أمير قطر يتقبل التهاني بمناسبة زواج ولي العهد
نصر المجالي من لندن: احتفالات دولة قطر الراهنة بزفاف ولي العهد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني رافقتها متابعات مراقبين من الداخل القطري والخارجحجم المشاركةلحدث لن يمر على تلك الدولة الخليجية الغنية بالغاز من بعده لعقود تأتي، وكانت القيادة القطرية راغبة فيأن تكون مناسبة ذات أهداف اكبر من حالها الاجتماعي الأسري الذي يختص عائلة آل ثاني الحاكمة أولا، ومن ثم ترتيب علاقاتها بدول الجوار والأشقاء من العرب المجاورين والبعيدين حدودًا أيضًا، ولعل أهم ملاحظة هو غياب الشقيق الكبير، المملكة العربية السعودية، عن الحفل الذي ضم مدعوين كبار من دول الجوار وكذلك غياب مصر.

وكان السؤال يطرح نفسه، هل وجهت الدعوة لهذين الشقيقين لحضور هذه المناسبة المهمة التي تختص الشقيق القطري أم أن الدعوة لم توجه في الأساس لأسباب معروفة؟، وإذا كانت دعوة وجهت فلماذا لم يشارك الشقيقان الكبيران إذن؟.

وفي زفة آل ثاني لولي العهد الشاب، تميم، على ابنة عمه الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني، حيث الجد الراحل أول وزير خارجية لدولة قطر المستقلة حديثا العام 1970 ومات في الثمانينات منفيا في دمشق، كان هنالك حضور ملحوظ لأشقاء في الجوار وغياب ملحوظ لآخرين من أكبر الأشقاء، وهما المملكة العربية السعودية ومصر، على الرغم من توافد مدعوين آخرين كالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ومولاي الأمير رشيد شقيق العاهل المغربي الملك محمد السادس وصنوه، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد وعضوا المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم الفجيرة، والشيخ حميد بن راشد النعيمي حاكم إمارة عجمان، ونجل الرئيس اليمني العقيد أحمد بن علي عبد الله صالح وابن حاكم ليبيا المهندس سيف الإسلام القذافي ونائب رئيس الوزراء العماني السيد فهد بن محمود آل سعيد وولي عهد مملكة البحرين الفريق الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة القائد العام لقوة الدفاع، ونائب حاكم دبي وزير المال الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.

أمير قطر يحضر عقد قران الشيخ تميم على الشيخة جواهر
وإذ احتفلت قطر بمناسبة هي الأولى من نوعها اجتماعيا بزفاف ولي العهد الذي اختير من بين أخوين يكبرانه سنا لولاية العهد قبل ثلاثة أعوام، فإنها أيضا كانت مناسبة لظهور علني لمرة ثانية للأمير الأب (الشيخ العود ) خليفة بن حمد آل ثاني الذي كان نجله الحاكم الحالي أقصاه عن الحكم في العام 1995 ، وعاش في المنفى الأوروبي لسنوات طوال، عاد بعدها مضطرا للمشاركة في تشييع جنازة آخر زوجاته.

ولوحظ أن الأمير الأب الشيخ خليفة الذي حكم قطر بعد انقلاب على حكم ابن عمه الشيخ أحمد بن علي آل ثاني العام 1971 ، شارك في جانب من حفل الاستقبال الذي أقيم للبعثات الدبلوماسية وشيوخ القبائل القطرية في قصر الوجبة أمس، حيث إن أمير قطر الابن وولي عهده استقبلا الأمير الأب عند صالة الاستقبال وانحنيا له وقبلا يديه، وكذلك فعل أركان الحكم القطري ، ثم اتخذ الأمير السابق موقعه إلى اليمين من ابنه الحاكم متقبلا التهاني بزفاف حفيده.

