نصر المجالي من لندن: رفضت أندونيسيا ومعها عدد من بلدان جنوب شرق آسيا المنكوبة بكارثة تسونامي عرض بريطانيا إرسال 120جنديا من فرقة الغوركا النيبالية التي تعمل كجزء من القوات المسلحة البريطانية للمساهمة في عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، وهذه القوة ملحقة عبر أجيال تعود إلى اكثر من مئة وخمسين عاما في القوات البريطانية وخاضت معها معارك شرسة في بقاع مختلفة منذ أكثر من 150 عاما ابتداء من الهند وكشمير ومناطق نزاع عالمية أخرى وانتهاء آخرها في حربي العراق وأفغانستان.

وقد رفضت أندونيسيا وهي أكبر بلد إسلامي في آسيا ومن أكثر البلدان المتضررة جراء الكارثة الطبيعية العرض، الأمر الذي أحرج الحكومة البريطانية، حيث رأى مسؤولون بريطانيون أن "عرض حكومة توني بلير إرسال قوة من 120 عنصرا من الغوركا أمر سخيف، حيث لدى أندونيسيا جيش قوامه حوالي ربع مليون جندي وهم قادرون على القيام بأضخم المهمات".

وقال عسكريون بريطانيون "إن عرض إرسال جنود إلى بلد أجنبي أمر في غاية الحساسية، ولهذا جاء مبدأ إرسال قوة من الغوركا النيبالية كونها قريبة من المنطقة تاريخيا وعرقيا، وممكن أن يؤدوا مهماتهم تحت إشراف السلطات الأندونيسية".

وتتمركز قوة من الغوركا التي كان مزمع إرسال جزء منها حاليا في سلطنة بروناي المستعمرة البريطانية السابقة في المحيط الهندي، وهي مزودة بكامل الاحتياجات العسكرية من طائرات هليكوبتر جاهزة لنقلها سريعا حسبما تتطلبه الظروف.

ولكن رئيس الوزراء البريطاني أعرب عن ارتياحه لقرار الرفض الأندونيسي الذي قال إن "جزءا منه يعود الى أسباب تاريخية، حيث كانت قوة الغوركا هي الوحيدة من بين القوات البريطانية التي قاومت بكل قوة محاولات أندونيسيا احتلال جزيرة بروناي الغنية في ستينات القرن الماضي".

وقالت صحيفة (التايمز) البريطانية اليوم إن قيادات الجيش البريطاني أعربت عن إحباطها "لان قواتها غير قادرة على الإسهام في أي عمل تطوعي في المناطق المنكوبة، حيث إن الهند هي الأخرى رغبت في أن تقوم قواتها المسلحة في عمليات الإغاثة من دون دعم عسكري خارجي".

لكن الدولة الوحيدة التي رحبت بالمساهمة العسكرية البريطانية هي سريلانكا التي عصفت بها الكارثة أيضا، حيث بدأت ثلاث سفن حربية وملحقاتها مهماتها هناك في اليومين الأخيرين، وهي السفن إتش إم تشاتهام، ورويال أوغسولياري ديليجينس إضافة إلى آر إف إيه بيلييف التي تحركت من مياه الخليج نحو المحيط الهندي أمس.


يشار تاريخيا، إلى أن قوات الغوركا التي تعود في اسمها إلى قبائل نيبالية تسكن الجبال الغربية هناك، بدأت العمل مع القوات البريطانية في القرن التاسع عشر حيث بعد معركة بلاسي العام 1757 التي حققت لبريطانيا السيطرة على شبه الجزيرة الهندية، بدأت حرب جديدة مع منطقة البنغال وبيهار (التي يشكل جزء منها نيبال الحالية) وكان عماد قوة هذه الأخيرة الغوركا، وفي العام 1814 وقعت معاهدة سلام وسلام متبادل بين الجانبين، ثم شيئا فشيئا بدأت قوات الغوركا بالانضمام تدريجيا للقتال إلى جانب القوات البريطانية التي كانت تسمى آنذاك قوات شركة الهند الشرقية التي كانت سيطرتها تمتد من الخليج العربي غربا إلى نيبال شرقا.

وختاما، فإن قوات الغوركا الشرسة شاركت في معارك إلى جانب الجيش البريطاني في الأعوام 1826 في بورتبور، و1846 ضد السيخ و1858 ضد منطقة ماتني الهندية، كما أنها شاركت القوات البريطانية في التواجد في كل من أفغانستان في القرن قبل الماضي، وفي بورما ومنطقة الحدود الهندية ومالطة وقبرص والملايو وظلت موالية لبريطانيا وجزءا من قواتها جيلا بعد جيل إلى الوقت الراهن.