نيروبي : مثل الملايين الاخرين الذين أجبروا على الهرب من المعارك الشرسة في أطول حرب أهلية انتهت رسميا الاحد يتلهف جاك ريك جاك من أجل العودة الى الوطن. ويعيش جاك مع زوجتيه وسبعة أطفال في المنفى بكينيا منذ ما يزيد على عشرة أعوام بعيدا عن قريته بجنوب السودان بمئات الكيلومترات. والان مع احتفال الحكومة السودانية والمتمردين السابقين في الحركة الشعبية لتحرير السودان بتوقيع اتفاق سلام شامل ونهائي في نيروبي فإن جاك يتأهب للعودة. قال عامل الاغاثة البالغ من العمر 40 عاما "يعني ذلك بالنسبة لي ولعائلتي اننا سنستقر أخيرا. سأعمل على بناء منزلي ولو كان بالطين".

كان الطريق الى السلام طويلا وصعبا. وأمضى المفاوضون في كينيا عامين يعكفون على جميع تفاصيل الاتفاقية بين الحكومة والمتمردين التي تنهي 21 عاما من الحرب. الا أنه حتى بتوقيع اتفاقية السلام فان ثمة تحديات مازالت قائمة بالنسبة لنحو 573 الف لاجيء من جنوب السودان يعيشون في سبع دول مجاورة ومليونين اخرين فروا شمالا الى معسكرات غير آمنة تماما قرب الخرطوم. ويعاني الجنوب الغني بالنفط الألغام ونقص المدارس والمستشفيات والمياه النقية. ويصل الدخل اليومي للفرد في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الى 25 سنتا امريكيا أي ما يصل الى 90 دولارا سنويا.

وفي عائلة جنوبية لها سبعة من الاطفال مثل عائلة جاك فلابد أن يموت طفل على الاقل أو طفلين ذكورا أم اناثا قبل بلوغ الخامسة من العمر ويعاني معظم الاطفال سوء التغذية. وتزيد احتمالات وفاة الاناث في مراحل الحمل أو عند الوضع بنحو عشرة أمثال. وخلال الحرب زرع كل من الطرفين الالغام.

وتعتقد وحدة الالغام التابعة للامم المتحدة أن 800 الف كيلومتر مربع في 21 ولاية من ولايات السودان الست والعشرين تعاني من الالغام بما يعني أنه ليس من الممكن استخدام الطرق او الاراضي الزراعية. ويحتاج الامر الى 57 مليون دولار لنزع تلك الالغام. ورغم ذلك فان ملايين النازحين يريدون العودة للديار. وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان 1.5 مليون نازح قد يبدأون رحلة العودة خلال أشهر. وقال جورج اوكوث اوبو ممثل المفوضية في كينيا لرويترز "لقد استمعت الى اللاجئين السودانيين في كينيا يقولون انهم يريدون الامن. انهم لا يريدون النزوح مرة اخرى." وتعتزم المفوضية مساعدة 150 الفا على العودة في أول 18 شهرا من السلام وأغلبهم في كينيا واوغندا.

وقالت كيتي ماكنزي المتحدثة الاقليمية باسم المفوضية "نحن مهتمون بألا يصبح اللاجئون جماعة تحظى بامتيازات. ومن ثم فاننا سنقوم بأمور للمجتمع ككل وليس فقط للعائدين." الا أن ثمة قلقا من أن أعدادا أكبر مما ينبغي من اللاجئين سيتوجهون على الفور الى وطنهم قبل تهيئة الظروف هناك. وأغلب اللاجئين يواجهون حياة صعبة خارج السودان والذين نزحوا لمناطق اخرى في الداخل يعيشون أيضا في ظروف عصيبة بمخيمات.

وتستضيف كينيا 800 الف أغلبهم يتجمعون في معسكرين قرب الحدود السودانية وهي منطقة شبه صحراوية تقطنها قبائل شديدة المراس. وكثير من أبناء الجنوب السوداني في تلك المعسكرات مزارعون يحلمون بالعودة الى أراضيهم الخصبة.

وقال مابور اشول (42 عاما) وهو مدرس من منطقة يرول يعيش في معسكر كاكوما للاجئين منذ 1995 "اولئك الذين يعيشون (في كينيا) يريدون العودة واعادة بناء بلادهم. انني سعيد للغاية من أجل السلام."