ولكن في حفلات الاستقبال الأخرى ، لا في السرادقات التي نصبت لاستقبال الزعماء والقادة ووفود الدول الشقيقة وحتى مأدبة العشاء التي أقامها الأمير حمد بن خليفة لم يلاحظ أي وجود للأمير الأب الذي عاد قبل أشهر ويعيش حالا أشبه بالإقامة الجبرية مع بعض التدابير التي تقر باحترام له كأحد كبار الأسرة ، لكن لا دور له في مجلس العائلة أو قراراته، على الرغم من أنه أكبر الأعضاء سنا وقدرا.

وكان ملحوظا، غياب بعض دول الجوار الخليجي وخصوصا المملكة العربية السعودية، التي يعتقد أنه "لو وجهت إليها الدعوة فستنفذها على الفور ولو على أي مستوى كان، للمشاركة مع شقيق بأفراحه، وهذا الحال نفسه حدث مع مصر أيضًا". ولكن كما قال بعض المراقبين، فإن ما عاناه البلدان العربيان السعودية ومصر من حملات إعلامية تشنها الفضائية الممولة من قطر وبالتحديد من وزير خارجيتها حمد بن جاسم، كان له أحد أهم الأسباب، إما في عدم توجيه الدعوة للشقيقين أو أنهما رفضتاها "حيث هما لا تؤمنان بسياسة تقبيل اللحى".

الاحتفالات الشعبية التي اقيمت في قصر الوجبة
يلاحظ، أيضًا انه في جميع الاحتفالات التي نفذتها القبائل القطرية عبر سياسة مدروسة ومخططة سلفا، من خلال سرادقات أقيمت على طول الشوارع الرئيسة في العاصمة القطرية، وبثت فضائية الجزيرة والقطرية الرسمية لقطات مطولة لها، كانت تشير إلى الإرث التاريخي لعائلة آل ثاني ، حيث هي متحدرة من بني تميم.

وبالفعل فإن أسرة آل ثاني هاجرت قبل قرنين من الزمن من شرق نجد في الجزيرة العربية الى تلك المناطق التي يطلق عليها اسم دولة قطر حاليًّا، وأقامت عليها حكمها المستمر إلى الآن كدولة مستقلة لها تحالفاتها وطموحاتها من خلال الثروات التي وهبت إليها وهي النفط والغاز بالدرجة الأولى حيث قطر هي ثاني أهم مصدر للغاز في العام حاليًّا.

ولا يشكل القطريون من نسبة الكثافة السكانية في بلادهم وهي حوالي ثلاثة أرباع المليون الا ثلاثة أرباع من السكان، ومعظمهم من البدو العرب الذين هاجر أجدادهم من داخل شبه الجزيرة العربية في القرن السابع عشر، أما الباقي، أي 80 في المئة، فهم عمال مهاجرون أتوا من البلدان العربية الأخرى و من حدود الشرق الأوسط (من إيران وباكستان) ولا تتجاوز إقامتهم في قطر بضع سنوات حتى يعودوا إلى بلدهم الأم.

وتتركز الكثافة السكانية القطرية في العاصمة، الدوحة، التي كان يسكنها عام ،1993 حوالي 340 ألف شخص، بينما الريان، وهي المدينة الثانية من حيث الأهمية، كان يسكنها 100000 شخص. ويعيش اقل من 10 في المئة من السكان خارج المدن، معظمهم من الرحل.

وتساهم تجارة الهيدروكاربورات بحوالي 90% من اجمالي الناتج القومي. ولم تعوض زيادة الكميات المنتجة انخفاض سعر النفط، ما يفسر انخفاض اجمالي الناتج القومي بشكل مستمر في العقد الاخير. ولا تزال قطر تعتبر دولة غنية. ففي عام 1994 سجل اجمالي الناتج القومي 8 مليارات دولار. ويبلغ مدخول الفرد الواحد 15000 دولار، وفي اوائل التسعينات، بلغت الموازنة السنوية 3 مليارات دولار خصص ربعها للنفقات العسكرية.

