حيان نيوف من دمشق: يجري مساعد وزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج يوم غد محادثات مع القيادة السورية في أجواء تصعيدية باتجاه دمشق والتهديد بحلول عسكرية وإقتصادية " لردعها عن الاستمرار في سياستها المناهضة للولايات المتحدة في العراق ولبنان " كما قالت مصادر دبلوماسية أميركية لـ " ايلاف " اليوم.

وسيسعى أرميتاج حسب نفس المصادر إلى "محاولة إيجاد تفاهم حول المسائل العالقة بين سورية والولايات المتحدة فيما يخص العراق وقضايا الإرهاب ولبنان والقضية الفلسطينية ومفاوضات السلام مع إسرائيل".

ونقلت هذه المصادر عن أرميتاج قوله " إن على سورية إتخاذ مواقف وإجراءات ملموسة أكثر إيجابية بشأن منع تسلل مسلحين إلى العراق من أراضيها وإنهاء وجود قيادات عراقية تهدد امن النظام العراقي و القوات الأميركية".

وأوضحت المصادر أن المبعوث الأميركي "سيعتمد الصراحة مع دمشق بشأن ما هو معروف بالمسائل الملحة ، كما سيحمل معه مطالب محددة كحل لا رجوع عنه" ؛ وهذا ما يعني حسب قول المصادر الأميركية " إن سورية ستكون أمام خيارات صعبة قد تجعلها تبدي ليونة أكثر فيما يسمى بالمسألة العراقية " . لكن بالمقابل استبعدت هذه المصادر ان "يحصل أرميتاج على كل مطالبه" .

وكان مسؤول إعلامي سوري ، هو رئيس تحرير صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث الحاكم ، أعلن " ان موقف بلاده متفق مع ما هو معلن لدى الأميركيين حول وحدة العراق أرضًا وشعبًا " ، وتابع " لكننا نختلف مع الولايات المتحدة لجهة استمرار احتلال العراق ".

وأكد الياس مراد أن مواقف سورية " متباعدة مع أميركا بشأن مسألة الصراع العربي الإسرائيلي وموضوع السلام و طروحات العودة للمفاوضات " .

و من جهته، أعلن وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن "بلاده متمسكة بوديعة رابين التي تم التوصل لها في محادثات شيبردز تاون بالولايات المتحدة وان واشنطن لا يحق لها الانفراد أو حجب أو إلغاء هذه الوثيقة حول تعهد إسرائيلي مكتوب بالانسحاب من جميع أراضي الجولان السوري المحتل".

ويبقى الملف اللبناني عالقًا بين دمشق وواشنطن، التي يساندها حلفاء أوروبيون، بشأن انسحاب سوري كامل من لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 1559.

وفيما تطالب واشنطن وباريس بتنفيذ القرار فورًا تجري دمشق إعادة انتشار بطيئة تقول "إن هذا شأن لبنان أولاً وأخيراً ويتم بالاتفاق بين القيادتين السورية واللبنانية ".

وتوقع دبلوماسيون غربيون لـ " ايلاف " إن يكون أرميتاج قد حمل معه الى دمشق أوراقًا احتياطية تحمل إنذارات جدية لدمشق في أجواء تلوح بها واشنطن بحلول عسكرية مع سورية وإيران.

والسؤال المطروح الآن في الأوساط السياسية والصحافية الى أين سيصل أرميتاج وهل تذهب السياسة الأميركية الى تنفيذ تهديداتها العسكرية والاقتصادية في ظل عناد سوري أم ان سورية ستبدي روحًا جديدة من التعاون يثبت نجاح السياسة السورية وحنكتها التي اعتادت أن تواجه العاصفة دون أن تكسر غصنًا واحدًا.

وفي غضون ذلك كشفت مصادر دبلوماسية غربية لـ " إيلاف " أن زيارة أرميتاج " لا تخرج عن كونها في إطار جولته الشرق أوسطية " ، مشيرة إلى أن " زيارة أرميتاج عادية للإطلاع على جديد الموقف السوري قبل تقاعده المرتقب خلال الأيام القادمة ".

