وزير العدل الأردني
نصر المجالي من لندن: إحتج مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين وهي من اقدم نقابات الصحافة العربية، على اتهامات بعض أعضاء البرلمان الأردني لأعضائها واستخدامهم عبارات غير لائقة تمس مباشرة صميم حرية الصحافة، مؤكدًا على حق الصحافيين في التعبير ونشر الحقائق وكشف الفساد. وعلى صعيد متصل، يبدو أن أزمة وزير العدل صلاح الدين البشير حين تطاول في استخدام عبارات مرفوضة إعتبرها البعض "سوقية" تحت قبة مجلس الأمة أول من أمس انتهت إلى مصالحة بين الوزير والبرلماني سليمان أبو غيث الذي كان شرع بجمع تواقيع من النواب لإدانة الوزير ومن ثم طرح الثقة به.

وفي التفاصيل، فإن الصحف الأردنية ومن قبلها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) نشرت إيجازًا إخباريًا من دون تفاصيل، عن المصالحة بين وزير العدل والبرلماني سليمان الغيث الذي كان أثار قضية تأخير تعيينات المجلس القضائي خلال سؤال تحت بند "ما يستجد من أعمال" في جلسة البرلمان يوم الأربعاء الماضي. وحين كان رد الوزير على السؤال بكلمة غير لائقة، فإن الأمر استدعى تدخل نائبين آخرين "من الحجم الثقيل" هما عبد الكريم الدغمي وعبد الله العكايلة لمناصرة ابو الغيث، وطالبوا بضرورة إبعاد الوزير إلى خارج الجلسة "فالاعتذار لا يكفي"، كما أنهما هددا بطرح الثقة به.

ورد وزير العدل الذي كان وزيرًا للتجارة والصناعة وينتمي إلى أسرة "وزارية وبرلمانية" حيث كان والده الراحل الدكتور محمد البشير وزيرًا للصحة، فيما كانت والدته وشقيقه عضوين في برلمان سابق، بكلمة اعتبرت غير لائقة تحت قبة الديموقراطية التي تمثل الشعب حين قال "فشرتوا".

واعتذر الوزير البشير من بعد تدخل وزيرين مهمين في الحكومة هما الدبلوماسي المخضرم نايف الحديد وزير الشؤون البرلمانية والقاضي المعروف فهد أبو العثم النسور وزير الشؤون القانونية، حيث انفضت جلسة البرلمان من بعد ذلك، من دون حسم نهائي، ليبدأ النائب سليمان أبو غيث بجمع تواقيع النواب على مذكرة تدعو إلى طرح الثقة بالوزير.

وهذه هي المرة الأولى التي يجري فيها تصعيد بين وزير يعتبر من المع وزراء الحكومة الشباب وبرلمانيين لا ينتمون إلى التيار الإسلامي المتشدد، حيث اعتبر مراقبون أن تلك المشادة كانت "ضربة للتيار الليبرالي المنفتح في البرلمان، كما أنها أعطت للمتشددين فرصة اختراق الجبهة التي كانت تتحد دائمًا أمام تحدياتهم ومطالبهم وشعاراتهم".

وقالت المعلومات من عمان اليوم إن الاتصالات والجهود النيابية والحكومية التي دارت ليل الخميس ـ الجمعة في منزل رئيس البرلمان المهندس عبد الهادي المجالي نجحت في إنهاء الأزمة بين وزير العدل د.صلاح الدين البشير والنائب سليمان أبو غيث وتطويق أية تداعيات للمشادة الكلامية التي حدثت بينهما.

وشارك في مهمة المصالحة وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور باسم عوض الله ووزير المياه والري الدكتور حازم الناصر "المقربان من القصر الملكي" والنواب مفلح الرحيمي والدكتور محمد أبو هديب ومحمد الكوز، حيث أكد المتخاصمان «البشير وأبو غيث» على أن الأزمة بينهما منتهية.

