من بريطانيا إلى الشرق الأوسط والهند وباكستان
تحقيقات حول تسرب أسلحة لمناطق النزاع

عادل درويش من لندن: يواجه وزير الخارجية البريطانية جاك سترو أسئلة صعبة في استجوابه صباح اليوم (الأربعاء) في اللجنة الرباعية الخاصة في مجلس العموم مهمتها مراقبة ومتابعة صادرات السلاح البريطانية. ويصادف المواجهة بين وزير الخارجية واللجنة نشر تقرير منظمة "عالم آمن" الساعية لتقليل بيع الأسلحة الهجومية من صادرات السلاح، والذي يتهم الحكومة بالتهاون في الرقابة على صادرات السلاح، خاصة لمناطق ساخنة حول العالم في الفترة مابين كانون الثاني(يناير) 2003 وحتى حزيران(يونيو) 2004، والتراجع عن وعودها في تشديد قوانين محاربة الفساد ومراقبة صادرات السلاح، الذي وزعت نسخه مقدمًا على أعضاء اللجنة المؤلفة من جميع الأحزاب.

كما يحذر التقرير من أن تقليص ميزانية أقسام تصدير السلاح في وزارة التجارة والصناعة، والاستغناء عن أعداد كبيرة من موظفيها، يقلل من كفاءة الوزارة كجهة مسؤولة عن مراقبة صادرات السلاح والتزام شركات السلاح بالقانون.

وكانت شركتا أنظمة BAE، التي تصنع طائرات التورنادو، وشركة إلفيس للتكنولوجيا العسكرية، واجهتا تحقيقات قضائية حول ممارستهما في الحصول على عقود لتصدير السلاح. ورغم ذلك أعلنت الحكومة الشهر الماضي التخفيف من قيود وتحفظات لوائح قسم ضمانات إئتمان التصدير، وهو قسم في الوزارة يضمن للشركات التعويض عن تكلفة الإنتاج في حالة خسارة العقود أو رفض المستورد استلام السلاح أو عجزه عن دفع ثمنه، وذلك في القانون المعدل الجديد "قانون مراقبة تصدير السلاح".

ويتوقع تقرير "عالم آمن" زيادة صادرات السلاح بنسبة 23% خاصة بعد إحالة 25% من موظفي القسم على التقاعد، مما يعني التساهل والتهاون في مراقبة طلبات أذونات تصدير السلاح. وفي الوقت نفسه يشير تقرير قسم المراجعة لسجلات الوزارة خلال عام إلى ثلاث مناطق ساخنة ستؤدي الأسلحة البريطانية إلى زيادة الأزمات فيها، وهي الهند وباكستان؛ الصين وتايوان؛ والشرق الأوسط.

وتحذر كل من المنظمة، وتقرير المراجعة من أن هذه المناطق تواجه احتمالات صراعات مسلحة طويلة الأمد، قد تتسع رقعتها جغرافيًا، ومع ذلك منحت وزارة التجارة والصناعة أذونات تصدير كميات كبيرة من الأسلحة الهجومية إليها.

ومن المشاكل التي يلقى تقرير المراجعة بالضوء عليها، صعوبة التأكد من صحة شهادة "الاستعمال الأخير" المعروفة بـEndUse certificate، مما يسهل على المستورد الذي حصل على الإذن بإعادة تصدير السلاح إلى مناطق يحرم القانون البريطاني بيع السلاح فيها، كما حدث مع العراق أثناء حرب العراق وإيران عندما حصل صدام حسين على السلاح بإعادة بلاد عربية وأفريقية تصديره إليه.

ومن المتوقع أن يشمل استجواب اللجنة البرلمانية لوزير الخارجية أسئلة تتعلق بوصول صادرات أسلحة بريطانية إلى الصين، وإندونيسيا وإيران، والعراق وإسرائيل والأردن ومالزيزيا وباكستان وسورية والإمارات العربية المتحدة.

ويركز تقرير المراجعة على حالة إسرائيل التي منحت 61 شهادة تسمح بتصدير السلاح إليها وهي الثانية في القائمة بعد الولايات المتحدة التي حصلت على 64 ترخيصًا. وما يثير قلق المنظمة ومجلس العموم تصدير أسلحة بريطانية لشركات تصنيع أسلحة وليس للحكومة أو للجيش أي الحصول على أجزاء من أنظمة دفاعية وقطع غيار وأجزاء تكنولوجية متقدمة، يتم إدخالها في أنظمة دفاعية وأسلحة تصنعها هذه الشركات في إسرائيل، ثم تصدرها بدورها إلى طرف ثالث.

وهذ الأطراف الثالثة غالبًا ما تكون على قوائم الحظر من تصدير السلاح في بريطانيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، كما هو الحال مع الصين مثلًا حيث يحظر تصدير الأسلحة الهجومية إليها وتايوان لأنهما في حالة حرب، لكنها لاتزال تحصل على أسلحة بريطانية تعيد الشركات الإسرائيلية تصديرها إلى الصين.

ورغم حظر القوانين البريطانية تصدير أسلحة تستخدم في انتهاك حقوق الإنسان وضد الأهالي وضد الشعوب في أيدي قوات الأمن في حكومات قمعية، فإن تقرير المراجعة يضم قائمة طويلة من نماذج على استمرار وصول أسلحة تستخدم ضد المواطنين من جانب أنظمة قمعية، بتصاريح تصدير من الحكومة البريطانية.

ومن المتوقع أن يواجه وزير الخارجية سترو أسئلة صعبة في اللجنة في هذه الشأن حيث تضم القائمة، كولومبيا وإندونيسيا وإسرائيل ونيبال. وتحذر منظمة "عالم آمن" من أن وجود السلاح في الأيدي الخاطئة قد يؤدي إلى كوارث ستكون بريطانيا مسؤولة عنها، وناشدت المنظمة مجلس العموم الإصرار على تشديد الحكومة قوانين مراقبة استخراج أذونات التصدير لشركات الأسلحة البريطانية.