الياس توما من براغ : قدم زير الخارجية البولندي فلادجمير تشيمونوفيتش اليوم استقالته من منصبه وذلك فور انتخاب مجلس النواب /السيم/ له رئيسا جديدا للمجلس خلفا ليوزيف اولكسي رئيس حزب اتحاد اليسار الديموقراطي الحاكم.
وقد حصل تشيمونوفيتش على 223 صوتا وهي الأعداد اللازمة تماما لانتخابه فيما لم يحصل منافسه مرشح حزب الشعب يوزيف زيخ سوى على 219 صوتا .
ويأتي هذا التغيير على الساحة السياسية البولندية بعد أن وضعت محكمة وارسو اولكسي في وضع محرج في نهاية الشهر الماضي عندما أكدت انه قد مارس الكذب في مسالة تعاونه مع جهاز المخابرات الشيوعي البولندي وانه تعاون معه طوال الفترة من 1970 إلى 1978 وقدم له تقارير مكتوبة تلقى عليها أموالا.
وقد أخفى اولكسي هذه الحقائق حسب المحكمة في إعلان الشرف الذي خطه بشان تعاونه أو عدم تعاونه مع المخابرات الشيوعية قبل تسلمه مناصبه الحكومية والبرلمانية المختلفة الأمر الذي يعتبر خرقا للقانون .
وقد نفى اولكسي أن يكون قد تعاون مع المخابرات الشيوعية كعميل مشددا على انه جرى في السابق فقط تدريبه كضابط عسكري يمكن أن يزج في أراضي العدو في حال نشوب حرب .
وعلى الرغم من تقديمه استئناف إلى المحكمة العليا إلا أن مسالة استمراره في منصبه أصبحت صعبة الاحتمال سياسيا على حزبه اتحاد اليسار الديموقراطي الحاكم ولذلك أعلن قبل عدة أيام انه على استعداد للتخلي عن منصبه في حال طلب ذلك نواب حزبه في البرلمان الأمر الذي حصل لاحقا .
وقد جاء حكم محكمة وارسو المتخصصة بمسالة تعاون الأشخاص مع أجهزة الأمن الشيوعي البولندية أو غيرها في وقت هو الأسوأ بالنسبة للحزب الحاكم الذي شهد في الأسابيع الماضية عدة فضائح أدت إلى تراجع شعبيته بشكل كبير الأمر الذي يهدد فرص فوزه بشكل جدي في الانتخابات النيابية والرئاسية التي ستتم هذا العام .
وحسب ما أكده أخر استطلاع للرأي أجرى الشهر الماضي فان شعبية حزب اتحاد اليسار الديموقراطي الحاكم تتحرك على حدود الخمسة بالمئة فقط وهي النسبة التي تشكل الحد الأدنى لأي حزب كي يتمكن من الوصول إلى المقاعد النيابية ، في حين أن شعبية المنتدى المدني اليمني المعارض هي الأعلى ويمكن له أن يحصل على 27% من أصوات الناخبين .
وأمام هذا الواقع واتجاه البلاد نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية هذا العام فقد وقع الاختيار على وزير الخارجية تشيمونوفيتش لتولي رئاسة مجلس النواب كونه يحظى بسمعة جيدة بين قيادات حزب اتحاد اليسار الديموقراطي ولم يشارك في الخلاقات والصراعات التي جرت داخل أجنحة هذا الحزب، كما لم يتورط بأي فضائح بل كان من المنتقدين داخل حزبه لتفشي الرشاوي.
وقد قاد تشيمونوفيتش كوزير للخارجية المحادثات التي أجرتها بلاده مع المفوضية الأوربية بشان الانضمام وحقق لها ذلك ضمن شروط اعتبرت أفضل من بعض الدول المجاورة كبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا .
وتقول بعض الأوساط البولندية إن الاختيار قد وقع على تشيمونوفيتش أيضا لرئاسة البرلمان لأنه قد يتم تسميته لاحقا مرشحا لليسار البولندي لانتخابات الرئاسة التي ستجري لاختيار رئيس جديد خلفا للرئيس الكسندر كفاشنيفسكي الذي تنتهي ولايته الثانية والأخير ة هذا العام .
وبالنظر لكون هذا العام فيه الكثير من المناسبات الوطنية فان وجوده في رئاسة البرلمان يمكن أن يمنحه الفرصة للاستفادة من ذلك في الحملات الانتخابية الرئاسية كما انه وعلى خلاف الكثير من السياسيين يمتلك علاقات دولية واسعة وتجربة سياسية واسعة، فقد شغل في السابق منصب رئيس الحكومة وقبل ذلك وزارة العدل .
وبالتوافق مع ما أعلنه رئيس الحكومة البولندية بيلكا أمس فانه سيتم في الساعات القليلة القادمة تعيين نائب وزير الخارجية الحالي ادم دانييل روتفيلد خلفا لتشيمونوفيتش في منصب وزير الخارجية .
وكان رئيس البرلمان السابق اولكسي قد شغل رئاسة الحكومة قبل تسلمه البرلمان عام 1999 إلا انه عزل من منصبه الحكومي بسبب الفضيحة التي تفجرت بوجهه حول ما زعم بتعاونه سابقا مع جهاز المخابرات السوفيتية /ك ج بي /
يذكر انه في بولندا لا يوجد كما هو الأمر في بعض الدول المجاورة قانون يطلب من المسؤولين تقديم شهادة يمنحها جهاز امني مختص تثبت خلو سجلهم من التعاون مع أجهزة المخابرات الشيوعية بل يتم الاكتفاء في بولندا بتعهد شرف يصرح فيه المسؤول أوالسياسي أو المرشح لمنصب سياسي ما فيما إذا كان قد عمل أم لم يعمل مخبرا وفي حال اعترافه بالعمل لا يترتب على ذلك أي إجراءات عقابية أو حظر قانوني من نوع ما أما في حال نفيه والتأكد لاحقا من انه عمل مخبرا فينص القانون على منعه من العمل في السياسة لعشرة أعوام وبالتالي فانه في حال إقرار المحكمة البولندية العليا حكم محكمة وارسو فان على اولكسي ليس فقط التخلي عن رئاسة الحزب الحاكم وإنما الانسحاب من الحياة السياسية البولندية..