الياس توما من براغ : أكد المفوض المدني الأعلى في البوسنة والهرسك بادي اشدون أن البوسنة والهرسك بالتقسيم الحالي لها إلى كيانين سياسيين الأول صربي والثاني فيدرالي بوسني ــ كرواتي لا تعمل بشكل فعال كدولة ، غير أنها لن تصبح بالمقابل أبدا حسب رأيه دولة قومية مركزية كما هو الأمر مثلا في فرنسا وبريطانيا .
ورأى أن البوسنة يمكن أن تصبح بلجيكا البلقان بمعنى أن يتم خلق ترتيب سياسي دستوري فيها مشابه لما هو قائم في بلجيكا حيث توجد حالة من اللامركزية وحيث يتم التعايش بين القوميات في دولة مختلطة بشكل منسجم .
وأكد أن المفوضية المدنية الدولية في البوسنة لن تعمد إلى كتابة الدستور البوسني وإلى خلق " دايتون 2 " بل يتوجب على البوسنيين فعل ذلك بأنفسهم وقد اثبتوا أنهم قادرون على ذلك عندما نجحوا في توحيد التيارات السياسية المختلفة وخلقوا حكومة من ائتلاف كبير.
واعتبر اشدون ما تحقق في البوسنة في الأعوام التسعة الماضية أنه " معجزة حقيقية " مقارنة بالوضع الذي كان قائما قبل التوصل إلى اتفاقات دايتون حيث قتل نحو 250 ألف شخص وخسر نصف مليون آخر بيوتهم.
وأضاف : لقد ترعرعت في بلفاست حيث احترقت البيوت في عام 1969 وابعد الكثير من الناس وبعد تسعة أعوام من ذلك لم يتغير شيء فإلى اليوم لا يزال الأطفال يفقدون أثناء توجههم إلى مدارسهم في ايرلندا الشمالية ولا توجد هناك آمال مثلما هو الأمر في البوسنة أما في قبرص التي قسمت عام 1976 بين اليونانيين والأتراك فإننا لا نزال نجد الحدود قائمة إلى اليوم على خلاف الوضع في البوسنة حيث يمكن لكم أن تسافروا من أي منطقة تريدونها إلى أي منطقة وباختصار فان ما حدث هو أمر استثنائي.
واعترف بان سكان البوسنة من المسلمين والصرب والكروات لا يحبون بعضهم غير انه في الكثير من التجمعات السكانية يتعاون الناس في ما بينهم على الرغم من الانتماء إلى معتقدات مختلفة وهنا عاد الكثير من اللاجئين إلى بيوتهم وقبل عام لم يكن يخطر بالبال أبدا بان البوسنة يمكن لها أن ترسل بعثة مراقبة إلى كوسوفو أو أن ينجح برلمان صرب البوسنة في تجاوز الخلافات السياسية الداخلية ويتم الاتفاق بشأن قانون قيمة الضريبة الإضافية
وأكد اشدون أن الجميع في البوسنة يدركون أن من الضروري إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتعزيز صلاحيات البلدات والقرى ومن الضروري الاقتصاد في النفقات لأنه في الفترة الحالية يذهب 60% من الدخل لإدارات الدولة ولهذا الأمر فان الرواتب التقاعدية منخفضة والمشافي في حالة متخلفة وتجهيزات المدارس سيئة وبسبب هذا الأمر لا يحصل القضاة على رواتب عالية .
وأكد أن البوسنة والهرسك تعيش الآن نوعين من التحولات ففي الوقت الذي ستتجه فيه البوسنة بعمق اكبر نحو الأطر والهياكل الأوروبية الأطلسية يجب على المجتمع الدولي السير بالاتجاه المعاكس أي الانسحاب منها والتخفيف من تدخله في البوسنة وعملية التحول هذه يجب أن تكون واضحة ومرئية.
وأضاف : اعتقد أنه بعد فترة سيتوجب أن يحل مكاني هنا في ساراييفو ممثل رفيع عن الاتحاد الأوروبي ولدي شعور يقول إن ذلك سيحدث قبل الانتخابات المحلية التي ستتم في عام 2006 .
وردا على سؤال حول طول الفترة الزمنية التي ستبقى فيها الوحدات العسكرية الدولية في البوسنة قال : خذوافي الاعتبار كم من الوقت تواجد الأميركيون في ألمانيا بعد الحرب. إن هذه القوات ستستمر هنا إلى أن تنجز مهمتها وهي إضفاء الاستقرار ، غير أن تغييرا ما حصل فقد حلت مكان قوات ايسفور قوة اوفور الأوروبية التي لديها تفويض مختلف مثل التركيز على محاربة الجريمة المنظمة ومن الممكن بعد عدة أعوام ان يبقى في البوسنة والهرسك 2ــ 3 آلاف جندي .
وانتقد اشدون قيادات صرب البوسنة لعدم تعاونها حتى الآن بشكل جدي في ملف كبار المتهمين بارتكاب جرائم حرب مؤكدا أن الصرب لم يلقوا القبض خلال الأعوام التسعة الماضية على أي واحد من المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل محكمة جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا السابقة في حين القت قوات الناتو في أراضي جمهورية صرب البوسنة المقامة على تسعة وأربعين في المئة من مساحة البوسنة وفق اتفاقات دايتون على 20 متهما .
وأكد انه لا يطلب من الصرب أن يسلموا زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كارادجيتش وقائد قواته رادكو ملاديش وان كان يتوجب عليهم فعل ذلك وإنما يطلب منهم أن يبدأوا التعاون مع محكمة جرائم الحرب مشددا على أن مستقبل البلاد يجب أن يكون العدالة لأنه من دون إحلال العدالة لا يمكن توفير السلام المستقر.