حيان نيوف من دمشق : يترقب اللاجئون الفلسطينيون في سوريا سير الانتخابات في وطنهم الأم ، فيما تسمّرت عائلات المخيمات أمام القنوات الفضائية تتابع تصريحات المرشحين الفلسطينيين ووعودهم . عبارة واحدة ، تسمع في جميع المخيمات الفلسطينية في سوريا ، وهي عبارة " حق العودة ". يبلغ عدد فلسطينيي سوريا أكثر من 450 ألف فلسطيني معظمهم من فلسطينيي الثمانية والأربعين ويتوزعون على عشرة مخيمات اغلبها في دمشق وأكبرها مخيم اليرموك الذي يضم نصف الفلسطينيين. كيف ينظر هؤلاء إلى برامج المرشحين للانتخابات الفلسطينية وماذا يأملون منهم أن يحققوا في وقت تزداد فيه ضغوط حكومة آرييل شارون وهل يمكن أن تتدهور الأوضاع بنظر هؤلاء بعض الانتخابات الفلسطينية أم تستقر وتتجه نحو السلام – هذه التساؤلات تجيب عليها شخصيات فلسطينية في سوريا التقتها " إيلاف " في المخيمات الفلسطينية.

وضع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا
داية ، يتحدث الباحث الفلسطيني علي بدوان لـ " إيلاف " عن لاجئي ال 48 في سوريا ، قائلا :" قضية اللاجئين قضية جوهرية وتمثل لبّ قضية الصراع في الشرق الأوسط ولبّ القضية الفلسطينية لان أكثر من 65% من الشعب الفلسطيني هم لاجئون ان كانوا في الدول المحيطة بفلسطين أو حتى داخل الضفة الغربية وقطاع غزة لان أغلبية سكان قطاع غزة هم لاجئون وأكثر من 35% هم من سكان الضفة الغربية ايضا هم لاجئون. لذلك هذه القضية تمس الصميم بحق اللاجئين وتثير المخاوف والقلق الكبير عند قطاعات واسعة منهم في سوريا ولبنان لان قضيتهم تتعرض كل يوم الى مزيد من الانتهاك ومزيد من التفتيت والشرذمة على يد حكومة شارون وعلى يد المشاريع القادمة إلينا من قبل الراعي الأمريكي غير النزيه. من هنا أستطيع ان أقول ان قلق كبير يخيم على أجواء تجمعات الفلسطينيين في الشتات مع ان الفلسطينيين هم أكثر شعوب العرب توقا لممارسة الديموقراطية والانتخابات والتوجه لصناديق الاقتراع".

نريد قيادة لا تبصم على إملاءات شارون
الدكتورة إيمان عبد الرحيم ، فلسطينية خبيرة في منظمة الاسكوا ( اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا) وعضو فريق منظمة التجارة العالمية ، قالت ل " إيلاف " :" نحن كفلسطينيين خارج فلسطين نتمنى كل خير يقدم للشعب في الداخل وكل ما يخفف معاناته، و بالطبع نتمنى ان تجري الأمور بنزاهة من اجل انتخاب قيادة فلسطينية جديدة تعبر فعلا عن آرائه وطموحاته ولا تكون قيادة خاضعة للشروط الإسرائيلية المتطرفة جدا في عهد شارون،و لا نريد ان تأتي قيادة فلسطينية فقط تبصم على إملاءات قيادة متطرفة إسرائيلية ونتوقع نحن فلسطينيي سوريا ان يشارك الفلسطينيون في الأرض المحتلة بشكل فعال في انتخابات نزيهة ويوصلون للبلاد سلطة قوية تعبر عن رأي الشارع الفلسطيني وتعبر عن طموحاته والاهم ان لا تتخلى القيادة عن الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني ونؤكد على حق العودة وهو حق مهم جدا للفلسطينيين في الخارج وفي سوريا ".