وأكدت المصادر الدبلوماسية أن الإدارة الأميركية " من عاداتها السياسية المعروفة أنها لا تعول كثيرًا على جولات دبلوماسييها وهم على أبواب التقاعد ". وتعتقد المصادر الغربية أن ريتشارد أرميتاج سيكون أخر دبلوماسي من أتباع " نهج كولن باول " المعتدل يزور سورية.

وكان كتاب وصحافيون يعبّرون عن وجهة نظر صقور، دعوا "المحافظين الجدد" أمثال كوندوليزا رايس الى تطهير وزارة الخارجية من "الدبلوماسيين المعتدلين خاصة في قسم الشرق الأوسط " ، وهذا ما عبّر عنه الكاتب والصحافي البارز لورنس كابلان في مجلة "ناشيونال ريفيو" المحافظة.

وفي هذا السياق ، نفت مصادر دبلوماسية أميركية علمها بأن يكون أرميتاج واحداً من هؤلاء الدبلوماسيين الذين سوف يخرجون من وزارة الخارجية في حال مجيئ رايس إليها ، نظرًا لأن " مواقفه كانت تتذبذب دائما بين الاعتدال والتشدد " وهذا ما طبع سيرة أرميتاج الدبلوماسية.

و تعتبر تصريحات ريتشارد أرميتاج في دمشق " غير مقبولة " في نظر صقور الإدارة وخاصة مستشارة الأمن القومي حالياً كوندوليزا رايس ، فقد أشار إلى أن سورية حققت "بعض التقدم الفعلي" لضمان الأمن على الحدود مع العراق إلا انه قال ان "عليها القيام بالمزيد لمنع تسلل مقاتلين أجانب الى العراق".و هذا التصريح هو نسخة منقحة عن تصريحات رئيسه في وزارة الخارجية " كولن باول " ، وهي تصريحات تصفها صحافة المحافظين بأنها " وديعة ومسالمة ولا تردع السوريين " . لذا ، من المحتمل جداً أن يكون اسم أرميتاج على قائمة المتقاعدين من الخارجية الأميركية التي قد تتحول في عهد كوندوليزا رايس إلى " وزارة دفاع ثانية ".

ورداً على سؤال " إيلاف " حول الأسباب التي تجعل زيارة ريتشارد أرميتاج إلى سورية "عادية " ، أجابت المصادر الدبلوماسية الغربية بأن عاملين يقفان وراء غياب أهمية أية زيارة دبلوماسية أميركية الآن إلى دمشق ، وهما : " العامل الأول أن مكتب نائب الرئيس ديك تشيني سوف يشرف مباشرة على تعيين دبلوماسيين جدد في وزارة الخارجية يتأقلمون مع نهج البيت الأبيض وصقور الإدارة كما أن رايس في حال قدومها للخارجية سوف تعمل على تثبيت هذه الخطوات ، والعامل الآخر أن إدارة بوش فيما يبدو أجلت النظر في الملف السوري إلى ما بعد الانتخابات العراقية ".

وقالت المصادر : " عندما يأتي دبلوماسي أميركي مباشرة من واشنطن إلى دمشق في زيارة عاجلة ويكون كولن باول يتابع التطورات من بلاده وليس في جنوب شرق آسيا سأقول لكم إن الزيارة في غاية الأهمية ".

وأبلغت المصادر " إيلاف " أن من بين أبرز الأسماء المرشحة لمناصب جديدة وهامة في الخارجية الأميركية ويحتفظون بمواقف متشددة تجاه سورية : السفير الأميركي في القاهرة ديفيد ولش مكان وليم بيرنز مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ، المحامية إليزابيث تشيني ابنة نائب الرئيس التي عملت في وزارة الخارجية نائباً لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ، و إليوت أبرامز مدير قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي