عادل درويش من لندن: اميركا والعراق يحضران لعمليات عسكرية محدودة ضد سورية " لاقتلاع قواعد دعم الإرهابيين وإيقاف التسلل"، واسرائيل تستعد لمواجهة انتقام غير مباشر من سورية عن طريق حزب الله في لبنان، حسب مصادر اسرائيلية واستخبارات غربية، بينما يرفض الأميركيون التعليق.
علمت إيلاف من مصادر استخبارات غربية، ومصادر دبلوماسية في اسرائيل، ان الولايات المتحدة الأميركية، تعد خطة عسكرية لضربة وقائية اجهاضية على الحدود السورية العراقية المشتركة، لاحتلال موقت، لبضعة ايام ، يتم خلالها تطهير ما عرفته القيادات العسكرية، بمواقع متعاونين مع المقاتلين العراقيين من فلول حزب البعث.
وتضيف المصادر ان هناك أكثر من 11 موقعا تشير التقارير الى " سيطرة المنفيين العراقيين من فلول البعث عليه" حيث يتم هناك تدريب متطوعين من عراقيين، وهم الأقلية، وجنسيات اخرى، وهم الأغلبية على العمليات العسكرية والتخريبية وعمليات الإرهاب، ويتم تزويدهم باوراق سفر مزيفة، ووسائل نقل سريعة، ومساعدتهم للسفر الى العراق حيث يتلقون السلاح من فلول النظام السابق.
وحسب المصادر نفسها، فإن الحكومة الموقتة برئاسة اياد علاوي تلح منذ اسابيع على القيادة الأميركية للقيام بهذه العملية، والبقاء في سورية، فترات قصيرة حتى يتم الإجهاز على البنية التحتية التي تديرها مجموعة البعث العراقية التي لجأت الى سورية، ثم التأكد من وجود جهاز امن يضمن حراسة الحدود. ويلح العراقيون باتمام هذه العمليات باسرع ما يمكن لضمان اجراء الإنتخابات في موعدها.
لكن البريطانيين يعترضون على العملية خشية ان تزيد الموقف اشتعالا، وتضر بالمصالح البريطانية والأميركية في الشرق ألأوسط.
كما يحذر البريطانيون الأميركيين من ان سورية ستلجأ على الأرجح الى دفع حزب الله في لبنان الى سن عمليات هجومية انتقامية ضد اسرائيل، الأمر الذي قد يدفع الإسرائيليين للتدخل في لبنان او في سورية نفسها، وربما يدفع ذلك ايران للتدخل بشكل غير مباشر في جنوب العراق.
وعلى الرغم من رفض البريطانيين التعليق فإنهم يحذرون، بشكل غير رسمي، من خطورة توسيع رقعة العمليات العسكرية.
وتقول مصادر دبلوماسية في المنطقة ان الأمل الأقرب في تجنب مثل هذا السيناريو " الذي لاتحمد عقباه،" هو ان يستجيب السوريون للضغوط الأميركية والتي بلغت ذروتها في مطلع هذا الشهر بزيارة ريتشارد ارميتاج، نائب وزير الخارجية الأميركي الى دمشق، لإقناع السوريين بوضع العراقيين النشيطين تحت المراقبة، وتجميد اموالهم ومنع التسلل الى العراق.
وحسب مصادر غربية، فإن زيارة ارميتاج، كانت مهمته الأخيرة، قبل التنحي عن منصبه الذي يخلفه فيه روبرت زولييك،والذي اختارته كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية القادمة، نائبا لها. وتتزعم رايس التيار الذي يطالب باتخاذ مواقف متشددة مع سورية، والتي لاتزال على قوائم الخارجية الأميركية في الدول الداعمة للإرهاب. وكان زولييك، نائبا لجيمس بيكر الذي تولى الخارجية الأميركية ابان حرب تحرير الكويت.
وقد علمت إيلاف من مصادر اميركية ان ارميتاج واجه السوريين بتسعة مطالب محددة. ا انهاء قوانين الطوارىء المفروضة في سورية منذ اربعة عقود؛ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين؛ وانهاء الرقابة على الصحف؛ والإسراع بالإصلاحات الاقتصادية؛ والمبادرة باصلاحات ديمقراطية؛ وتقليص التحالف مع ايران، الى علاقة دبلوماسية عادية؛ وتسليم 55 من قيادات النظام العراقي السابق تقيم في سورية، وتتهمهم بغداد بادارة عمليات المقاومة وتمويل وتسليح الإرهابيين من هناك – وقد علمت إيلاف ان ارميتاج سلم السوريين قائمة بالأسماء والعناوين وارقام تليفوناتهم- ؛ وتعهد سورية عدم وصول اي من صواريخ كورنيت ا-ت-14 Kornet AT-14المضادة للدبابات، التي اشترتها سورية من شركات اوروبية ، في البلقان، الى المقاومين العراقيين؛ والإعلان رسميا ان مزارع شبعا المتنازع عليها، والتي تحتلها اسرائيل ، هي اراض سورية وليست لبنانية.
ويرى دبلوماسيون هنا ان اصابع اسرائيل وراء المطلبين الأخيرين، لأن مطالبة سورية بالسيادة على شبعا، سينهي حجة حزب الله بشن هجمات على اسرائيل بسببها، باعتبارها اراضي لبنانية من الواجب على اللبنانيين تحريرها – ؛ كما ان تقارير الاستخبارات الإسرائيلية هي التي نبهت الأميركيين الى صفقات السلاح السورية الأخيرة. وقالت مصادر عسكرية في لندن ان السوريين استوردوا الصواريخ المضادة للدبابات لدقتها ولأنها ارخص ثمنا من المقاتلات والصواريخ المضادة للدبابات التي تحملها طائرات الهليكوبتر.
وقالت المصادر ان الرئيس السوري بشار الأسد احتج لضيفه الأميركي بان سورية تبذل اقصى ما في وسعها لحراسة الحدود مع العراق، وهي حدود ليس من السهل حمايتها لطوله ووعورة الارض.
وحسب مصادر دبلوماسية في دمشق، فإن الرئيس الأسد، اثناء زيارة ارميتاج، امر رئيس الأركان السوري اللواء علي حبيب، بانشاء موقع قيادة متقدم على الحدود العراقية لمتابعة جهود الجيش لمنع المتسللين من دخول العراق.
وقالت المصادر ان اختيار اللواء حبيب للعملية له مغزى، فهو يتمتع بثقة الأميركيين إذ عمل معهم اثناء قيادته الوحدات السورية التي اشتركت في حرب تحرير الكويت عام 1991، وكون صداقات مع القيادات الأميركية، بمن فيهم نائب الرئيس ديك تشيني والذي كان وزيرا للدفاع وقتها ووزير الخارجية الموشك على التقاعد كولين باول، والذي كان رئيسا للأركان في حرب الخليج.
واستبعدت مصادر بريطانية اتخاذ اجراءات عسكرية ضد سورية، على الأقل قبل اعادة تنصيب الرئيس جورج بوش لولاية ثانية في 20 كانون الثاني(يناير). ويتوقع خبير عسكري بريطاني ان تقتصر العمليات العسكرية على عبور وحدات اميركية وعراقية مشتركة الحدود السورية، بحماية طائرات هليكوبتر، بحجة مطاردة ارهابيين فروا داخل الأراضي السورية، لكنه لم يستبعد توسيع رقعة العمليات اذا لم تأت العمليات المحدودة بثمارها. ومن الناحية القانونية، سيطلب علاوي، في تقدير خبراء اميركيين، وضع قوات اميركية تحت امرته لمطاردة المتسللين بقوات مشتركة وذلك لتجنب اعلان الحرب على بلد مجاور تربطه بالعراق معاهدات الجامعة العربية الدفاعية.
وقد علمت إيلاف ان الإسرائيليين وضعوا مراكزهم على الحدود اللبنانية في حالة استعداد لاحتمال هجمات من حزب الله في حال نشوب قتال على الحدود العراقية السورية.