مروان البرغوثي كان سيمثل جيل الشباب
وعن رأيها بالمرشحين للانتخابات ، تجيب عبد الرحيم " بشكل عام اعتقد ان الفلسطينيين في سوريا مع أي شخص يوافق عليه فلسطينيو الداخل " ، وتتابع " لاشك ان فتح لها قوتها و قيمتها ولها شعبيتها لدى الفلسطينيين وأنا شخصيا لو أتيحت لي فرصة المشاركة بالانتخابات كنت سأنتخب شخصا مثل مصطفى البرغوثي واعتبره الحل المقبول في ضوء عدم ترشح شخص مثل مروان البرغوثي كنت فعلا أتأمل حتى آخر لحظة ان يكون البرغوثي مرشح للنهاية لأنه يعبر عن رأي الشباب الحقيقي المناضل البعيد عن الفساد و البعيد عن الرغبة بالسلطة والذي بمثل صوت الشعب فعلا . أريد من يحقق طموحاتي أنا لا أحب كثيرا ابو مازن لأني اعتبره انه استمرارية لنهج عرفات الذي لم أكن راضية عنه ".
القيادة المنتخبة لا تمثّل الشتات !

وتنتقد الدكتور عبد الرحيم تغييب صوت فلسطينيي الشتات عن المشاركة في الانتخابات ، وتعبّر عن حزنها لأنه لم يؤخذ برأي الفلسطيني بالخارج ، وتقول "القيادة الفلسطينية المنتخبة ستتخذ قرارات نيابة عن الفلسطينيين اجمع في الداخل والخارج وبالتالي هي قيادة غير منتخبة من قبل جميع الفلسطينيين ومع ذلك ستتكلم باسمنا وهنالك معاناة ولاشك أن الفلسطينيين خارج فلسطين وفي المخيمات المحرومين من حقوقهم من الوطن الذي يكونون فخورون بحمل اسمه وجواز سفره وهويته وبالمقابل حاليا يتحدث باسمهم أشخاص ليس لهم أي دور بانتخابهم".

وردا على سؤال حول ما إذا كانت مقاطعة حماس والجهاد الإسلامي للانتخابات ستؤثر على نتائج الانتخابات ، تجيب عبد الرحيم : " بالتأكيد ستؤثر لأنها فصائل قوية ولها دورها في القرار الفلسطيني ولها زخمها من ناحية الجماهير وبالتالي ستحرم القيادة الفلسطينية من انها فعلا تمثل كافة الفصائل الفلسطينية وكافة شرائح الشعب الفلسطيني ، وحماس لم تشارك سابقا في انتخابات واعتقد ان ذلك لم يكن بالقرار السليم أكيد لهم مبرراتهم ولكن كان يهمنا ان تشارك كل القوى الفلسطينية حتى تكون القيادة منتخبة وتمثل كافة الشعب الفلسطيني".

وحول رؤيتها للمستقبل الفلسطيني ما بعد الانتخابات وفيما إذا كانت نتائج الانتخابات ستكون انعكاسا على الوضع الفلسطيني وستساهم في تحقيق عملية السلام ، تقول عبد الرحيم :" اعتقد انها ستضع حدا لادعاءات شارون وقيادة الإدارة الأمريكية أن عرفات كان عقبة في وجه عملية السلام فيبدوا لي انهم متحمسين للقيادة بعد عرفات ولو أني لا أتأمل خيرا من مواقف قيادات متطرفة مثل شارون ومثل الإدارة الأمريكية الحالية واعتقد انه سيكون هناك إملاءات وستكون هناك قيادة تعمل بالاملاءات أكثر منها قيادة يكون لها رأي مسموع" .

وحول احتمال تدهور الأوضاع بعد الانتخابات، قالت : آمل لا لان الشعب الفلسطيني عانى ما يكفي أكثر مما يجب وأتمنى ان نكون ابعد ما نكون عن حرب أهلية وأي نوع من الاضطرابات أو النزاعات وأتمنى مهما كانت نتائج الانتخابات ان تتوحد كل الفصائل وان لا يكون هناك أي قرار يزعزع وحدة الشعب الفلسطيني هذا هو الأهم وان الانتخابات إذا ما أوصلت قيادة لا تعبر عن رأي الفلسطينيين سيكون لها انعكاسات سلبية في الشارع الفلسطيني ".

