بهاء حمزة من دبي: فاجأ وزير الإعلام والثقافة الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الحضور في حفل افتتاح المؤتمر العاشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي بدأت فعالياته اليوم (الاثنين) في أبو ظبي تحت عنوان "الإعلام العربي في عصر المعلومات" بخطاب انتقادي حاد دعا فيه الى إعادة نظر شاملة في قوانينِ المطبوعات والنشر في الوطن العربي لأنه لا يمكن للإعلام العربي أن ينقل صورةً جميلة لواقعٍ سيئ وأن يتحدث عن المبادئ والقِيم والمثل بينما يرى الناس الوقائع تسير في اتجاه آخر، وأضاف في كلمته خلال افتتاح المؤتمر التي ذكرت الناس بكلمة الشيخ محمد بن راشد ولي عهد دبي وزير الدفاع في افتتاح المنتدى الاستراتيجي الذي أقيم الشهر الماضي في دبي والتي دعا فيها الحكام العرب الى التغيير وإلا سيتغيرون قائلا انه لا يتحدث عن تعديل أو تجميل بل عن إعادة تقييم كاملة تأخذفي الاعتبار تطور التقنيات الإعلامية وسرعة وسهولة تدفقِ المعلومات والمطلوب هو تشريعات تكفل حرية الوصول إلى المعلومات وتمنع حجبها إلا في إطار ما يفرضه القانون ويقرره القضاء.
وأضاف قائلا إن هناك حاجة لتغيير الطريقة التي تعمل بها وسائل الإعلام والعاملون فيها لإيجاد مناخ يشجِّع الإبداع الفكري والحوار الصحافي حتى لو أدى ذلك إلى إحراج الحكومات. وعلى الإعلام أن يسائل الحكومات وينتقد ممارساتِها إنْ كان هناك ما يستوجب النقد وإلا كيف يكون الإعلام ضمير الرأي العام وعينـه وصوته وكيف يمكن أن تكتسب وسائل الإعلام العربية ثقة الجمهور العربي.
كلمة الشيخ عبد الله المسؤول الأول عن الإعلام والثقافة في الإمارات أعادت إحياء نصيحة الشيخ محمد بن راشد من جديد إذ عد كثيرون تناسق الكلمتين توجها إماراتيا جادا نحو إجراء مزيد من الإصلاحات الديمقراطية على نظامها السياسي وهو ما يتفق مع تطلبه الحكومة الاميركية من دول المنطقة طوال الأشهر الماضية خاصة بعد أن تطرق الشيخ محمد بن راشد نفسه في كلمته التي افتتح بها المؤتمر إلى الموضوع نفسه حين أكد أن الدور الرائد للإعلام تعرض لانكسار شديد "عندما ابتلى عالمنا العربي بالحكم الشمولي الذي ما إن اكتشف سحر الإعلام حتى سيطر عليه وحرفه عن وظائفه وحوله من خدمة الوطن إلى خدمة المتسلطين عليه ومن كشف الأخطاء إلى التستر عليها ومن منبر للحوار بين قوى المجتمع الحية إلى سلاح للتشهير بالخصوم اصحاب الرأي الآخر، وبعد أن تكاثرت الهزائم وألقى الفشل التنموي بأثقاله على المجتمع وصار التمويه على الواقع مستحيلا ألقى الفاشلون بالمسؤولية على غيرهم مرة على مؤامرات داخلية وأخرى على مؤامرات خارجية وسارع إعلامهم إلى تبرير الفشل بدلا من تفسيره وتقديم الفاشل في صورة الضحية ليس فقط لإعفائه من تحمل التبعات بل أيضا ليحظى بالعطف والتقدير بدل المساءلة والحساب".
وأكد ولي عهد دبي في افتتاح المؤتمر الذي حضره عدد كبير من المسؤولين والوزراء الإماراتيين إلى جانب حمدان وراشد نجلا محمد بن راشد وعدد من الإعلاميين أن ابرز التحديات الحالية أمام الإعلام العربي هو تحدي المصداقية بعدما اكتشف الناس أن إعلامهم الوطني يقدم لهم صورا عن أنفسهم وعن بلدانهم وعن العالم الذي يعيشون فيه غير الصور الحقيقية كما كان عليه أن يواجه أيضا المنافسة وهو مكبل بأنماط العمل التي اعتاد عليها لعقود طويلة وان ينهض ليواجه الغزو الفضائي وهو مقيد بقوانين مهمتها الأولى التحكم في المعلومات ومنع الرأي الآخر.
وفي إشادة هي الأولى من نوعها التي يخص بها زعيم عربي قناة الجزيرة القطرية التي تواجه مشاكل دائمة مع غالبية الأنظمة العربية قال بن راشد من دون أن يسمي الجزيرة بالاسم إن استجابة الإعلام لتحدي المنافسة كانت بطيئة جدا وظلت وسائل الإعلام الأجنبية مصادر رئيسة للأخبار والمعلومات حتى تقدم بعض الأشقاء بإطلاق فضائيات ذات أسلوب جديد والتي مهما كان الرأي حولها فقد جاءت مثل حجر كبير ألقي في مياه الإعلام الراكدة فتحركت بعشرات المشاريع الإعلامية وعشرات الفضائيات الجديدة وبفكر يحاول الإجابة عن أسئلة المصداقية والمنافسة .
وأشار ولي عهد دبي إلى أن الإعلام الخليجي اليوم هو الأكثر حضورا وتأثيرا في العالم العربي فاهم قنوات الأخبار على المستوى العربي خليجية واكثر القنوات العامة استقطابا للمشاهدين خليجية أما الترفيه الفضائي المفتوح والمدفوع فهو خليجي الملكية وتستقطب وسائل الإعلام الخليجية أهم المفكرين والكتاب والإعلاميين العرب وزبدة الإنتاج الفكري والفني العربي لافتا إلى أن هذه النجاحات تلقي على الإعلام الخليجي مسؤوليات مضاعفة خاصة في وجود من يترصده بسوء نية ويستخدم بعض ما ينشر ويبث للنيل من دول الخليج وقيم وتقاليد أهل الخليج.
وكان الشيخ عبد الله بن زايد قد طالب بإيجاد شراكة بين وسائلِ الإعلامِ العربية والرأسِمال الخاص تؤدي إلى تأسيس محطاتٍ قوية وفعّالة تبث برامج عن العالم العربي والإسلام تخاطب العالم باللغاتِ التي يعرفها والأسلوب الذي يفهمه. وتساءل مستغربا.. لماذا لم ننجح حتى الآن في تأسيس مركز واحد يتابع ما يقال يومياً في وسائلِ الإعلامِ العالمية عن الإسلام والعرب من معلومات خاطئة وتحليل مشوّه بحيث تتمكن وسائل الإعلامِ العربية من التعامل مع هذه المعلومات وتصحيحِها وتقديم برامج دقيقة ومتوازنة تساعد على تنويرِ الرأي العام العالمي والغربي خصوصاً عن الإسلام والعرب.