وقالت مصادر برلمانية إن النائب أبو غيث تراجع عن جمع تواقيع من النواب على مذكرة لحجب الثقة عن وزير العدل، كما اصدر النائب سليمان أبو غيث بيانًا صحافيًا أعلن فيه انتهاء الأزمة مع وزير العدل وقال أبو غيث في البيان "عطفًا على ما حدث بيني وبين وزير العدل من تلاسن خلال جلسة مجلس النواب ليوم الأربعاء أرجو أن أؤكد بعد اعتذار الوزير خلال الجلسة وكذلك المصالحة التي تمت بيني وبين الوزير على أن الأمر بات في حكم المنتهي تماما ولم يعد هناك ما قد يعكر صفو العلاقة الطبيعية لا قدر الله بيني وبين الوزير"

وأضاف أبو غيث وبهذه المناسبة "أؤكد كذلك على حتمية أن تتضافر جهودنا جميعا وفي السلطتين التشريعية والتنفيذية من اجل خدمة الوطن والمواطن بقيادة عميد آل البيت الأخيار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أيده الله ورعاه ، وان نعمل معا على تجذير المنهج البرلماني الديمقراطي على طريق بناء الأردن الأنموذج والقدوة في المنطقة بأسرها بقيادة جلالته".

وإليه، فإن المصادمات انتقلت من تحت القبة بين الوزراء والبرلمانيين لتطال عدواها الصحافة، حيث أعرب مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين في بيان أصدره أمس عن بالغ الأسف لما ورد على ألسنة بعض النواب ممثلي الأمة من اتهامات وافتراءات ظالمة وعبارات غير لائقة ومضامين تفتقر إلى الصواب وتمس مسًا مباشرًا الصحافة وحريتها ودورها في خدمة الوطن والمواطنين وتعظيم الممارسة الديمقراطية ونشر الحقائق بمصداقية وموضوعية وحيادية ونزاهة ومسؤولية وتعظيم الإيجابيات ومحاربة الفساد وتعزيز قيم الحق والعدل والخير.

وأضاف البيان الذي نشرته صحيفة (العرب اليوم) انه "في الوقت الذي يحيي فيه مجلس نقابة الصحافيين دور مجلس النواب في الرقابة والتشريع ويعتز بتوجهاته الإصلاحية, ليثمن عاليًا مواقف الأغلبية النيابية التي تتفهم بوعي ديمقراطي دور ومسؤوليات الصحافة والصحفيين وتدافع عن حرية الصحافة ودورها في نشر الحقائق ومحاربة الفساد وحقها المطلق في النقد الموضوعي البناء تعزيزا للنهج الديمقراطي وتفعيلا لحرية الصحافة التي أكد جلالة الملك عبد الله الثاني اكثر من مرة بأن سقفها السماء".

وأكد مجلس النقابة على تمسكه المطلق "بحق الصحافيين بحرية الرأي والتعبير والوصول إلى المعلومة وكشف الحقائق أمام الرأي العام كثابت دستوري فانه يرفض بشدة بعض المواقف المتشنجة والتي تنم للأسف عن توجهات خطيرة تمس حرية الرأي والتعبير وتستهدف الصحافة وترمي إلى تحجيمها وتدجينها وتطويعها".

وأخيرًا، عبر مجلس النقابة اعتزازه باستقلالية الصحافة الأردنية وسياستها التحريرية، وآدائها الموضوعي المتوازن الذي يستوعب كل ألوان الطيف ويؤمن بتعددية الآراء والمواقف وأعمال الاجتهاد، ويفخر بان ولاء وارتباط الصحافيين الأردنيين للأردن ولقيادته الهاشمية وبرفضهم المطلق لأية إملاءات وإيحاءات، وحرصهم الواضح على آداء رسالتهم النبيلة وفق معادلة واضحة توازن ما بين الحرية والمسؤولية وثوابت الدستور".