عامر الحنتولي من عمان : بات واضحًا، أن الصحافة الأردنية بمختلف اتجاهاتها ومواقفها قد دخلت على خط صراع الحكومة الأردنية مع مجلس النواب الأردني، إذ وجه الأخير اتهامات قاسية للصحافة الأردنية بلغت حد اتهام الصحافيين بالكذب، وهي سابقة في علاقة البرلمان بالصحف الأردنية، التي وقفت مرارا خلال السنوات الماضية ضد حكومات أردنية منحازة بذلك للبرلمان الأردني الذي استعداها على نحو مثير ومفاجئ دفع بنقيب ومجلس نقابة الصحافيين الأردنيين الى توجيه مذكرة استفهام واستياء، مما قاله أعضاء في البرلمان الأردني بحق الصحافة الأردنية التي ينظر إليها منذ حادثة قدحها وتقريعها برلمانيا، بأنها صارت تناصر علنا الحكومة الأردنية ورئيسها فيصل الفايز الذي حل ضيفا دائما على الصفحات الأولى لصحف أسبوعية وخارجية بشكل لا مثيل له، موجها إيحاءات ومضامين ورسائل سياسية متكررة تغمز من قناة قدرة حكومته على حل البرلمان لكنها لاتريد ، قبل أن يقول للفايز في حديث شامل لناشر وأسرة أسبوعية (الحدث)الأردنية إنه "لن يحل البرلمان حتى لو تسبب له بوجع الرأس".

وإليه، فقد ساهم استعداء البرلمان للصحافة الأردنية بتشكيل لوبي إعلامي ضاغط الى جانب حكومة الفايز، وضد البرلمان الأردني من دون تخطيط أو تكتيك من المطبخ السياسي والإعلامي في مقر الحكومة الأردنية، لكن هذا المطبخ استغل العداء والقسوة البرلمانية الموجهة للبرلمان، فعمل بذكاء على إجابة طلبات الناشرين ورؤساء التحرير داخل الأردن ومراسلي الصحف العربية في الأردن، لإجراء مقابلات مع رئيس الوزراء الأردني، وهو اللوبي الذي أنتج فكرا برلمانيا مغايرا يقوم على أساس تعديل خططه وبرامجه التي كانت مكرسة وموجهة لترحيل الحكومة الأردنية، في أزمة حكومية برلمانية رفعت خلال الأسابيع الماضية سقف التوقعات، بشأن قرار ملكي إما بحل البرلمان أو تغيير الحكومة الأردنية.

وعلى الرغم من سعي شخصيات سياسية وبرلمانية وإعلامية أردنية الى القيام بجهود لتطييب الخواطر بين رئيس الحكومة الأردنية وجهات تسمي نفسها بـ"الزعامات" داخل البرلمان الأردني، إلا أن تلك الجهود لم تثمر أو لم تنجح، طبقا لمعلومات تتردد بقوة في العاصمة الأردنية عمان.

وعمليا يمكن القول، إن "الهبة الثأرية" لصحافة الأردن الى جانب حكومة الفايز قد ثبتت أقدام الفايز وأقدام حكومته، في الوقت الذي تنشغل فيه صالونات عمان السياسية بتكهناتها الموسمية حول هوية رئيس الوزراء الأردني المقبل، في ظاهرة مقصودة للتشويش على الحكومة الأردنية الحالية، التي لايزال رئيسها يتعامل بذكاء سياسي متنام، إلا أن أخطاء وانفرادية وأنانية وسقطات وزراء في حكومته قد تذهب مبكرا برقبة الحكومة الأردنية الى مقصلة الذبح، لكن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يراقب كل شاردة وواردة في تطورات الصدام بين الحكومة والبرلمان لا تصدر عنه البتة أي إشارات يمكن البناء عليها للتكهن بموقفه، الذي يفضله الملك الأردني مفاجئا، وفي أي وقت يختاره تكريسًا لنهجه في إخفاء قراراته السياسية عن أقرب المقربين إليه.