نصر المجالي من لندن: أيام معدودات لا تتجاوز الأسبوع الواحد، تفصل ما بين استقالة وزير الإعلام محمد أبو الحسن الاضطرارية تحت "مطرقة استجوابات الإسلاميين في البرلمان والاستجواب البرلماني الجديد الموجه للرجل المكلف بحقيبة العدل، وهو الوزير أحمد باقر، حيث قدم النائب جمال العمر لائحة استجواب بحق الوزير قال إنه "ليس القصد منه النيل من أحد أو القدح في حق أحد وانه لا يحمل ضغينة أو خلافا أو تصفية حسابات من ورائه". واستجواب وزير العدل حيث قدمه النائب العمر اليوم لمجلس الأمة يأتي في إطار مسلسل الاستجوابات التي تكررت تحت قبة البرلمان، وهو أمر صار يثير "غضب وململة الشارع الكويتي حول أداء مؤسسته التشريعية، التي لا هم لها إلا استنفار جهدها لمساءلة الوزراء بمناسبة أو من دونها".

وكانت مسالة الاستجوابات التي صارت تشكل عبئا ثقيلا للحكومة أطاحت من ذي قبل بوزراء من ذوي الكفاءة كان أولهم وزير المال والتخطيط الأكاديمي والمدرس الجامعي يوسف الابراهيم، ومن ثم وزير الإعلام محمد أبو الحسن وهو دبلوماسي عريق، خدم بلاده في الأمم المتحدة والمنابر الدولية لأكثر من ثلاثين عاما، وتكريما له عينه رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد مستشارا دبلوماسيا له.

وإليه، قال النائب جمال العمر في تقديمه لاستجوابه أمام جلسة مجلس الأمة اليوم انه قصد من هذا الاستجواب "درء الأخطار التي تحيط بأموال اليتامى ومنع التمادي في الإضرار بها والحيلولة دون الإصرار على ذلك والمبادرة بتعديل المسار على يد من كل له علاقة أو صلة بهذا الأمر بحكم وظيفته".

وأوضح البرلماني أن محاور استجوابه لوزير العدل "لا تستند إلى مجرد أقاويل أو على اختلاف في الآراء أو وجهات النظر في مسألة أو مسائل تقديرية بل إن لديه وقائع مادية موثقة على نحو لا يمكن لأحد التنكر لها أو التنصل منها".

وحسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا)، فإن النائب العمر أكد أن لديه كما هائلا من الأدلة والمستندات والبراهين التي تقطع في حدوث تلاعب وتجاوزات خطيرة وبعضها يقع تحت طائلة حماية الأموال العامة بل وقانون الجزاء وقانون محاكمة الوزراء والقانون المدني وقانون إنشاء الهيئة العامة لشؤون القصر وقانون التوثيق وغيرها من القوانين. وقال أن " الوزير المستجوب اصبح مسؤولا عن وزارة العدل منذ مدة طويلة ويفترض انه اصبح ملما بكل صغيرة وكبيرة في هذه الوزارة وفي الهيئة العامة لشؤون القصر التي يشرف عليها ويرأس مجلس إدارتها".

وأضاف "طالما أن الوزير لم يقو على تغيير اتجاه العمل في هذه الهيئة وعجز عن تصحيح المسار فيها بما يكفل حفظ وصيانة أموال اليتامى واستثمار هذه الأموال استثمارا شرعيا بعيدا عن المحرمات فانه يصبح مسؤولا عن النتائج المترتبة على ذلك". وقال النائب العمر انه " مادامت هذه مسؤوليات وصلاحيات الوزير المستجوب فان أي خروج منه أو تجاوز أو انحراف عن هذه الحدود يستجوب حتما مساءلته".

وأوضح أن المحور الأول من استجوابه الذي حمل عنوان "انتهاك أحكام الدستور" ينقسم إلى عدة قضايا أولها مخالفة المادة الثانية من الدستور ويندرج تحتها موضوع استخدام أموال اليتامى في الاتجار بما وصفه في "المحرمات ولحوم الخنازير" وحبس أموال الزكاة وتراكمها والمضاربة بأموال الزكاة المستقطعة من أموال اليتامى واستخدام هذه الأموال في الصرف منها على البدلات والمخصصات والمكافآت.