ولا تحقق الزراعة التي يعمل فيها 3 % فقط من السكان الا واحدا% من اجمالي الناتج القومي. وعلى الرغم من الاستثمارات المهمة، لاسيما في نظام الري، لا تزال البلاد غير مكتفية ذاتيا. وتحتل تربية الماشية اهمية متدنية بفضل البدو الرحل. كما يشكل الصيد موردًا محليًّا مهمًّا لأنه تقليد يعود الى مئات السنين.

ويعتبر النفط المورد الأساس في قطر حيث تم اكتشافه عام 1939 وبدأ استخراجه بعد عشر سنوات. وغداة الاستقلال، سيطرت الحكومة القطرية على الموارد النفطية التي كانت تستغلها الشركات الغربية. قطر هي عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك). وفي عام 1993 بلغ انتاج النفط السنوي 20 مليون طن تقريبا، اما انتاج الغاز الطبيعي فسجل 8 مليارات م.3 وقد استثمر قسم كبير من عائدات النفط في مشروع ضخم للشركات الكبرى والتحويل (صناعة الحديد، والبتروكيمياء، وصناعة الاسمنت والاسمدة).

وإليه، لم تدخل شبه الجزيرة القطرية التاريخ المعاصر الا في منتصف القرن التاسع عشر عندما اصبحت دولة ذات سيادة. فقد كانت موضع خلاف بين البحرين وابو ظبي. ومنذ نهاية القرن الثامن عشر، حكمها، بعد البحرين، آل خليفة. ثم انتقل الحكم الى عائلة ثاني المتأثرة تأثيرًا كبيرًا بالإصلاح الوهابي. فأسس محمد آل ثاني عام 1868 سلالة اعترف بها البريطانيون. ولكن شبه الجزيرة خضعت لحكم الإمبراطورية العثمانية عام .1872 وعام ،1913 ابرم البريطانيون والعثمانيون اتفاقًا واعادوا تحديد مناطق النفوذ في المنطقة.

وتم تثبيت السيطرة البريطانية على قطر عام 1916 عبر اتفاق وصاية كان بموجبه الامير يمنح بريطانيا العظمى حصرية رخص التنقيب عن النفط مقابل حماية بريطانية من تهديد سلطة ابن سعود في نجد الجارة، فأسفرت أولى اكتشافات حقول النفط في المنطقة عن تساؤلات حول وضع الحدود، اي تحديد اراضي التنقيب والاستثمار التي ستعمل عليها الشركات النفطية. فحصلت الشركة الاميركية "سوكال" Standard Oil Company of California على رخصة حازا في الاراضي السعودية من ابن سعود، بينما كانت الرخصة القطرية حصة الشركة البريطانية "ابوك" Anglo - Persian Oil Company. وكان يقضي رسم الحدود بفصل الرخصتين. فكانت مشكلة النفاذ الى البحر لأن كلاً من المملكة العربية السعودية وقطر وابو ظبي كانت تطالب بمرفأ العديد. فلم يبرم الاتفاق حول الحدود الا عام .1965

يشار في الأخير، الى أن قطر أعلنت استقلالها عندما خرج البريطانيون من منطقة الخليج العربي عام .1971 فأصبحت عضوًا في منظمة الامم المتحدة. وفي حين كانت تفكر بادئ الامربالانضمام الى فيدرالية الامارات العربية المتحدة، قررت ان يكون استقلالها منفصلا. وفي عام 1972 خلع الامير احمد بن علي آل ثاني الذي كان يحكم البلاد، بانقلاب قام به ابن عمه خليفة بن حمد وأدخلت صناعات جديدة مثل الفولاذ والاسمدة. وفي حزيران 1995 استلم الحكم ابنه البكر حمد بن خليفة، وزير الدفاع وولي العهد، وحصل الامير على دعم العائلة الملكية ثم اعترفت به الأسرة الدولية حاكمًا شرعيًّا منذ ذلك الحين.