أسامة العيسة من القدس: ستدخل السلطة الفلسطينية مشهدًا جديدًا من تاريخها يوم الأحد المقبل بالفوز المتوقع لمحمود عباس (أبو مازن) في انتخابات الرئاسة. وسيحتل أبو مازن منصب الرجل الأول مكان ياسر عرفات، رئيس السلطة الراحل، الذي هزم أمامه عندما تولى رئاسة الحكومة، فقدم استقالته وانزوى.

وعندما عاد مرشحًا قويًا باسم حركة فتح، وجد انه من الصعب التخلص من ظل عرفات، فخاض حملته الانتخابية لخلاف عرفات تحت شعار انه سيكمل ما بدأه "الزعيم الخالد الشهيد". وإذا كان من الصعب التكهن حول السياسة التي سينتهجها أبو مازن ومدى نجاحه فيها في ظل تداخلات محلية وإسرائيلية وإقليمية ودولية، فان ملامح فريق العمل الذي سيعتمد عليه أبو مازن بدأت تتضح.

وابرز الأسماء الصاعدة في سماء الحياة السياسية مع أبي مازن، الدكتور محمد اشتية، وهو اقتصادي مهني ومثقف، تلقى ثناءا دوليا لإدارته للمجلس الفلسطيني للتنمية والأعمار (بكدار) والذي تأسس عشية إنشاء السلطة الفلسطينية، لينهض كما يشير اسمه، بمهام ترميم ما خلفه الاحتلال، ورشحت أسماء عديدة لرئاسته من الاقتصاديين المهنيين، ولكن عرفات فاجأ الجميع وكان ما يزال يمكث في تونس، وعين نفسه رئيسا له.

وأثار تصرف عرفات الاستغراب خصوصا للذين يجهلون طريقة عمله من المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولكن ضغوطا من الدول المانحة، ومعظمها أوروبية، جعلت عرفات يتنازل جزئيا ويعين الدكتور اشتية مديرا لبكدار. وجاء اشتية لبكدار بخلفية مهنية أكاديمية ونشاط طلابي وسياسي في حركة فتح.

ولم يرتبط اشتية، المقرب من عرفات، بما أطلق عليه فريق الفساد، واستطاع قيادة بكدار بنجاح. واختاره أبو مازن ليكون أهم مستشارا له في حملته الانتخابية واحد اقرب الشخصيات إليه التي يطلب مشورتها. ويتوقع أن يواصل اشتية صعوده ويشغل منصبا وزاريا أو يبقى مديرا لبكدار ومقربا من ابي مازن.

وسيعتمد أبو مازن على آخرين يتشابهون مع اشتية في مهنيتهم مثل الدكتور حسن أبو لبدة الذي قاد الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء بكفاءة، وبقي متمسكا برئاسته رغم تعيينه أمينا لمجلس الوزراء. ورغم أن بعض الأوساط تحسب أبو لبدة على احمد قريع (أبو العلاء) رئيس الوزراء الحالي، إلا أن ذلك لن يمنع أن يكون ضمن فريق أبو مازن الذي سيقود المرحلة المقبلة.

وسيعتمد أبو مازن على وجوه جديدة من كوادر حركة فتح أبرزها محمد الحوراني النائب في المجلس التشريعي واحمد غنيم وجمال الشوبكي وزير الحكم المحلي الحالي وحاتم عبد القادر النائب عن محافظة القدس وغيرهم.

وسيحافظ أبو مازن على بعض الوجوه القديمة التي عملت مع عرفات وأبرزها الطيب عبد الرحيم الذي من المتوقع أن يشغل منصبا وزاريا هاما مثل وزارة الداخلية وربما يكون رئيسا للوزراء. وسيبقي على الدكتور سلام فياض وزيرا للمالية، والذي يلقى قبولا فلسطينيا وغربيا وإسرائيليا.

وسيلمع نجم نبيل عمرو، وزير الأعلام السابق، وسيكون احد ابرز فريق أبو مازن في المرحلة المقبلة، وسيعمل أبو مازن على الدفع به وبغيره إلى اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمر الحركة الذي سيعقد في آب (أغسطس) المقبل.

وتتكون اللجنة المركزية ألان مما يسمى الحرس القديم، الذين يضيق أبو مازن بكثير منهم، وتعودوا على العمل مع عرفات، الذي استطاع سلب مهامهم مقابل الامتيازات الممنوحة لهم. وحسب مراقبين فان مرحلة أبو مازن ستشهد صعود وهبوط أسماء كثيرة، وسيجد العشرات من الذين يحملون لقب مستشار من الرئيس الراحل، أن أبواب أبي مازن ليست سالكة أمامهم.