واضاف انه يندرج تحت هذا المحور ايضا تعامل هيئة شؤون القصر بالفوائد الربوية واختلاط الفوائد باموال اليتامى وغيرهم من المشمولين برعاية الهيئة واستخدام هذه الاموال في امتلاك اسهم في شركة الصالحية العقارية التي قال انها " تساهم فى انشطة محرمة شرعا".

وذكر النائب العمر فى استعراضه للمحور الاول من استجوابه ان الهيئة تساهم بحصة كبيرة فى رأس مال الشركة الوطنية العقارية تمكنها من سلطة القرار وهذه الشركة تساهم بدورها فى رأس مال شركة المخازن العمومية وتمتلك فيها عددا كبيرا من اسهمها تجعلها قادرة على ادارة دفة العمل فيها.

واضاف قائلا "فى شهر يونيو من عام 2004 انتقل مأمور التنفيذ التابع لادارة التنفيذ بوزارة العدل الى مقر شركة المخازن العمومية وطالبها بان تدفع مبلغا لصالح احدى الشركات ولما لم تدفع الشركة هذا المبلغ قام المأمور بتوقيع الحجز التحفظي على الموجودات المنقولة المملوكة للشركة ووجد من بينها عدد 50 كرتونة لحم خنزير كانت معدة للتسليم للجهة المستفيدة".

وقدم النائب العمر فى استجوابه مجموعة من الفواتير التى قال انها تظهر ان شركة المخازن العمومية تقوم باستيراد وبيع وتوريد ماوصفه .. " بالمحرمات ولحوم الخنزير داخل البلاد ".

ومن جهتها، قالت صحيفة (الوطن) التي يرئس تحريها محمد عبد القادر الجاسم في تقرير لها اليوم إنه "من الناحيتين الفنية والسياسية أنهت كل الأطراف استعداداتها وترتيباتها للنقاش حيث أكمل وزير العدل احمد باقر جهوزيته ورتب أوراقه وردوده على صحيفة الاستجواب بعد أن طمأن مجلس الوزراء وأقنع الوزراء بردوده وتلقى الدعم الكامل من الحكومة، فيما استعد النائب جمال العمر أيضا للنقاش وأجرى بروفتين لكيفية تصديه وتفنيده للمحاور واحدة ظهر أمس والثانية مساء، كما جهزت كل الكتل متحدثيها الداعمين للنائب أو للوزير ورتبت أدوارها خلال جلسة النقاش".

وتابعت "لكن الإجراءات الاستثنائية التي يقوم بها مجلس الأمة والتي تسبق نقاش أي استجواب بتجهيز مقاعد إضافية بقاعة المجلس للوكلاء والإداريين التابعين للوزارة ولضيوف النواب لم تجر هذه المرة حيث لم تتلق أمانة المجلس حتى نهاية دوام يوم أمس أي إشارة بمناقشة الاستجواب اليوم، غير أن مثل هذه الاستعدادات يمكن التغلب عليها صباح اليوم إذا كانت هناك نية جادة للنقاش اليوم أو أن يؤجل النقاش حتى غد الثلاثاء كما تتوقع أمانة المجلس".

وكان وزير العدل احمد باقر قد عرض على مجلس الوزراء أمس ردوده على الاستجواب مدعمة بالبيانات والأرقام والحقائق حيث اتضح تطابق ما ذكره مع قانون إنشاء هيئة القصر والقرارات واللوائح المتعلقة بتوثيق عقود زواج البدون.

ونقلت مصادر حكومية عن جلسة مجلس الوزراء أن رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد امتدح وزير العدل احمد باقر وأشاد بأدائه كما أثنى على الردود والإيضاحات التي قدمها أمام مجلس الوزراء، وخاطب الشيخ صباح ، وزير العدل بقوله "كلنا معك فتوكل على الله ونحن واثقون من قدرتك على إيضاح الحقائق، كما أن زملاءك الوزراء جميعهم معك ويساندونك لتتخطى المناقشة وتبين أدوار الأجهزة التابعة لوزارتك بكل اقتدار».

