مواقع إلكترونية تتجهللورق
سعوديون يشمون الصحف وينتظرون جرائد جديدة

شبان سعوديون ينتظرون صحفًا جديدة
عبدالله المغلوث من فلوريدا: بدا المشهد وكأن أطراف وأيادي نبتت للجريدة عندما لمحت السعودي محمد العودة (74 عامًا) وهو يحدق في صفحاتها وصورها وصدرها بتمعن، خطفها من يديها إلى وجهه، طوقها بذراعيه وأمسكها بأصابع امتلأت بالتجاعيد،اقترب أنفه من الصحيفة تمامًا، استنشق الصحيفة الأميركية بينما سادت الدهشة وجوه الكل، يقول العودة الذي حضر حفل تخرج ابنه حسين في فلوريدا الأسبوع الماضي قادمًا من الإحساء (شرق السعودية) لـ(إيلاف): "لحبر الصحف الذي يعلق في أصابعي، ونكهة الورق التي تقبع في أنفي، متعة لا تجاريها متعة، كم اتمنى أن يأتي اليوم الذي نجتمع فيه نحن الأربعة في الإحساء نتصفح جريدة تعنى بمشاكلنا وتصدر من الحي المجاور".

يتطلع سكان الإحساء والقصيم والطائف وحائل المدينة والقطيف وغيرها من مناطق ومحافظات السعودية الرحبة إلى جرائد تصدر من بينهم وإليهم.. العودة الذي يتدفق في العقد السابع، يعمل في مدينة السفانية بشرق السعودية، يعتمر يوميا قبعة خضراء داكنة، بعد أن يتناول قهوته من زوجته "أم احمد" كما يناديها ثم يتوجه الى مقر عمله في شركة أرامكو السعودية-أكبر شركة زيت في العالم- مرتديًا بنطالًا وقميصًا بني يزدحم بالخطوط البيضاء التي تقف بانتظام وبشموخ "نحن لاننادي زوجاتنا باسمائهن حتى في المنزل، ليس لأسباب دينية ولاتسألني لماذا، أشياء كثيرة لاأدركها".

في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا يذهب محمد الى مطعم الشركة الواسع الذي يقدم وجبات متكاملة لآلاف الموظفين، يحمل صينية تعج بالأطباق المليئة بالأرز والدجاج والسلطة، يضع طعامه والجريدة التي يتأبطها على الطاولة "أقرأ جريدة اليوم التي تصدر من الدمام ظهر كل يوم، اتفقد فيها أخبار المنطقة الشرقية، لكن مازلت جائعًا".
يعتقد العودة أن الإحساء التي يسكنها ليست الوحيدة التي تحتاج إلى جريدة "القصيم أيضًا، أيعقل أن منطقة بهذا الحجم والمحافظات التي تتبعها لاتملك جريدة تعبر عنها كما ينبغي؟".

بعد 96عامًا!
السعودي أحمد العمري يدرس الاعلام في جورجيا (جنوب أميركا)، يعشق مسقط رأسه المدينة على نحو ملموس، يملأ بريد الأصدقاء بمقالات وتقارير يكتبها الكثيرعن منطقته التي تكتظ بالشعراء والأدباء والكتاب، يستغرب العمري عدم حصول مدينته المنورة على تصريح لجريدة تصدر بانتظام منها، حيث صدرت جريدة "الرقيب" لمحرريها إبراهيم خطاب، وأبو بكر الداغستاني عام 1909 من المدينة ثم انطلقت "الأولى" بعدها بفترة قصيرة. يقول العمري لـ(إيلاف) "تاريخ الصحافة السعودي يدين للمدينة وابنائها، اعتقد بعد مرور نحو 96 عامًا على صدور أول صحيفة في المدينة ينبغي أن نحتفل بجريدة جديدة للمنطقة تمسح أحزاننا التي تفاقمت بسبب توقف صحف عريقة منذ زمن بسبب مشاكل مالية، الظروف مناسبة الآن في ظل هامش الحرية الكبير والاصرار الذي نطالعه في الوجوه".


مواقع تتجه للورق
انتشرت في الأعوام القليلة الماضية صحفًا الكترونية تغطي أخبار المناطق بشكل لايقل حرفية ومهنية عن الصحف الرسمية السعودية، من ضمن هذه المواقع يبرز موقع شبكة راصد الإخباري، الذي يهتم بأخبار محافظة القطيف ومراكزها المختلفة، يمتد أحيانا لتغطية العديد من المناشط في المنطقة الشرقية. يقول المحرر في الشبكة مصطفى الخطي إن القائمين على الموقع يتطلعون ان ينطلقوا ورقيًا: "بلا شك نتطلع لأن يكون لموقع الشبكة مجلة ورقية تستهدف شريحة عريضة من القراء الذين تحول أسباب عديدة دون استطاعتهم مطالعة الموقع الإلكتروني، لكن هناك اسباب عديدة تحول دون تحقيق حلمنا، لكن ندرك أن الأيام المقبلة ستنصفنا وستساعدنا على تقديم المزيد من الأعمال التي تعكس حرصنا على وطننا الكبير".