الانتخابات الرئاسية خطوة منقوصة
من ناحيته ، رأى الكاتب السياسي الفلسطيني علي بدوان في حديثه ل " إيلاف " إن " الانتخابات التي ستجري لاختيار رئيس السلطة الفلسطينية خطوة بالاتجاه الصحيح مع انها خطوة مازالت منقوصة تستوجب بالضرورة استكمالها بانتخابات عامة للمجلس التشريعي الفلسطيني المقررة بعد اشهر قليلة إضافة الى ضرورة الوصول الى انتخابات شاملة لكل أبناء الشعب الفلسطيني من اجل تحديد مجلس وطني فلسطيني عبر صندوق الاقتراع يمثل كل الفلسطينيين في الداخل والشتات هذا المجلس الوطني هو المرجعية العليا للشعب الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ".

عملية السلام لا علاقة لها بالانتخابات
وعن انعكاسات الانتخابات على الوضع الفلسطيني وهل ستساهم في تنشيط عملية السلام مع إسرائيل ، يقول بدوان : " اعتقد ان عملية التسوية الجارية مع الدولة الإسرائيلية ليس لها علاقة مباشرة بالانتخابات مع ان سلطات الاحتلال وحكومة شارون دأبت على القول بان العقبة التي كانت تعترض مسيرة السلام هي الرئيس الراحل ياسر عرفات لكن في حقيقة الأمر العقبة الكبرى هي الاحتلال ذاته وسلوك حكومة شارون ومن هنا أقول بأنه يجب علينا ان لا نعول كثيرا على إمكانية فتح عملية التسوية من جديد باتجاه العودة الى طاولة المفاوضات كما يقول البعض وباتجاه الوصول الى حلول كما يبشر ايضا البعض بان هناك حلول آتية في الأفق القريب".

التيار الإسلامي لا يراهن فقط على الحل العسكري
وسألت " إيلاف " الباحث الفلسطيني علي بدوان حول انسحاب حماس والجهاد الإسلامي من الانتخابات معناه أنهما تصران على الحل العسكري في إشارة الى إمكانية تدهور الأوضاع بعد الانتخابات ، فأجاب بدوان قائلا : لا أعتقد ان أحدا في الساحة الفلسطينية حتى إخواننا في التيار الإسلامي يراهنون فقط على حل عسكري دون اللجوء الى كل وسائل المقاومة المشروعة بما في ذلك العمل الجماهيري العمل الانتفاضي العمل المقاوم بأشكاله غير العسكرية فالعمل العسكري هو شكل فقط من أشكال المقاومة وليس كل إشكال المقاومة" . وتابع " و إضافة لذلك فالأخوة في التيار الإسلامي لهم رأي وقد نضجت لديهم عدة أفكار تتمثل في إمكانية قبولهم بحل يقوم على إقرار دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وحل عادل لقضية اللاجئين وفق قرار الأمم المتحدة 194 هذا الحل الذي نضج عند الإخوان في التيار الإسلامي عبر عنه الشيخ احمد ياسين قبل استشهاده من هنا يمكن ان نفسر حملة الاغتيالات الكبيرة التي شنتها حكومة شارون لقتل أي اعتدال في صفوف الحركة الإسلامية ومهاجمة أي رموز في الحركة كانت تدعو وتتلمس طريق حل وسط على أساس دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة على طريق إنجاز حل تاريخي على ارض فلسطين".
وفيما إذا كان يعتقد في صورة الغياب الكبير لهذه الشخصيات ان تكون الانتخابات باطلة ، يقول بدوان إن " القول بان هذه الانتخابات غير شرعية وباطلة قول مجاف للحق و الواقع على الأرض لان هناك واقع تشكل منذ سنوات علينا ان نعترف به ونقر بهذا الواقع لا ان نشكك بكل إفرازاته أو ان نرفضها بالكامل هناك وضع قائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهناك اعتراف دولي بسلطة فلسطينية تشكلت فوق مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية علينا ان نتعاطى مع هذا الأمر وان نسير باتجاه تطوير الوضع الفلسطيني من داخله وتطوير حالتنا الفلسطينية باتجاه إعادة تجميع قوانا في إطار أوسع هو منظمة التحرير الفلسطينية ومن هذا المنطلق فان الإخوة في التيار الإسلامي مدعوون للمشاركة في إطار منظمة التحرير حتى يكون هناك الإطار الجامع والحاضنة الكبرى التي توحد الفلسطينيين في الداخل والشتات".