ومن جهته، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلسي الوزراء والأمة محمد ضيف الله شرار أن المجلس أكد قناعته واطمئنانه للردود المنطقية التي ساقها وزير العدل لتوضيح وتفنيد محاور الاستجواب، وقال "وإذ يؤكد مجلس الوزراء بأن الاستجواب حق كفله الدستور لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة وانطلاقا من قناعته بموقف وزير العدل احمد باقر فيما تضمنته صحيفة الاستجواب، فانه يـؤكد حرص مجلس الوزراء على مؤازرة وزير العدل ومساندته لمواصلة جهوده المخلصة في عمله الوزاري، ومؤكدا كذلك على ثقة مجلس الوزراء به وتقديره لإنجازاته الملموسة لخدمة الوطن والمواطنين متمنيا له دوام التوفيق".

وقالت المصادر ، على صعيد متصل، إن الوزير باقر حصل أمس على فتوى من هيئة الفتوى والتشريع تعزز موقفه بشأن بعض ما ورد في المحاور وصحيفة الاستجواب خاصة بالنسبة للقضايا الشرعية. وقد انتهت الهيئة العامة لشؤون القصر من إعداد مذكرة تتضمن وصفا رقميا لأدائها وما حققته من إنجازات وما تقدمه من رعاية للمشمولين برعايتها إلى جانب تنمية عوائد القصر والاستثمارات التي دخلت فيها ورفعت من أرباح أموال القصر في جوانب واضحة وغير مشبوهة معززة ذلك بالأدلة اللازمة.

وأكدت مصادر نيابية نقلا عن رئيس المجلس محمد جاسم الخرافي ، أنه أمكن التأكد من الخبراء الدستوريين عن إمكانية فتح النقاش اليوم طالما أن الوزير المعني جاهز للنقاش، ولفتت النظر إلى أن رئيس المجلس لا يعتقد أن أيا من الطرفين النائب او الوزير سيخرجان عن نص الاستجواب او يتعرضان لجوانب شخصية حسب تأكيداتهما له.

وقالت صحيفة (الوطن) إنه "في وقت غاب فيه تماما الحديث عن طرح الثقة لدى المعسكر المـؤيد للوزير باقر سربت اطراف قريبة من النائب العمر ان لديه تأكيدات من ستة نواب بالتوقيع على طلب لطرح الثقة وانه سيسعى لاقناع اربعة آخرين بعد الاستماع للنقاش بالتوقيع على الطلب لا سيما انهم وعدوا بذلك حسب اقتناعهم بالنقاش".

من جهتها، قالت صحيفة (الرأي العام) التي يرئس تحريرها جاسم مرزوق بودي "اليوم أو غدا أو بعد غد على أبعد تقدير ستتم مناقشة الاستجواب المقدم من النائب جمال العمر إلى وزير العدل أحمد باقر، والمهم أن ذلك سيحصل «هذا الأسبوع»، استناداً إلى استعجال حكومي للانتهاء من المسألة «في أسرع وقت»، وخصوصاً أن موقف باقر قوي والاستجواب، في رأي أكثر من طرف وزاري وحكومي، «خامل» و«سهل» ولا يشكل أي تهديد لمصير الوزير، مما دفع كثير من رجال الحكم إلى تشجيعه على الصعود إلى المنصة على طريقة "اعقلها وتوكل".

وأكدت (الرأي العام) أن وزير العدل أبلغ مجلس الوزراء جاهزيته لمناقشة الاستجواب واستعداده للحسم هذا الأسبوع، ولم يتضح بعد ما إذا كان الوزير باقر "سيعتلي المنصة اليوم أو غدا أم سيطلب تأجيل الاستجواب أسبوعين، إذ كان يرد على استفسار وزراء عن ذلك بالقول انه لم يقرر بعد، لكن مصادر أخرى رجحت استبعاد خيار التأجيل، ورجحت صعود باقر إلى المنصة اليوم بنسبة 80 في المائة، وعلى الأكثر «غدا أو بعد غد».

