جون كيري ، الذي كان بالأمس القريب أحد أبرز مناصري قانون محاسبة سورية وسيادة لبنان ، زار دمشق اليوم وعبّر عن تفاؤله بتحسن العلاقات السورية – الأميركية في المستقبل القريب ، فلا الإعلام السوري ذكر اليوم وقوف كيري مع قانون محاسبة دمشق ولا جون كيري تذكّر دعوته الى ضرب سوريةا و إيران حفاظا على المصالح الإسرائيلية ، فبدا كيري اليوم بوجهين وهو يتحدث من العاصمة السورية.

وقبل وصول جون كيري ، عضو مجلس الشيوخ الأميركي و المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية السابقة ، إلى دمشق ، سارعت جهات إعلامية سورية إلى تسريب خبر زيارة يقوم بها السيناتور الديمقراطي لدمشق مع إشارة ضمنية إلى أن " الولايات المتحدة تريد الحوار مع دمشق ولا تستطيع إغضاب مصالحها في المنطقة لأنها كل فينة ترسل موفدين ، وبالأمس أرسلت الحمائمي ريتشارد أرميتاج واليوم ترسل جون كيري". ومعلوم أن كيري شارك في تبني مشروع قانون محاسبة سورية ، لا بل طالب بالمزيد من الضوابط على دمشق معتقدا أنه "على الولايات المتحدة أن تضمن بأن لا تمتلك سورية مزيدا من الأسلحة مما يفاقم التوترات في المنطقة ويثير تهديدات محتملة لإسرائيل ".

إلا أن كيري ، داعية ضرب سورية مباشرة من دون عقوبات ، ظهر بوجه ثان جديد في سورية عندما عبّر عن" قناعة بإمكانية تحسين العلاقات السورية الأميركية وخاصة ان الانتخابات ستعقد في العراق وفي الضفة الغربية لكن لدي تحفظات ريثما أتمكن من استكمال الجولة في المنطقة " – حسب تعبيره.

ولعلّ الخلاف اليتيم الذي كان قائما بين جورج بوش وجون كيري حيال سورية كان انتخابيا ، فبينما رأى بوش في العراق خطرا على المنطقة ما دعا إلى إسقاط نظامه البعثي ، آمن كيري – في إحدى المناظرات – بضرورة ضرب دول أخرى تهدد أمن إسرائيل مثل سورية وإيران والسودان . على الرغم من ذلك فاز جون كيري بالانتخابات الأميركية على صفحات الإعلام العربي الرسمي ورفض هذا الإعلام تغيير النتيجة حتى عندما أعلنها القضاء الأميركي.

وكان وصف السيناتور جون كيري مباحثاته يوم السبت مع الرئيس السوري بشار الأسد بأنها " كانت فرصة رائعة لتبادل وجهات النظر " ، قائلا لقد تناولنا مواضيع متشعبة ، وكل القضايا التي تهم المنطقة وتهم بلدينا ناقشنا موضوع العراق ، الأمن ، لبنان ، وأسلحة الدمار الشامل والحرب ضد الإرهاب وبحثنا ايضا عددا من القضايا التي تهم البلدين والإصلاح الاقتصادي ومستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية".

وجون كيري ، الذي كان قبل زيارة دمشق محافظا أكثر من المحافظين الجدد ، صار اليوم من دعاة تحسين العلاقات السورية – الأميركية . وريتشارد أرميتاج ، مساعد وزير الخارجية الأميركية ، تخلى عن " المحافظين الجديد واعتنق فكر كولن باول". وفي الحالتين ، جون كيري خسر الانتخابات أمام جورج بوش وذهب مع الريح ، وأما أرميتاج فينتظر ورقة إحالته إلى المعاش في الأيام المقبلة حيث تذهب مدرسة كولن باول في السياسة الخارجية وتحل مكانها مدرسة كونداليزا رايس.

لذا ، كلاهما لن ينفع سورية ، طالما انتقل الملف السوري من يد " الحمائم " إلى يد " الصقور " الذين أخذوا استراحة قصيرة وسلموا مفاتيح التصريحات ضد سورية وإيران لوزير الدفاع العراقي.