بشار دراغمه من رام الله: كشفت مصادر صحافية فلسطينية عن إستعداد حركة المقاومة الإسلامية حماس، لاتخاذ خطوات بعيدة المدى تتجاوز مسالة الهدنة بكثير.

وقالت صحيفة الأيام الفلسطينية إن الاتصالات بين الرئيس محمود عباس وحركة حماس وعدد من القوى الأخرى التي بدأت قبل الانتخابات، وتواصلت بعدها، تشير إلى أن الطريق باتت شبه معبدة أمام أبو مازن للمضي قدماً إلى ما يوصف بأنه أولى أولوياته، وهو التوصل إلى اتفاق وطني فلسطيني يمكنه من استئناف المفاوضات مع إسرائيل.
ويتوقع مقربون من عباس أن يتوصل الرئيس والقوى الفلسطينية المختلفة إلى اتفاق وطني في فترة قريبة قادمة، وهو ما لا يستبعده قادة حماس والقوى الأخرى.

ويقول نبيل عمرو عضو المجلس الثوري لحركة فتح المقرب من الرئيس عباس: هناك إمكانية عالية للتوصل إلى اتفاق وطني، فثمّة رغبة مشتركة للتوصل إلى إتمام الحوار الوطني وهو الحوار الذي يقف على رأس قمة أولويات الرئيس .

وإن كانت الحوارات بين حركتي فتح وحماس لم تنقطع في مختلف المراحل السابقة، إلا أنها اتخذت منحىً جديداً في المرحلة الأخيرة. ويقول عمرو: الاتصالات مفتوحة مع قيادة حماس في الخارج والداخل وثمة استعدادات لتتويجها باتفاق وطني .

ويقول مقربون من هذه الاتصالات بأنها تدور حول الشراكة السياسية، والإعلان عن هدنة فلسطينية مشروطة بوقف العدوان الإسرائيلي الشامل على الفلسطينيين بما في ذلك الانسحاب من مناطق "أ" التي كانت تخضع للسلطة الفلسطينية قبل الثامن والعشرين من أيلول العام 2000، ووقف جميع الملاحقات والاعتقالات والاغتيالات بأشكالها المختلفة والشروع في إطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين.

ويتوقع أن يشمل الاتفاق الوطني مشاركة لحماس في قيادة منظمة التحرير ومشاركتها في الانتخابات التشريعية المقبلة.

وكانت حركة حماس قاطعت الانتخابات الرئاسية لرغبتها بعدم خوض هذه الانتخابات في هذه المرحلة. وقد صدر عن الحركة، رغم هذه المقاطعة، إشارات تؤكد اعترافها بنتائجها، في مقدمة ذلك اتصال التهنئة الذي أجراه رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل مع الرئيس أبو مازن بعد فوزه، وهو ما فعله قادة آخرون للحركة مثل الشيخ حسن يوسف وغيره.

ومن جانبها، لا تخفي "حماس" رغبتها في التوصل إلى اتفاق وطني يقوم على الأسس المذكورة.وقال الشيخ حسن يوسف أحد قادة الحركة: هناك موقف متقدم للحركة فيما يتعلق بالمشاركة في قيادة فلسطينية، سواء أكانت قيادة منظمة التحرير أم قيادة وطنية موحدة. وشعارنا اليوم هو: شركاء في الدم، شركاء في القرار. القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي".

وعن فرصة التوصل إلى اتفاق وطني يشتمل على وقف إطلاق نار متبادل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، قال الشيخ يوسف: لا يوجد شيء مغلق لا يمكن التحدث فيه، نحن واقعيون نتعامل بإيجابية، لكن من يطالبنا بمثل هذا الاتفاق، عليه أن يجيب على سؤال واحد هو: هل هناك ضمانات لوقف العدوان على شعبنا؟. وأضاف: لا يوجد عاقل يطلب منا أن نبقى مكتوفي الأيدي إذا ما تعرض شعبنا للعدوان. فليتوقف العدوان، ويطلق سراح الأسرى، ويقر الإسرائيليون بحقوق شعبنا، لنرَ حقائق على الأرض أولاً، فقد كانت لنا تجربة قاسية معهم- يقصد الإسرائيليين- عندما أعلنا الهدنة وواصلوا هم عمليات الاغتيال والاعتقال والاجتياحات، مشيراً في ذلك إلى الهدنة التي أعلنت في اتفاق فلسطيني- فلسطيني أثناء فترة حكومة محمود عباس في العام 2003 والتي استمرت-أي الهدنة- 53 يوماً.
وقد أظهرت حركة حماس في الآونة الأخيرة حدوث تغيرات مهمة في توجهاتها ومواقفها، منها: استعدادها لوقف جميع أشكال العمل العسكري في حال حدوث استعداد مماثل من الجانب الإسرائيلي. وقال الشيخ يوسف: العمليات الاستشهادية وإطلاق الصواريخ وغيرها وسائل وليست أهدافاً، والحركة جزء من الشعب الفلسطيني تعيش مأساته وتشعر بها. وهناك تغيرات في الواقع الإقليمي تقرأها حماس جيداً وتبني موقفها عليها. كل شيء في حدود التكتيك ممكن تغيره".

وقد تعرضت حركة حماس في السنوات الأخيرة لتجارب تركت آثاراً عليها، منها: فرض قيود على حركة قيادتها في العالم العربي، وتعرض مواردها المالية للتجفيف في غالبية دول العالم بما فيها الكثير من الدول العربية والإسلامية. وفي الوطن، تعرض قادتها لحملة تصفيات طالت أبرزهم مثل: رئيس ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وقائد الحركة في قطاع غزة الشيخ عبد العزيز الرنتيسي، وقبلهم قادة الحركة الدكتور إسماعيل أبو شنب وجمال منصور وجمال سليم وغيرهم.

وإن كان الشيخ حسن يوسف يقر بتأثير كل هذه العوامل على مواقف الحركة، إلا أنه يؤكد أن تلمس الحركة للمشكلات التي يعانيها المواطنون هو العامل الأساسي وراء استعدادها لتغيير مواقفها المصنفة ضمن دائرة التكتيك والوسائل وليست الأهداف الإستراتيجية، وإن كان يقر أيضاً بأن: وجود اليهود ودولة إسرائيل من الحقائق الموضوعية التي لا يستطيع أحد تجاهلها".

ومن المرتقب أن يجري في الفترة القريبة القادمة لقاء بين الرئيس المنتخب ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون، تعقبه لقاءات واتصالات بين الجانبين لتنسيق الانسحاب الإسرائيلي المقترح من مدن أو مناطق "أ"، وتالياً الانسحاب الإسرائيلي من غزة وشمال الضفة.

ويقول مقربون من أبو مازن بأن الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي خلا من الشروط ومن المطالبات. وقال مصدر مطلع بأن الاتصال اتسم بالتعبيرات الإيجابية مثل "نأمل، وإنشاء الله، وسوف نعمل من أجل..".

وكان أبو مازن التقى قادة كتائب شهداء الأقصى في جميع المدن التي زارها أثناء حملته الانتخابية، وحصل على تعهدات منهم بالالتزام بمواقف السلطة في حال انتخابه. ويقول نشطاء في الكتائب بأنهم تعهدوا لعباس بالالتزام بمواقفه في حال شاهدوا تغيرات على الأرض.

وقال علاء سناكرة أحد قادة الكتائب في مخيم بلاطة: لقد طلب منا الأخ ابو مازن فتح صفحة جديدة بعد انتخابه، وأكدنا له استعدادنا لذلك في حال شاهدنا سلطات الاحتلال توقف الاغتيالات والاعتقالات وتنسحب من المدن.
وتقول مصادر في الكتائب بأن حزب الله يحث بعض المجموعات على عدم الالتزام بأي وقف لإطلاق النار، عازية ذلك لأجندات سياسية تتعلق بالحزب وإيران.

لكن المسؤولين الفلسطينيين يقولون بأن كتائب الأقصى ستلتزم في النهاية بموقف حركة فتح والسلطة، ما يبعد شبح الخرق الفلسطيني لأي اتفاق مرتقب ويبقي فقط شبح الخرق الإسرائيلي.