اوروبا ستضخ أكثر من ملياري يورو لكبح الآخرين
معركة اوربية اميركية في آسيا المنكوبة

علي اوحيدة من بروكسل: تخفي المنافسة المحتدمة حاليا بين عدد من الأطراف الدولية الرئيسية وفي مقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان لادارة تداعيات المد البحري في آسيا صراعاً ديبلوماسيا وجيواستراتيجيا معلنا ومعركة مصالح حيوية . وتتحرك الأطراف الأربعة التي لها مصالح كبيرة في المناطق المنكوبة تحت ستار الإغاثة الإنسانية وتستجيب بذلك إلى تعاطف فعلي أبداه الرأي العام في هذه الدول. ولكنها تسعى أيضا إلى تحقيق أهداف محددة على الصعيد الدبلوماسي والجيوسياسي والاقتصادي وحتى العسكري في عدد من الحالات.

ويمثل إعلان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا اجتماعا طارئا في بروكسل اول امس الجمعة انهم إضافة إلى رصد مليار ونصف مليار يورو من الهبات والمنح للدول المتضررة رصد مليار يورو كتسهيلات مالية هذه المرة في شكل قروض ميسرة لنفس الدول إرادة أوروبية في التمركز المستمر في جنوب آسيا وعدم ترك المجال لواشنطن وطوكيو وبكين في هذه المرحلة.

وستدار القروض الاوروبية عبر سلة تسهيلات من المصرف الأوروبي للاستثمار في لكسمبورغ وستعد آلية الارتباط الاقتصادي الأوروبي بالدول المتضررة وكل ما يحمله ذلك من تداعيات على إشعاع المؤسسات الاوروبية في مجمل دول جنوب آسيا.

وكانت المؤسسات الاوروبية العملاقة في قطاع الإنشاءات والنقل والصيدلة والمقاولات والطاقة ومنها مؤسسة سانوفي العملاقة لتصنيع الأدوية ومؤسسة زيماناس الألمانية وشركة اريكسون السويدية ونوكيا الفنلندية وشل البريطانية وتوتال الفرنسية سبقت كافة الأطراف الحكومية والشعبية في التحرك لإغاثة الدول الآسيوية.

وتخشى أوروبا حاليا من ان تمثل التعبئة الميدانية الفعلية للولايات المتحدة وبما فيها العسكرية والجهود غير المسبوقة التي تبذلها كل من الصين واليابان عائقا أمام محاولات كسب ثغرات من وراء التسونامي في آسيا.

وتمثل السوق الآسيوية مجالا واعدا للمؤسسات الاوروبية وترتبط أوروبا بهذه السوق عبر منتدى متميز ومنتظم يسمى بمنتدى (الاتحاد الأوروبي وآسيان) ويجتمع من خلال قمة دورية مرة مل عام.

ويقول المسؤولون الاوروبيون ان "الدبلوماسية الإنسانية"التي تتحرك عبرها المؤسسات الاتحادية في بروكسل قد تثمر نتائج سياسية واقتصادية رئيسية بالنسبة للمصالح الاوروبية في المستقبل.

و أعلن الاوروبيون رسميا انهم رصدوا مبلغ مليار ونصف مليار للمعونة آسيا فان مساهمة اليابان تقدر بنصف مليار دولار واستراليا بسبع مائة وستين مليون دولار والولايات المتحدة بثلاث مائة وخمسين مليون دولار.

وأمام الأبعاد الاقتصادية والإستراتيجية الهامة لتطورات الموقف في جنوب آسيا فانه سيكون من الصعب تجنب مواجهة ديبلوماسية بين القوة الفاعلة الرئيسية .

ورغم الجبهة الموحدة التي توحي بها بروكسل وواشنطن بها حاليا فان الخلافات الاوروبية الأمريكية تبدو واضحة للعيان وعادت للظهور على السطح بعد ان رفض الاتحاد الأوروبي رسميا الفكرة الأمريكية بإنشاء تحالف دولي لتنسيق توزيع المساعدات تحت غطاء أمريكي. وأعلنت أوروبا مجددا تمسكها بتمكين الأمم المتحدة من الدور الرئيسي في تنسيق عمليات الإغاثة أي الحرص على عدم تهميش دورها كمانح أول .

وتركز الدبلوماسية الاوروبية التي تخشى أيضا من التغلغل الصيني المعلن في المنطقة منذ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية وفتح أسواقها على منتجات الدول الواقعة في جنوب آسيا بأدوات تحرك أخرى ومنها وضع ما يعرف باستراتيجية إعادة تأهيل المناطق المنكوبة وهي فكرة تبنتها ألمانيا كما لوحت المفوضية الاوروبية بإرساء نظام للإنذار المبكر من المورد الطبيعية في آسيا لربطها باليات مراقبة مشتركة مع أوروبا إلى جانب إرساء فرقة للتدخل الإنساني على صعيد القارة الاوروبية يعطي وجها عمليا للإغاثة الاوروبية في المستقبل.

وحرص الاوروبيون في الاجتماع الذي انعقد في بروكسل وضم خمس وسبعين وزيرا أوروبيا دفعة واحدة على إشراك المنظمات والهيئات الدولية في لقائهم والتركيز على دور الأمم المتحدة وعدم ترك المجال للجهات المقبلة أي الولايا المتحدة والصين واليابان.