واستغرب الوزير باقر، وفق أوساطه، عدم رد العمر على طلبه العقود التي تتعلق بإحدى الشركات المتهمة ببيع أو شراء لحوم خنازير واستعاضته عنها بفواتير، وهو ما لم يرد في صحيفة الاستجواب، الأمر الذي سيسجله باقر كاعتراض على ما ورد في صحيفة الاستجواب، وأوضحت المصادر أن استغراب باقر "يأتي من عدم وضوح هذه الجزئية من السؤال وهي المتعلقة بمواضيع نفتها الشركة علاوة على عدم وجود عقود من هذا النوع، الأمر الذي يؤكد عدم صحة هذا البند".

وفي المقابل، قالت مصادر مقربة من النائب العمر انه سيطرح في الجلسة، قضية إقالات لوكلاء وزارة الأوقاف التي اعتمدها الوزير باقر أثناء حملة حقيبة الأوقاف. ووصفت المصادر بأنها ستكون «جلسة مفاجآت» و«حرب فتاوى» حيث ينتظر أن يقدم النائب جمال العمر فتاوى شرعية فيما لو لجأ الوزير باقر على اطلاع المجلس بفتاوى تؤيد ما تقوم به الوزارة، كما سيلجأ كلا الطرفين إلى إبراز مفاجآت موجهة الى النواب الهدف منها محاولة الإقناع والتأثير على مواقفهم.

ونقلت صحيفة (الوطن) بعض المواقف التي سجلها أعضاء في مجلس الأمة حول مسالة استجواب وزير العدل، حيث قال وفي المواقف، قال النائب عبد الواحد العوضي: «للأسف الجميع أصبح يتعسف ويتسابق لتقديم الاستجوابات رغم إقرارنا بأنها ممارسة دستورية لا نعترض عليها»، وأضاف: «نأمل ان يمر استجواب وزير العدل أحمد باقر وينتهي كما انتهت عملية الاستجوابات الأخرى التي سبقته وان يكون استجوابا راقيا بعيدا عن الشخصانية».

ومن جهته، أعلن المنسق العام للكتلة الإسلامية النائب فهد الخنة أن الكتلة ناقشت استجواب باقر خلال اجتماعها الدوري في ديوان النائب وليد الطبطبائي، وأضاف الخنة أن أعضاء الكتلة أكدوا "حق النائب في تقديم الاستجواب وحق الوزير المستجوب أن نستمع إلى رده ودفاعه تجاه محاور الاستجواب"، وتابع الخنة أن الأعضاء "استذكروا دور الأخ أحمد باقر في العمل النيابي والحكومي وحرصه على المصلحة العامة والالتزام بالنواحي الشرعية"، وخلص إلى القول أن أعضاء الكتلة "أملوا في أن يكون الاستجواب راقيا بعيدا عن التجريح الشخصي".

وأخيرا، فإن الحركة الدستورية الإسلامية التي أطاح نواب ثلاثة منها وزير الإعلام محمد أبو الحسن، أكدت أن نوابها متعاطفون مع الوزير باقر لكن الحركة قررت في اجتماعها الأخير (الجمعة الماضي) "عدم إعلان أي موقف حتى تتضح الرؤية في جلسة الاستجواب تخوفا من أن تظهر مفاجآت تدين الوزير ولا يقرها المبدأ ولا الشرع ولا الدستور"، وقال النائب وليد الطبطبائي مساء أمس في تصريح للصحافيين على هامش ندوة استضاف فيها وكيل وزارة الأشغال، أن الكتلة الإسلامية كلفت النائب عادل الصرعاوي التحدث باسمها تأييداً للوزير في جلسة الاستجواب، وأكد أن الكتلة «واثقة من موقف باقر، ولكن ذلك لا يمنع أن نسمع الطرفين»، وإذ أكد الطبطائي احترام وجهة نظر النائب جمال العمر فإنه أعرب عن أمله في ألا تكون الاتهامات بهذا المستوى لأن باقر "وزير نظيف ومخلص وحريص على الجوانب الشرعية".