هيئة الطاقة الذرية محمد البرادعي مصر، وألقى عدة محاضرات عن الصحوة النووية بدأنا نعيد النظر ونتحرك في ضوء التقدم الهائل في المجال النووي، فمصر ليست أقل من دول أخري عديدة سبقتنا في هذا المجال ويوجد حوالي 50% من المفاعلات الجديدة في دول آسيا وهناك صحوة لاستخدام الطاقة النووية، معرباً عن اعتقاده بأن العالم يتجه للخيار النووي ونحن نبتعد عنه.. فمثلا الصين تتحدث عن إنشاء أربع محطات نووية ورصدت 8 مليارات دولار لذلك وكوريا الجنوبية لديها 18 محطة نووية تنتج 18 ألف ميغاوات أي 9 أضعاف ما ينتجه السد العالي، ليس هذا فقط بل يتم تصنيع 95% من المحطة النووية داخل كوريا والهند تقوم بتصنيع 90% من محطاتها النووية وهناك دول أفريقية دخلت هذا المجال مثل جنوب أفريقيا.

وسبق أن صدرت دراسة كان قد أعدها (مركز زايد للتنسيق والمتابعة) في دولة الإمارات العربية، رصدت فيها بالتفصيل القوة النووية الإسرائيلية، مؤكدة ان هذا الامر لايمكن أن يؤدي بأية صورة من الصور للاستقرار في المنطقة التي تسعى إسرائيل دائما لتحقيق التفوق العسكري المطلق فيها .

وقالت الدراسة استنادا إلى مصادر أميركية ان إسرائيل تستطيع صنع 70 قنبلة نووية، كما كشفت صور التقطتها أقمار صناعية اجنبية عن وجود 200 سلاح نووي في إسرائيل منصوبة في 8 مواقع فوق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى وفي طائرات جاهزة للانطلاق باستمرار واشارت الدراسة استنادا إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى ان إسرائيل اجرت تجربة نووية في خليج ايلات نتج عنها زلزال ارضي، كما ان لدى إسرائيل ترسانة نووية متطورة تضم صواريخ ذات مدى قاري مزودة برؤوس هيدروجينية وصواريخ متوسطة المدى ذات مرحلتين تعمل بالوقود الجاف يبلغ مداها 3 الاف كيلومترا كما كشفت الدراسة ايضا عن ان لدى إسرائيل معاهد للبحوث ومحطات انتاج الاسلحة الجرثومية وغازالاعصاب على الرغم من إنكار إسرائيل الرسمي لذلك .