قال لـ"إيلاف" إنه لن يتقاعد عن العمل السياسي
جبريل الرجوب يشرح أسباب استقالته

نصر المجالي من لندن: شرح العميد جبريل الرجوب مستشار الأمن القومي الفلسطيني في اتصال هاتفي أجرته "إيلاف" من لندن إلى مقر إقامته في رام الله أسباب استقالته المفاجئة غداة انتخاب محمود عباس (أبو مازن) رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، إذ يقسم اليمين القانونية اليوم (الاربعاء) أمام المجلس التشريعي. وقال العميد الرجوب، وهو من الشخصيات الكاريزمية على الساحة الفلسطينية "قدمت استقالتي عن قناعة تامة، والسبب هو لإتاحة الفرصة أمام الرئيس الجديد أن يختار رجاله الذين سيعملون معه للمرحلة المقبلة". ودعا العميد الرجوب الجميع في الحكم الفلسطيني إلى الاستقالة لبناء حكم ديموقراطي جديد بناء على قناعات ثابتة في ترسيخ الديموقراطية. وقال الرجوب "أنا أؤيد الرئيس أبو مازن وخطه السياسي، فأنا ابن حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي لن أتخلى ما حييت عن مبادئها، وأنا ملتزم بقراراتها حتى النهاية"، يذكر أن الرئيس محمود عباس كان مرشح فتح للانتخابات الرئاسية التي جاءت به خلفا للرئيس الراحل ياسر عرفات.

وتخاصم العميد الرجوب وهو ابن الضفة الغربية، لمرات عديدة مع الرئيس الراحل، الذي سرعان ما أعاده إلى الواجهة قبل عام مضى في منصب المستشار لشؤون الأمن القومي وهو من المناصب القيادية الكبيرة في الأراضي المحتلة. ويعتبر العميد الرجوب من مؤيدي المفاوضات السلمية مع إسرائيل على قادة خريطة الطريق، وله علاقات مع الطرف الإسرائيلي المؤيد للتسوية، كما أن علاقاته مع الأطراف الفلسطينية المعتدلة متميزة، وكذلك مع بلدان الجوار وخصوصًا الأردن ومصر.

وفي تصريحات لـ"إيلاف" قال العميد "أنا أقدم استقالتي من المنصب بضمير مرتاح وقناعة تامة، وهذا لا يعني أنني أتقاعد من العمل النضالي والسياسي، فأنا ابن حركة فتح وعلي مسؤوليات كثيرة يتعين علي القيام بها من دون المنصب الرسمي"، ولم يكشف العميد الرجوب عن خططه المستقبلية في هذا الشأن، مكتفيًا بالقول "عندي قناعات وطنية كثيرة ومصمم على الاستمرار في نضالي لصالح شعبنا الفلسطيني حتى انتزاع حقوقه الوطنية المشروعة".

وحين سئل ما إذا كان ناقش استقالته بشكل مسبق مع الرئيس محمود عباس، قال "لم أناقش أي شيء مع الرئيس الجديد الذي أكن له كل الاحترام وأؤيده"، وأضاف "نحن أمام واقع جديد يجب أن تجري معه تغييرات شاملة في مؤسساتنا المدنية والعسكرية والأمنية، فالحال الديموقراطي يتطلب ذلك، وهذه هي مهمات الرئيس الجديد الذي يتعين على الجميع مساعدته على تحقيقها".

وقال العميد الرجوب الذي تراهن مصادر المراقبين في الغرب والعالم العربي وحتى على الساحة الفلسطينية بدور كبير له في مستقبل قريب "أنا بادرت للاستقالة، داعيًا الجميع أن يستقيلوا لتمكين الرئيس أبو مازن من اختيار رجال المرحلة للقيام بأعباء المرحلة الوطنية المقبلة، وما قمت به من جهة تقديم استقالتي يقوم به كثيرون في الدول الديموقراطية المتحضرة، لإفساح المجال أمام القائد الجديد لاختيار رجالاته".

وفي إجابته على سؤال، حول عرض منصب وزارة الداخلية عليه في الحكومة الجديدة المقبلة التي يحتمل أن يبقى أحمد قريع رئيسًا لها حين إعادة تشكيلها في الشهر المقبل، قال العميد الرجوب "لم نناقش هذا الأمر ولا طموح لي في أي منصب، كل جهدي سينصب في المرحلة المقبلة، على تحقيق الحد الأدنى مما نصبو إليه عبر التمسك بثوابتنا الوطنية وقيام دولتنا المستقلة في أقرب الآجال، وأنا لست ممن يتعاركون على هذا المنصب أو ذاك".

والعميد الرجوب، الذي سجن لسنين طويلة في المعتقلات الإسرائيلية، يعتبر من ذوي التوجهات السلمية رغم "صرامته العسكرية والأيدولوجية"، وهو اختلف كثيرًا مع الرئيس الراحل عرفات الذي أعاده إلى موقعه كمستشار لشؤون الأمن القومي.

وأخيرًا، تعتقد مصادر قريبة من الرئيس الفلسطيني الجديد أبو مازن أنه لن يتخلى عن العميد جبريل الرجوب، تحت أية ظروف، حيث شعبية الرجوب قوية خصوصًا في الضفة الغربية ومنطقة الخليل التي ينتمي إلى ريفها. وقبل عامين سارت مظاهرات مؤيدة للرجوب في مختلف مناطق الضفة الغربية حين أقصاه الرئيس الراحل عن مهماته، وعين بدلًا منه العميد محمد دحلان المنتمي إلى قطاع غزة، حيث لم يكن أبناء الضفة الغربية بقيادة دحلان "الغزاوي" لأجهزة الأمن في ديارهم، وهذا قاد السيد عرفات إلى التراجع عن القرار في وقت لاحق.