ويرجع الخطي سبب انطلاق الشبكة إلى أن : "هناك الكثير من الفعاليات والمناشط في القطيف ومحافظات الشرقية لاتحظى باهتمام كبير، كمواطنين وجدنا أنه من واجبنا متابعة أخبار محافظتنا وسكانها بشكل يعكس الانتماء والتقدير لهذا الجزء من الوطن".

انطلقت شبكة(راصد) في ايار(مايو) عام 2003 بدون تمويل من اي جهة. يقول الخطي: "شبكة راصد الإخبارية موقع غير مدعوم من أي جهة أو تيار ديني أو سياسي في المجتمع إنما يتم تمويله من قبل متطوعيين لا يشكلون بمجملهم توجهًا بعينه أو شريحة محددة من أبناء المجتمع".

ويعقد كثيرون من أبناء القطيف الأمل على (راصد). يقول الطالب علي السالم (25 عامًا) "رغم أن اعضاء هيئة تحريرها من المتطوعين الا انها اثبت نجاحها، نرجو ان تتجاوز الشبكة الصعوبات التي تواجهها وتستمر بل وتظهر ورقيًا في المقبل من الأيام لأنها استفادت من تجربتها الماضوية".

مجلة الاسلام اليوم تحولت الى الورق
وصدرت مؤخرا مجلة "الاسلام اليوم" الورقية بعد ان حقق الموقع على الانترنت نجاحًا ملموسًا عبر الأخبار التي يبثها والفتاوي التي يجيب عليها مشايخ عدة في مقدمتهم مشرف عام الموقع الدكتور سلمان فهد العودة.

700صحافي!
خالد السهيل- نائب رئيس مجموعة الصحافة في الجمعية السعودية للإعلام والاتصال- دعم في تصريح سابق لـ(إيلاف) صدور المزيد من الصحف السعودية "أدعم وبشدة. أنا أتصور أن الخطوة المستقبلية هي الاستثمار في المجتمعات الصغيرة. الصحف التي تمتد اهتماماتها على المستوى الوطني مطلوبة، لكن المطلوب صحف تهتم بكل منطقة على حدة. وأحسب أن النجاح سيكون حليفا لهذه التجارب إن تم تنفيذها بالشكل المناسب".

يستشهد مدير تحرير الاقتصادية: "بأن الشواهد تؤكد لنا أن بعض الصحف غير الناجحة والمتعثرة، لم تستطع أن تكسب المجتمع القريب ولا البعيد. بينما لو ركزت تلك الصحف على مجتمعاتها الأقرب لحققت النجاح الأوفر".

يتمنى مدير تحرير "الاقتصادية" تفاعل وزارة الاعلام السعودية مع الرغبات المتنامية: "أعود لأقول لك نعم أنا أؤيد أن يغدو لكل منطقة الصحيفة الناطقة بلسان حالها. وإذا كانت تلك المناطق تبدد ميزانيات عديدة من أجل إصدار مطبوعات ومجلات لا يقرأها حتى من أعدوها، فلا أقل من أن يتم تجميع هذه الأموال ووضعها في صحيفة تتمتع باحترافية عالية وتكون لسان المجتمع المحلي في المنطقة بكل فئاته وطوائفه وقطاعاته العامة والخاصة. ونحن نعول أن تخطو وزارة الثقافة والإعلام خطوة باتجاه مزيد من المرونة في هذا الإطار".

يذكر أن صحف السعودية الحالية تسعة وهي: أم القرى (الجريدة الرسمية)، الرياض، عكاظ، المدينة، البلاد، الجزيرة، اليوم، الندوة، الوطن، ويبلغ عدد الصحافيين المتفرغين في أرجائها نحو700 صحافي، وتأسست هيئة للصحافيين العام الماضي يرأس تحريرها رئيس تحرير الرياض الأستاذ تركي عبدالله السديري، ويأمل الصحافيين أن تشهد الحركة الصحافية السعودية ازدهارا في الأعوام المقبلة تماشيا مع تأسيس الهيئة والاهتمام الذي تجده المطبوعات من قبل المتلقي والمسؤول.