بهية مارديني من دمشق:أعلن ناشطو مناهضة العولمة في سورية "انه تأكيدا على سياسة القمع والمصادرة والاحتواء التي تمارسها السلطات السورية بحق أي حراك مستقل، فقد تعاملت بقسوة وحزم تجاه الحراك الديمقراطي الذي تشهده سورية منذ أكثر من أربع سنوات ".
وحددت نشرة "البديل" الصادرة اليوم عن مجموعة ناشطي مناهضة العولمة في سورية ، والتي تلقت "إيلاف" نسخة منها ، أطراف الحراك السياسي بطرف أول، وهو الحراك الديمقراطي للهيئات المدنية و المثقفين ، واعتبرت انه الحراك الأنشط والأبرز للشرائح الوسطى ، ويمكن أن تشمل ضمنها الأحزاب المعارضة ، حيث تعاملت السلطة وما تزال تتعاملمع البارزين منهم بالاعتقال والمحاكمات الاستثنائية والمضايقات والاستدعاءات الأمنية المتواصلة والتهديدات والافتراءات .
واشارت النشرة الى ان هذا الطرف يشهد حالة ركود كبيرة ، تتحمل أطرافه الفاعلة المسؤولية عنه وليست فقط السلطة، فقد فشلت في توحيد جهودها وفشلت في دفع شرائح اجتماعية أخرى الى النشاط وانغلقت في عالم ذاتيتها ، وافتقر العديد من نشطائها للديمقراطية في التعامل مع أنفسهم و على الرغم من ذلك يبقى تأثير هذا الحراك مهماَ ، وتميز بعدة نشاطات ديمقراطية بارزة أهمها الاعتصامات التي تمت من اجل الغاء حالة الطوارىء وإطلاق سراح المعتقلين أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء وساحة عرنوس .
اما الطرف الثاني للحراك السياسي في سورية فقد اعتبر مناهضو العولمة انه الحراك الطلابي، الذي أجهضته السلطة سريعا منذ بداياته في شباط (فبراير) من العام الماضي،عبر فصل الطلاب من جامعاتهم بشكل نهائي او لمدة محددة او تهديدهم من قبل الاجهزة الامنية او اعتقالهم كما حدث للمعتقلين من الطلاب من مقصف المدينة الجامعية او احالتهم الى محكمة امن الدولة مثل محاكمة الطالب مهند الدبس وزميله محمد عرب.
و رأت النشرة أن هذا الحراك يتميز بأهمية خاصة ، لأنه يعني خروج شريحة اجتماعية كبيرة وديناميكية في سورية إلى الحقل العام باستقلالية عن أطر السيطرة الحكومية. وما يحمله هدا الأمر من إمكانيات على تطوير وتوسيع الحراك الديمقراطي عموما ، بان يتحول إلى مثال يحتذى به يشجع شرائح اجتماعية أخرى على النشاط المستقل ، لو لم تجهضه السلطة التي استشعرت هذا الخطر. هذا ،برأينا ،هو ما دفع السلطة الى القمع المتشدد لهذا الحراك المطلبي الطلابي.
وبالنسبة الى الطرف الثالث فقد اعتبر ناشطو مناهضة العولمة في سورية انه الحراك السياسي القومي الكردي ،فقد أبرزت أحداث آذار (مارس) مشكلة طالما تم تجاهلها من قبل السلطة والمعارضة ، ودفعت إلى واجهة الأحداث الواقع القومي للأكراد في سورية والاضطهاد الذي يتعرضون له ، وجعلت من الحركة السياسية الكردية مكونا أساسيا في الحراك الديمقراطي لا يمكن تجاهله. فكان أيضا رد السلطة عنيفا خلال الأحداث وبعدها ، وما تزال المحاكمات الاستثنائية تجري على قدم وساق للمتهمين بالمشاركة فيها . ومن جهة أخرى ، أبلغت السلطات الأمنية الأحزاب الكردية قرارها بمنعها لهم من النشاط.
واعتبر الناشطون "انه في مواجهة مجمل هذه التحديات ، ومهما كانت الاصطفافات السياسية الضرورية اليوم ، أو الخيارات التي ستتبناها الحكومة، فإننا إذا كنا ما نزال نعتقد بان الانتقال الديمقراطي " هو ثمرة غير إرادية لميزان قوى متأرجح اكثر منه تجسيداَ لفكرة فلسفية" ، إلا أن مدى و أهمية وعمق هكذا انتقال ديمقراطي تبقى مرهونة بمقدار قوة ونفوذ الأطراف الديمقراطية السياسية والاجتماعية وتآلفها ، وهذا يعني ضرورة خلق ائتلاف ديمقراطي واسع ومستقل يضم الأطياف السياسية والاجتماعية المتعددة يقوم على أساس برنامج ديمقراطي واضح ومختصر.من اجل انتقال ديمقراطي حقيقي في سورية يوفر تداول السلطة بانتخابات حرة ويوفر امكانية مواجهة الكوارث الاجتماعية التي تسببها السياسات الليبرالية الجديدة " .
واكد ناشطو مناهضة العولمة في سورية " أن إهمال الجانب الاجتماعي في هكذا انتقال ديمقراطي يترك اكثرية المواطنين ضحية لمناورات الحكومة ويصبح تحقيقا لحاجة و رغبة نخبة من المثقفين والسياسيين اكثر منه حاجة لأكثرية ابناء الوطن و غالبيتهم العظمى من الشرائح المأجورة والمفقرة و المهمشة خصوصا. هؤلاء هم الضحايا الأولى لسياسات العولمة الليبرالية المتوحشة التي بدأت تطبيقها الحكومة ، لذلك فان مناهضة هذه العولمة والدفاع عن مصالح وحقوق هذه الفئات الاجتماعية هي ، بالنسبة الينا ، شرط رئيس من اجل تحقيق انتقال ديمقراطي عميق ذات مضمون اجتماعي ، وقيام تنمية قاعدية بالمشاركة الواعية والمباشرة للمواطنين".