نصر المجالي من لندن: يبدو أن الهزة "البرلمانية" الأخيرة التي كان وراءها إسلاميون متشددون وهي التي أطاحت بوزير الإعلام الكويتي الدبلوماسي المخضرم محمد أبو الحسن، كشفت عن خطط كانت في طريقها إلى العلن من أدراج مكتب رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح تشير إلى إلغاء وزارة الإعلام من أساسها "ودفن نحسها الوزاري" إلى الأبد.. وبهذا تكون الكويت تسير على خطوات انتهجتها من قبلها كل من الأردن وقطر في إلغاء الوزارة والاستعاضة عنها بمؤسسات أخرى.

وبينما استعاض الأردن عن الوزارة بتشكيل مجلس أعلى للإعلام يشارك في عضويته مهتمون ورجال اختصاص من القطاعين العام والخاص وأنيطت به مسؤوليات وضع القوانين ومراقبتها من دون التدخل المباشر في أداء الأجهزة الإعلامية المختصة من مقروءة ومسموعة ومرئية، فإن دولة قطر تركت لكل مؤسسة إعلامية لديها تعمل ضمن قانون خاص تحدده الحكومة مع ربط بعض الصلاحيات الإعلامية الخارجية بوزير الخارجية، حيث تم تعيين مساعد للوزير لهذه الغاية.

لكن في الخطة الكويتية التي كشفت عنها صحيفة (القبس) اليوم، فإنه يبدو أن وزارة الإعلام ستتحول إلى مؤسسة ستتبع رئاسة مجلس الوزراء، وسيرأس المؤسسة مسؤول برتبة وزير، وتقول المصادر الكويتية إن الخطة التي هي في مراحلها الأخيرة تأتي "لإنهاء سيناريو الشد والجذب السياسي الحاصل حول وزارة الإعلام منذ وقت طويل".

وكانت الكويت استبقت في العام الماضي خطتها التي تنوي إلغاء وزارة الإعلام بفصل منصب وكيل الوزارة للإعلام الخارجي عن قرارات الوزير وأبقت على رأس هذه الإدارة الإعلامية المستقلة الشيخ مبارك الدعيج الصباح، صاحب العلاقات المتميزة مع صحافيين كثيرين في العالم العربي والعالم.

وفي الكويت تعتبر وزارة الإعلام من وزارات "النحس" التي يحاول أي وزير الابتعاد عنها خلال تشكيل الحكومات الكويتية المتعاقبة، كما أنها الوزارة الوحيدة التي حمل حقيبتها ليس أقل من عشرة وزراء خلال ثلاثة عقود من الزمن.

وظل وزراء الإعلام الذين تسلموا المهمة عرضة للمساءلة والاستجواب والنقد من جانب أعضاء مجلس الأمة، حيث واجهوا صراعات مع أعضاء برلمانيين متشددين كانوا يوجهون لبعض الوزراء استجوابات برلمانية، لكن الوزراء كانوا يفضلون الاستقالة على أن يقفوا على منصة الاتهام في تدبير مهماتهم في وزارة قوام مهماتها أن تكون ليبرالية ومتحررة من كل القيود إلا ما يقتضيه الالتزام بالأعراف والتقاليد.

ومنذ تحرير الكويت من الغزو العراقي في العام 1991 تعاقب على حمل حقيبة وزارة الإعلام خمسة من الوزراء، وجميعهم استقالوا أو تم تغييرهم بسبب ما كانوا يواجهون من حملات تقودها تلك الجهات الإسلامية المتشددة التي أطاحت باستجواباتها وزراء آخرين غير وزراء الإعلام. والوزراء الذين طالهم "نحس" وزراء الإعلام هم الشيخ الدكتور سعود ناصر الصباح (سفير الكويت السابق في واشنطن) وسعد بن طفلة العجمي (الكاتب الليبرالي) ويوسف السميط (مدير تحرير صحيفة القبس ومدير عام وكالة الأنباء الكويتية سابقا) والشيخ أحمد الفهد (وزير الطاقة الحالي) ومن ثم الدبلوماسي المخضرم محمد أبو الحسن (وهو سفير سابق للكويت لدى الأمم المتحدة لعشرين عاما)، ولم تشفع لهؤلاء الوزراء "الذين طاروا من مناصبهم الإعلامية، خدماتهم السابقة سواء في الداخل والخارج أمام ضربات وتحديات المتشددين".

يشار إلى أن الشيخ صباح الأحمد، عين وزير الأعلام المستقيل أبو الحسن مستشارا سياسيا في مكتبه "وذلك تكريما لجهوده الطويلة في خدمة الكويت، ومن ثم الاعتماد على خبراته الدبلوماسية الطويلة"، وعين أيضا فيصل الحجي محمد بو خضور وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرا للإعلام بالإنابة.

وبدأ الحجي الذي كان قبل توليه حقيبة الشؤون وكيلا لوزارة الإعلام، مهماته الثانوية الجديدة معلنا أمام الصحافيين "أنه لم يأت لتصفية حسابات معينة، وانه لن يقبل بأن تبقى ملفات مهمة في الوزارة عالقة"، وطالب القياديين في وزارته بمتابعة ما ورد في محاور الاستجواب، الذي قدمه النواب الإسلاميين وليد الطبطبائي وعواد برد وفيصل المسلم إلى وزير الإعلام المستقيل محمد أبو الحسن.

ومن جهتها، قالت صحيفة (الوطن) إن اجتماع الوزير الحجي مع وكيل الوزارة الشيخ فيصل المالك والوكلاء المساعدين خالد العنزي وطارق العجمي وسعد جعفر ناصر الصفار وإبراهيم نوح وعدد آخر من القياديين في الوزارة. وقالت إن هذا الاجتماع كان إيجابيا إلى أقصى درجة حيث شعر الجميع بالارتياح من الطرح الذي ساقه الحجي، خصوصا انه لا توجد لديه نية لإجراء أي تعديل ما بين الوكلاء المساعدين، حيث سيبقى كل وكيل في منصبه، مشددا على ضرورة مضاعفة العمل لضمان التطوير لهذه الوزارة المهمة.

وختاما، اتخذ الحجي أول قرار له بتعيين إبراهيم النوح وكيلا مساعدا للمطبوعات وذلك خلفا لعبد العزيز المنصور الذي انتهت فترة وكالته، وطالب الوزير الاجتماع قياديي الوزارة بالعمل على حل جميع المشاكل العالقة بمختلف القطاعات وذلك لضمان تسيير الأمور الفنية والإدارية بالوزارة بكل انسيابية وراحة، كما طالب الحجي بإعادة خريطة البرامج التلفزيونية المنوعة إلى سابق عهدها وعدم ترحيلها إلى ما بعد منتصف الليل، وذلك لضمان استقطاب اكبر عدد من المشاهدين لمتابعة البرامج المنوعة في وقت الذروة، وتنفيذ هذا المطلب حالا.

وزير الإعلام الكويتي بالإنابة .. لا لتصفية الحسابات